وبرزت آثار اللطمة الموجعة في تغريدة الصدر عقب اجتماعه بقاآني في مدينة النجف، مساء (الثلاثاء)، التي كرر فيها: «حكومة أغلبية وطنية.. لا غربية ولا شرقية»، وهو ما اعتبرته مصادر عراقية تأكيدا جديدا على أن الخاسرين الموالين لنظام الملالي لم يعد لهم مكان في تركيبة الحكومة المرتقبة، ليس هذا فحسب بل إن المرحلة القادمة يمكن أن تشهد محاكمة ومعاقبة المتورطين في جرائم فساد وخيانة وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. وهكذا بات الصراع على أشده بين مشروعين متضادين أحدهما يقوده الصدر ويسعى لوضع العراق على طريق الاستقلال عن القرار الإيراني، والآخر يقوده «الإطار التنسيقي» ويريد استمرار بلاد الرافدين «حديقة خلفية» لطهران ومشروعها التخريبي التفكيكي في المنطقة.
فالصدر يطرح مشروع الأغلبية الوطنية الذي يضم الفائزين في انتخابات أكتوبر الماضي، وهو حق قانوني أصيل، فيما تقدم «القوى الولائية» مشروع الأغلبية السياسية لضمان مشاركة جميع الأطراف بشكل توافق في تشكيل الحكومة، وهو المشروع الذي أعاد العراق أزمنة إلى الوراء.
وعلى وقع هذا الخلاف الذي أدى إلى تجميد مشاروات تشكيل الحكومة وإخفاق البرلمان في عقد جلسة انتخاب رئيس للبلاد بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني، تمارس طهران دورها الخبيث عبر إرسال مسؤولها العسكري قاآني في زيارات ماراثوينة إلى بغداد والنجف، إلا أنها لم تجد ضالتها، ولم تنجح في ثني الصدر عن مواقفه الوطنية، الأمر الذي يرشح بتفاقم الصراع وسط مخاوف من اندلاع شرارة العنف والتحشيد في الشارع والدخول في مرحلة الصدام المسلح، خصوصا أن القوى المناوئة للتيار الصدري تمتلك مليشيات ممولة ومسلحة من النظام الإيراني.
ويحذر مراقبون سياسيون من مخطط القوى الخاسرة الساعي إلى إعادة العراق إلى دائرة العنف والاغتيالات والدخول في مرحلة الفراغ السياسي بإيعاز من طهران خوفاً من تلاشي الكثير من قواها وأذرعها المسلحة التي عملت على صناعتها منذ عقود من الزمن. ولفت المراقبون إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية أفرزت واقعا صادمة للنظام الإيراني، إذ سجلت مليشياته تراجعا كبيرا وصل حد إفلاس عدد من أذرعها، في وقت حقق التيار الصدري وقوى مستقلة صعودا لافتا.
وبحسب مصدر عراقي، فإن رسالة الصدر إلى مرشد الملالي عبر موفده قاآني وضعت النقاط على الحروف، إذ كشفت إصرار زعيم التيار الصدري على التمسك بمشروع حكومة الأغلبية ولفظ زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وهو ما لن ترضى به طهران.