الإحساس بالذنب من أبرز المشكلات النفسية التي تواجه الشخص وأكثرها إرهاقًا لمشاعره، ودائمًا ما يتحول الأمر معه من تأنيب الضمير إلى جلد الذات، إذ أن الفيصل بينهما شعرة واحدة، ولذلك فهناك بعض الأفكار التي يجب على من يعاني من هذه المشكلة أن يضعها في ذهنه، ومنها أن الجميع يُخطئ، وأنه لا عليه سوى أن يتعلم من الخطأ.
ذكر الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، خلال حديثه لـ«»، أن الشعور بالذنب أو تأنيب الضمير، هو شعور طبيعي وضعه الله في الإنسان للابتعاد عن المُحرمات، وأنه في العلم النفسي، يُسمى بـ«الأنا الأعلى»، مُشيرًا إلى أن الجهاز النفسي داخل الإنسان يتكون من «الشعور» وهو ما يُظهره الشخص، و«اللاشعور»، وهو ما يرغبه الشخص في بعض الأحيان لكنه يُخفيه خوفًا على مظهره أو نظرات من حوله، وأخيرًا «الأنا الأعلى»، وهو المسؤول عن تبكيت وتأنيب الإنسان عند تبنيه لأفعال متدنية: «الأنا الأعلى دوره أنه يلحقني لو كنت هنساق ورا اللاشعور ورغباتي اللي جوايا».
خطورة الاستسلام لجلد الذات
وأكد «هندي»، على أنه على الرغم من أن «الأنا الأعلى» هو الضمير الحي الذي يمنع الإنسان من التجاوزات، إلا أن هناك خيطٌ رفيع يفصل بين تأنيب الضمير وجلد الذات، لافتًا إلى أن جلد الذات هو المُبالغة في تقييم الأمور والاستسلام لتأنيب الضمير الزائد، كما أشار إلى أن هذه المشاعر العنيفة قد تقود الشخص إلى عقاب الذات، سواء معنويًا بأن يستسلم لأفكاره السوداوية عن نفسه، أو ماديًا بأن يبدأ في إلحاق الضرر بجسده سواء بطريقة مُباشرة أو غير مُباشرة: «يبدأ يقتنع أنه يستاهل العقاب، ولو شعر بأي ألم في جسمه ممكن ميرضاش ياخد علاج من باب أنه بيعاقب نفسه أو يأدبها».
وأوضح استشاري الصحة النفسية، في نهاية حديثه، أن التخلص من هذه المشكلة، يبدأ من خلال العلاج السلوكي المعرفي، أو الغزو المعرفي، والذي يتم من خلاله مساعدة المريض على معرفة حقائق المواقف الإشكالية التي تسببت في شعوره بالندم، كما وجهَّ بعض النصائح لمن تُرهقهم ضمائرهم بشكل مُستمر، مُشيرًا إلى أن الخطوة الأولى للتخلص من كل هذه الإرهاقات هي الاقتناع والتسليم لفكرة أن الإنسان بطبعه خطَّاء وأن الجميع يخطئون ولن يُمكنه العيش بمثالية، بالإضافة أيضًا إلى عدم المُبالغة في تقييم الأمور، وإنما وضعها في حجمها الطبيعي دون تهوين أو تهويل.
أخطاء تتعلق بالمرحلة العمرية
كما أشار «هندي»، إلى أن هناك أخطاء تتعلق بالمرحلة العمرية للشخص، وعليه تقبلها وألا يستسلم لتبكيت ضميره الزائد في حال ارتكابها، مُتخذًا من مرحلة المراهقة مثالًا لتدعيم كلامه، موضحًا أنها تتميز بالتخبط في المشاعر والتوتر والعصبية، مؤكدًا على أن الشخص يجب أن يرفض ارتكاب الأخطاء وألا يستبيحها، وفي الوقت ذاته، إن سقط فيها – وهو وارد – لا يستسلم لتأنيب الضمير وجلد الذات، وإنما كل ما عليه هو التعلم من أخطائه ومحاولة عدم تكرارها.