كفيفتان فلسطينيتان ترويان تفاصيل تنكيل الاحتلال بهما

رغم مرور عدة أيام على اقتحام جيش الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهما، إلا أن الفلسطينيتين الكفيفتين دعاء ومها، ما زالتا تعيشان آثار الصدمة النفسية، التي خلّفتها اعتداءات الكلاب المرافقة للجيش عليهما.

“مها” و”دعاء” نمر عبد الرازق، شقيقتان كفيفتان، تعيشان مع والدتهما المسنة وحدهن في منزل مكون من طابقين في مدينة طوباس، شمال الضفة الغربية المحتلة.

فجر الثلاثاء 22 شباط/ فبراير المنصرم، اقتحم جيش الاحتلال منزلهن بحثاً عن مطلوب فلسطيني، وبعد ساعة من الاقتحام والتحقيق الميداني تبين أنه المنزل الخطأ، فانسحب الجيش وترك خلفه آثار صدمة نفسية كبيرة في حياتهن.

دعاء (48 عاماً) هي الأخت الكبرى، وتعمل مأمورة قسم، في مديرية الصحة في طوباس.

تروي للأناضول، أنها استيقظت على صوت غريب في الخارج، وتوجهت إلى باب المنزل الرئيسي معتقدة أن هذا الصوت يصدر من تحركات أختها مها، وأن هناك مكروهاً أصاب والدتها.

وقالت: “سمعت صوتاً في الخارج وما إن أمسكت بيد الباب، حتى هاجمني كائن غريب، أمسك بيدي وبدأ بضربي فاعتقدت أنه جِنّي، ومن ثم سمعت أصوات أشخاص يصعدون درج المنزل، ولم يتحدث معي أحد منهم”.

وبشكل شبه يومي، يجري الجيش الإسرائيلي عمليات اقتحام ليلية في الضفة الغربية المحتلة؛ بحجة البحث عن من يقول عنهم إنهم “مطلوبون”.

ذعر وصراخ

بدأت “دعاء” تصرخ وتنادي على أختها “مها” كي تستيقظ، وحاولت الوصول إلى غرفتها، إلاّ أن الكلب جرّها إلى الصالون وهو يعض يدها.

وأضافت: “كنت أبكي وأصرخ: من هناك؟ وماذا يجري؟ دون أن يشعرني الجيش ماذا يجري، حتى قام أحد الجنود بالنداء على الكلب، فعلمت من لغته العبرية أنهم من قوات الاحتلال”.

وأشارت عبد الرازق، إلى أنها صرخت على الجندي باللغة العبرية: “لماذا دخلتم على المنزل بهذه الطريقة؟”، ورد عليها بأنه يتحدث العربية بطلاقة وأنه يبحث عن شخص ما، فردت عليه: “أنت في المنزل الخطأ”.

وتابعت قائلةً: “طلب مني إثبات أن هذا ليس المنزل المطلوب، فأشرت إلى غرفة والدي المتوفي وأن كل شيء ما زال فيها، فبدأ بفتح كل الخزائن والتفتيش بالرغم من اعتراضي”.

وأكملت دعاء: “طلب مني إحضار هويتي، إلا أنني من الصدمة نسيت أين هي، وبعد دقائق طويلة تذكرت، وأحضرتها كي أثبت أن هذا ليس المنزل المستهدف من قِبلهم، ومن ثم وقعتُ على الأرض بسبب الاصطدام بشيء”.

لدى دعاء “فوبيا” من الحيوانات، ولم تستطع حبس دموعها عندما قالت: “الكلب تسبب لي بجروح وضربات، وأخذت ثلاث حقن مضاد حيوي، وطوال الليل وأنا أحلم بالكلب كيف هاجمني ولم أتمكن من النوم، وقد أثر عليّ نفسياً بشكل كبير وتسبب لي بالصدمة”.

 
“انتهاك” للقانون

أما شقيقتها الأصغر مها (40 عاماً) وتعمل مُعلّمة في مدرسة النور الأساسية للمكفوفين في مدينة جنين (شمالا)، فتروي أنها كانت نائمة مع أمها في الغرفة، عندما استيقظت على صوت “دعاء” تنادي عليها: “مها، لماذا تنزلين الدرج؟”، فردت عليها أنها في الغرفة.

وقالت: “حينها علمتُ أن هناك شيئاً، وارتديت ملابس الصلاة، وبشكل مفاجئ قبل أن أنهض من السرير هاجمني شيء غريب وجرني من السرير، وبدأ بضربي على رأسي ورجلي والمناطق الحساسة، لمدة خمس دقائق وأنا أصرخ: ماذا يجري؟ ما هذا الشيء؟، وحاولت أن أبعده عني دون جدوى”.

وتكمل: “سمعتُ صوت دعاء، وهي تصرخ وتقول: إن هناك جِنّيا.. فاعتقدتُ بنفس الشيء”.

وأضافت: “خلال ثلث ساعة، لم أكن أعرف ما هو هذا الشيء، وصوتي صار مبحوحاً من شدة الصراخ”.

أمّا الأم، فعجزت عن الكلام من شدة الصدمة في البداية، حتى تمالكتْ نفسها، وأخبرتها ابنتها “مها” بأن هناك جنوداً في المنزل وهذا كلبهم.

ومضت “مها” قائلة: “دخل الجنود ولا أعرف عددهم، وبدأوا بالتحقيق معي عن شخص مطلوب، وأخبرتهم بأن هذا الشخص لا يعيش عندنا، وقاموا بالتحقيق أيضاً مع أمي وأختي، ورفضوا أن تذهب أمي للحمام، بالرغم من أنها مريضة”.

وتطالب “مها” المؤسسات الأهلية والحقوقية والدولية، بالعمل على محاسبة جيش الاحتلال الإسرائيلي على ما فعله بها وشقيقتها ووالدتها، حتى “لا تتكرر الحادثة”.

وتضيف: “ما جرى جريمة، ويجب الاعتذار، حيث انسحب الجنود من المنزل دون أي اعتذار أو اعتراف بالخطأ”.

وختمت: “عندما توجهتُ إلى المدرسة في اليوم التالي، بدأ جميع الطلبة والمدرسين (مكفوفين) بتخيل الحادثة، وكيف هو الحال لو هاجمتهم الكلاب المرافقة لقوات الاحتلال، ما خلق حالة من التوتر بينهم”.

وتقول مؤسسات فلسطينية، إن السلطات الإسرائيلية صعدّت مؤخراً من اعتداءاتها بحق الفلسطينيين المتمثلة في حالات قتل واعتقال واقتحام منازل، خاصة في الضفة الغربية.