الغذامي يفكك عنصرية مراسل CBS في مساحة الوطن

أخضع الناقد الدكتور عبدالله الغذامي عبارة مراسل «سي بي اس» (من المحزن أن نرى أطفالا بعيون زرق وشعر أشقر يتعرضون للقصف من بوتين) للنقد الثقافي، الذي كان محور الانطلاقة الأولى لـ «مساحة الوطن» بموقع تويتر مساء أمس تحت عنوان (النقد الثقافي.. جناية أدونيس أو الغذامي). تناول الغذامي في أطروحته كضيف للمساحة التي حضرها قرابة 700 مستمع، اعتذار المراسل الأمريكي عن جملته في اليوم التالي، قائلا: «نحن الآن أمام هذه الجملة التي تكشف المستويين اللذين يعمل عليهما النقد الثقافي (المضمر/ الواعي) واعتذار الصحفي هذا وعي، أما قوله «الشعر الأشقر والعيون الزرق» نسق. والنسق المضمر لا يظهر إلا في هذه الحالات غير السوية، حالات اختلاف الوعي، جاءت الجملة الاعتذارية كاشفة عن أنها ذات بعد ثقافي، فهي الجملة التي ستفتح الكنز المخبوء للأنساق»، مشيرًا إلى أن الجملة تحيل إلى القارة الأوروبية بمجملها، التي انتجت نوعين من الخطاب (فلسفي/ديكتاتوري). مستحضرا أسماء ديكارت وهيجل وكانط كمنتجي فلسفة أوروبيين، ونابليون وهتلر وبوتين كأسماء انتجت في الوقت ذاته الخطاب الديكتاتوري.

اللؤلؤ الأسود

واستفاض الغذامي في حوار المساحة التي قدمتها الزميلة غلا أبو شرارة، وأدارت الحوار الكاتبة بصحيفة «الوطن» والروائية عبير العلي، في توضيح مفهوم النقد الثقافي الذي كان الغذامي قد أطلقه عام 2000، ذاكرًا أن «النقد الثقافي من الممكن أن يتكشف لنا عبره النسق المضمر». مستشهدًا بجملة المراسل الأمريكي، التي وصفها بأنها تمثل «الجملة الثقافية النادرة مثل ندرة اللؤلؤ الأسود النادرة وتختلف عن الجمل النحوية والأدبية».

ولفت إلى «وجود نسقين أحدهما ظاهر واعي والآخر مضمر، ظل يتكرر في حياة البشر، وأنه منذ أفلاطون والنسق يتحرك في أوروبا نفسها ويعيد ترتيب نفسه ويعود ليكون الصراع بين بوتين وأوكرانيا تحت عنوان أن هذا يقول هذا نازي والآخر يرد ويقول هذا نازي. وهذه من خصائص النسق».

شحاذة المتنبي

وردًا على سؤال عبير العلي عن حقيقة وصفه للمتنبي في كتابه عن النقد الثقافي بـ«الشحاذ»، قال الغذامي قصيدة المتنبي عن كافور «لا تشتري العبد …» تشبه نسقية الصحفي الذي تحدث عن العيون الزرق. تظل هذه الصراعات بين الأنساق هي القضية الأساسية في النقد الثقافي التي تجعل وظيفته مختلفة بالضرورة عن الأدبي، لأن النقد الأدبي بحث في النصوص بينما الثقافي بحث في الأنساق.

والأنساق تختبئ تحت الجمالي ولولا الجمالي ما أمكن تسويقها. لولا جمال قصيدة «عيد بأية حالة عدت يا عيد» وهجاء المتنبي لكافور، وكون المتنبي شاعرًا عظيمًا لم تمر قصيدة المتنبي ونتذوقها، متجاهلين العيوب التي فيها، لأن العيوب التي فيها حتى لو لم نجهر ضد السود ولا نقول بالعبيد والسادة، لكن مع اندماجنا بالنص نقولها ونمارسها، زعما منا أننا أمام مجازات وأن المجازات لا يقصد بها ما وراءها وأنها ليست حقيقة. فنحن نستهلك الجمال مع عيوبه، وعلى الناقد توضيح ذلك.