وببركة الجهود القائمة على النوايا الصادقة، حقق يوم 22 فبراير حضوراً في ذاكرة الأجيال كونه يوم تأسيس الدولة السعودية الأولى، وزمن نواة السعودية العظمى التي نستظل ونحتمي ومعنا ملايين الشعوب والجنسيات تحت ظلها، ليغدو لهذا اليوم، دلالته الرمزية والواقعية بحكم ما حقق بعمقه من تراكمية، بين إرث حضاري يمتد لعشرات القرون، وبين التحولات الاستراتيجية التي عاشتها وتعيشها بلادنا.
ويرى أستاذ التاريخ في جامعة أم القرى الدكتور إبراهيم بن عطية الله السُّلمي: أن العمق التاريخي للمملكة العربية السعودية، عمق تاريخي يقف على أرضها المباركة ذات الموقع الاستراتيجي عبر العصور، إذ تملك من الثروات الطبيعية والبشرية الشيء الكثير مما له جذور تاريخية تعود لآلاف الأعوام. وأوضح الدكتور السلمي أن المطّلِع على تاريخ المملكة العربية السعودية والقارئ له اليوم يعلم أن أرضها حوت العديد من الحضارات البشرية، ذات الإرث الحضاري الذي لا يستهان به، فشواهدها، ذات العراقة والأصالة ماثلة للعيان، منها الكعبة المشرفة، والمسجد النبوي، والعلا، وقرية الفاو، والأحفورات، واللُقى الأثرية، وقصر المصمك نماذج لتلك الشواهد الحضارية.
وأضاف: واليوم تعتمد رؤية 2030 السعودية على عدد من المرتكزات من أركانها العمق التاريخي والحضاري للوطن السعودي.
وقال إن استحضار هذا التاريخ أمام الأجيال لمعرفة مسيرة الدولة وكفاح الأجداد، كون استحضار يوم التأسيس أمام الأجيال، أمرا بالغ الأهمية فهو يربط الجيل المعاصر بالتاريخ العظيم للوطن، عندما حول الإمام محمد بن سعود الفكرة السياسية إلى واقع ينطلق من مدينة الدرعية المدينة الدولة إلى كيان سياسي اليوم هو نموذج عالمي في كثير من التطور السياسي والحضاري.
هذا الاستحضار يصف تلك الصورة من التفكك والفوضى قبل قيام الدولة السعودية ومدى التغير الكبير للتحول إلى مرحلة من النضج والتنظيم.
ثلاثة قرون من قيام الدولة السعودية الأولى لإركاز القيم المهمة من اعتماد الكتاب والسنة نهجاً، وإرساء الأمن والاستقرار للجميع، وجمع الكلمة ووحدة الصف، ونشر العلم والثقافة. كل ذلك أوجد دولة راسخة أمام كل المتغيرات والتحديات العالمية.
إن صدور الأمر الملكي المبارك ليوم التأسيس هو ضمن سياق اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز حفظهما الله بترسيخ تلك الذكرى المباركة لجهود الآباء والاجداد والتضحيات الكبيرة التي قاموا بها لكي ننعم اليوم بحياة تعتمد الجودة مقاييس لها.
ولفت إلى أن «يوم التأسيس» يمثّل ذكرى وطنية سنوية وانعكاس أثر ذلك داخليا وخارجيا، لكونه يؤرخ لأيام تاريخية ومحطات مفصلية في تاريخ الدولة السعودية، فهي ذكرى تؤصل بداية الدولة السعودية وتؤكد عمقها الزمني، وهو بهذا ينعكس إيجاباً على المواطنين والمقيمين، وكذلك رؤية الآخر من خارج النطاق الجغرافي. وهذا الاهتمام الوطني بذكرى التأسيس أمر تفاخر به عدد من الدول ذات التاريخ البشري كاليابان وأستراليا والمجر.
وعدّ «يوم التأسيس» مؤصلاً لجلاء المفاهيم عن الحقائق التاريخية، والاحتفاء به تأصيلا علميا تاريخيا للتاريخ الوطني خاصة، والأحداث التاريخية على العموم، وتأكيدا لمنهجية الدراسة التاريخية التي لابد أن ينظر إلى مروياتها بعين المراجعة العلمية، والنظر الفاحص، خصوصاً لتلك الحقب التاريخية التي لم تدون في عصرها.