الحرب الروسية ترتفع أسعار القمح والأرز ومواد البناء في مصر

شهدت الأسواق المصرية ارتفاعاً في أسعار العديد من السلع خلال الأيام الماضية على واقع الحرب الروسية الأوكرانية.

وجاءت في مقدمة السلع التي شهدت أسعارها ارتفاعاً كبيراً، القمح، الذي ارتفع بواقع ألف جنيه للطن “حوالي 64 دولاراً”، بما يعادل 20 %، حسب غرفة الحبوب في اتحاد الصناعات المصرية.

وقال إيهاب إدريس، عضو غرفة الحبوب في اتحاد الصناعات المصرية، إن سعر طن القمح يتراوح بين 6 آلاف إلى 6 آلاف و500 جنيه، نتيجة تداعيات الارتفاع العالمي جراء الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأوضح، أن الارتفاع في سعر القمح نتجت عنه زيادة أسعار الدقيق الحر، التي ارتفعت بنحو 20 %، لتتراوح بين 7 و8 آلاف جنيه للطن.

وجاء ارتفاع سعر طن القمح في مصر، البلد الذي يعد أكبر مستورد للقمح في العالم، نتيجة ارتفاع أسعار القمح عالمياً، فوق مستوى 11 دولاراً للبوشل (27.2 كيلوغراماً) للمرة الأولى منذ 14 عاماً.

ووفقاً لتصريحات وزير التموين، فإن مصر لديها مخزون استراتيجي من القمح لمدة 4 أشهر، لكن هيئة السلع التموينية، أكبر مستورد في مصر للقمح، ألغت مناقصتين هذا الأسبوع لشراء القمح بسبب ارتفاع الأسعار وانخفاض العروض المقدمة.

وألغت القاهرة، خلال أسبوع واحد، مناقصتين لشراء هذه السلعة التي تحتاجها لتوفير الخبز.

وقفزت أسعار القمح في بورصة شيكاغو الأمريكية إلى أعلى مستوى لها منذ 14 عاماً، مواصلة مسار الصعود في سابع أيام حرب روسيا وأوكرانيا.

وحسب بيانات وزارة الزراعة الأمريكية، فإنه خلال الفترة من يوليو/تموز 2020 إلى يونيو/ حزيران 2021، بلغت واردات القمح الروسي إلى مصر 8.96 مليون طن من إجمالي 13.3 مليون استوردتها مصر خلال هذه المدة.

وتشير توقعات وزارة الزراعة الأمريكية إلى ارتفاع واردات مصر من القمح إلى 13.6 مليون طن خلال موسم الحالي.

وسيرتفع استهلاك مصر من القمح خلال الموسم الحالي ليبلغ نحو 23 مليون طن، بزيادة نسبتها 2.1 % عن الموسم الماضي بسبب ارتفاع عدد السكان.

ارتفاع أسعار الأرز

إلى ذلك، ارتفعت أسعار بيع الأرز، ليصل سعر الأرز عريض الحبة (البلدي) إلى 6500 جنيه للطن بدلاً من 6 آلاف جنيه.

نائب رئيس شعبة الأرز بغرفة صناعة الحبوب في اتحاد الصناعات المصرية، مصطفى السلطيسي، أرجع ارتفاع أسعار الأرز، في تصريحات صحافية، إلى الأزمة الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على جميع القطاعات الاقتصادية العالمية والمحلية.

تأثير الحرب طال أسعار الأرز، رغم اعتماد مصر على الإنتاج المحلي لتغطية نحو 80 % من احتياجاتها، جاء نتيجة سيطرة التجار على معظم الإنتاج المحلي الموسم الماضي، وتخزينه بالتزامن مع ارتفاع أسعار الحبوب عالمياً جراء الحرب، استغلالاً للأزمة.

وتشتري وزارة التموين كل عام كميات مختلفة من الأرز من التجار عبر مناقصات، لتوفيره على البطاقات التموينية والمنافذ.

ارتفاع أسعار مواد البناء

وطالت موجة ارتفاع الأسعار مواد البناء، وسجلت أسعار الحديد في مصر ارتفاعات جديدة خلال الأيام القليلة الماضية، بلغت قيمتها500 جنيه مصري “حوالي 30 دولاراً”.

كما ارتفعت أسعار حديد الشركات الاستثمارية (تستورد البليت)، بنحو 600 جنيه مسجلة 14ألفاً و900 جنيه.

وبرر اتحاد الصناعات المصرية ارتفاع أسعار الحديد خلال الفترة الأخيرة في مصر إلى صعود الأسعار العالمية، كرد فعل على الغزو الروسي لأوكرانيا، التي كنا نستورد منها كميات كثيرة من “البليت” قبل فرض الرسوم الوقائية.

وكانت شعبة مواد البناء في اتحاد الغرف التجارية توقعت قبل أيام، أن تبدأ المصانع في رفع الأسعار بداية من أول شهر مارس/ آذار الجاري.

ووفق بيان للشعبة، فقد سجلت أسعار الحديد ارتفاعاً بما يتراوح بين 500 و1200 جنيه للطن، ولفتت إلى أن أسعار الحديد في الوقت الحالي تتراوح ما بين 16100 جنيه إلى نحو 16300 حنيه. فيما قال تجار إن الأسعار للمستهلك تصل إلى 16600 جنيه للطن.

حركة الشحن

وأكدت شعبة مواد البناء إلى أن تداعيات الحرب بين روسيا وأوكرانيا رفعت أسعار الحديد في المصانع الاستثمارية مع زيادة الطلب خلال الفترة الحالية بالسوق المحلية، والتخوفات من حركة الشحن.

كانت غرفة الصناعات المعدنية في اتحاد الصناعات، قد كشفت أن مصر تستورد البليت من العديد من الدول، ولكن ثلث واردات مصر من البليت من أوكرانيا، وتستورد معادن أخرى بينها الصاج من روسيا.

وأكدت أن رفع أسعار الحديد في بعض المصانع خلال الفترة الحالية جاء نتيجة ارتباك حركة الشحن العالمي بسبب تداعيات الحرب والتخوفات من نقص الخام بالأسواق.

وتشير البيانات الرسمية إلى أن مصر تنتج حوالي7.9 مليون طن من حديد التسليح، وحوالي 4.5 مليون طن بليت، بينما تستورد 3.5 مليون طن بليت.

وارتفعت أسعار الأسمنت في السوق المحلية بما يتراوح بين 200 و230 جنيهاً، فيما أرجع مصنعون وتجار هذه الزيادة إلى ارتفاع أسعار الفحم المستخدم في صناعة الأسمنت عالمياً نتيجة للأزمة بين روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى قرار جهاز حماية المنافسة الذي سمح لشركات الأسمنت العاملة في القطاع بتخفيض إنتاجها بنحو30 % ما أدى تراجع المعروض أمام الطلب، وبالتالي ارتفعت الأسعار.

زيادة أسعار الأسمنت محلياً

وقال مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت في غرفة مواد البناء في اتحاد الصناعات، إن “زيادة أسعار الأسمنت محلياً، جاء نتيجة طبيعية لارتفاع أسعار الفحم المستخدم في صناعته بالأسواق العالمية، بعد نشوب الحرب بين روسيا وأوكرانيا، خاصة أن هذه المنطقة تمثل أكبر منتج للفحم عالمياً، مع توقف حركة الشحن منها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الفحم بشكل كبير نتيجة لتراجع المعروض أمام الطلب”، لافتاً إلى أن الفحم يمثل حوالي40 % من تكلفة إنتاج الأسمنت.

وأضاف، أن الدول الأخرى المنتجة للفحم هي جنوب أفريقيا وأمريكا اللاتينية، وبالتأكيد سترتفع أسعارها بشكل كبير بعد توقف تصدير الفحم من روسيا وأوكرانيا، موضحاً أن الأزمة الحقيقية ليست في ارتفاع الأسعار فقط، ولكن في إمكانية توفير الكميات التي تحتاجها الصناعة.

ولفت إلى أن المصانع لديها تخوفات حول إمكانية توفر الفحم بعد انتهاء الكميات الموجودة لديها، ما سيقلل الإنتاج في حال استمرار الحرب.

وفى منتصف يوليو/ تموز الماضي، بدأت الشركات المصنعة للأسمنت في مصر والبالغ عددها 23 شركة، تخفيض الطاقة الإنتاجية بشكل مؤقت ولمدة عام؛ بعد موافقة جهاز حماية المنافسة على طلبها، كحل شامل لأزمة القطاع، الذي يعاني منذ عدة سنوات من زيادة المعروض عن الطلب.

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، قال إن بلاده تعاني في الوقت الراهن من آثار اقتصادية سلبية، على وقع الحرب الروسية الأوكرانية التي ألقت بظلالها على العالم بأسره، وخلّفت تداعيات سلبية كبيرة”.

وأضاف خلال اجتماع مجلس الوزراء المصري أمس الأول الخميس، إن بلاده ليست بمعزل عن العالم، وبالتالي هناك آثار سلبية على اقتصادها، وأبعاد مختلفة للأزمة العالمية، تعمل الدولة على التخفيف من حدتها.

وزاد: “الحكومة اتخذت مجموعة من الإجراءات التي من شأنها مواجهة تداعيات هذه الحرب، ومنها العمل على تأمين توافر السلع الأساسية في الأسواق المحلية خلال المرحلة الدقيقة التي يحبس فيها العالم أنفاسه حالياً، إلى حين انتهاء الأزمة العالمية”.

وتابع مدبولي: “الحكومة تتابع الأسواق أولاً بأول لمنع التلاعب بالأسعار، أو استغلال هذه الظروف بصورة سيئة لتحقيق أغراض ومصالح شخصية، إلى جانب التعامل بحسم مع أي ممارسات غير مقبولة من بعض التجار (الجشعين)، ولا سيما أن الدولة عملت خلال الفترات الماضية على توفير مختلف أنواع السلع الأساسية، وتأمين الاحتياطي الاستراتيجي منها”.