أثارت الاحداث الجارية حاليا في اوكرانيا عَلى يد إحدى الدول الخمس الكبرى المناط بها صيانة و حفظ الامن في العالم فأصبحت هي التي تمارس العدوان وتهدد الامن والسلم في العالم وهي دولة الاتحاد الروسي وريثة الاتحاد السوفييتي السابق، أثارت هذه الاحداث التي أصبحت تهدد مستقبل البشرية كلها في هذا ألعالم الذي نعيش فيه بعض الذكريات وبعض المعلومات عن أيام انشغالنا بهذه الصناعة بالغة التعقيد وبالغة الخطورة والتي اصطلح
عَلى تسميتها بصناعة النفط ( Oil Industry )..
ومن هنا جاء هذا الحديث.
فالنفط ليس فقط هو المصدر الرئيسي للطاقة التي تحرك كل شيئ في هذا العالم ولكنه قد يكون أيضا هو أحد أسباب نهاية هذا الكوكب الذي نعيش فيه.! اذا لم ينتصر العقل عَلى الجنون.!!
اكتشف النفط بالصدفة صباح يوم 29 أغسطس عام 1859 في ولاية بنسلفانيا في الولايات المتحدة الاميركية عَلى يد مواطن امريكي اسمه دوين ايريك ثم اشتهر بعد ذلك باسم الكولونيل ايريك.
وهو لم يكن عقيدا في الجيش الامريكي ولكنه كان موظفا في شركة كان اسمها
شركة بنسلفانيا لزيت الصخر التي أنشئت في يناير عام 1854. ثم امتدت الاكتشافات بعد ذلك في ولايات امريكية اخرى ثم في باقي انحاء العالم حتى اصبح النفط هو المادة التي تتصدر كل مواد التجارة العالمية في هذا العصر الذي نعيش فيه.
وقد بلغ انتاج النفط العالمي مائة مليون برميل في اليوم لأول مرة عام 2019. ولم يعد يتحرك أي شيئ في العالم إلا بالنفط. !!
و حينما قررت الدول الغربية معاقبة روسيا عَلى غزوها لاوكرانيا كان في مقدمة العقوبات التي تم النظر اليها الوقف التدريجي لاعتماد العالم عَلى النفط و الغاز الروسي رغم ضخامة ذلك الانتاج و رغم اعتماد العديد من الدول
ولاسيما دول اًوربا الغربية عَلى النفط الروسي وعلى الغاز الروسي.!
وكان من الواضح ان المقصود من تلك العقوبات هو حرمان روسيا من عوائدها الضخمة من النفط و الغاز التي تمثل اليوم حوالي 43% من الميزانية العامة الروسية وفرض عزلة إقتصادية عليها. وقد تكون الخسائر الروسية بسبب هذه العقوبات اكبر بكثير من خسائرها في ميادين الحرب الاوكرانية غير المتكافئة
في الجنود و العتاد!!
الحلف المعادي لروسيا وهو حلف الناتو او حلف شمال الاطلسي يهمه ان تستنزف القدرة العسكرية الروسية في هذه الحرب المجنونة. كما يهمه ان تعاني روسيا من العقوبات المفروضة عليها لان ذلك يصب أيضا في صالح ذلك الحلف المعادي لروسيا.
ولكن العالم الغربي فرض العقوبات عَلى روسيا وهو يعلم انه سيعاني هو أيضا من اثار تلك العقوبات .!!
وقد صار الهم الاكبر للدول الغربية المعادية لروسيا هو البحث عن البدائل للنفط الروسي و الغاز الروسي. سواء عن طريق مطالبة الدول المنتجة الاخرى للنفط زيادة انتاجها او عن طريق البحث عن بدائل اخرى للطاقة غير النفط والغاز. ولكن هذا الاحتمال الاخير باهظ التكاليف مقارنة بتكاليف انتاج النفط والغاز.
فما هي المخاوف الحقيقية من هذه الحرب المجنونة الدائرة في اوكرانيا.!؟هناك خوف حقيقي عبر عنه كبار قادة العالم من أن يؤدي النزاع المسلح في اوكرانيا الى احتمال نشوب الحرب العالمية الثالثة والاخيرة.!! فالنزاع والقتال يجري عَلى حافة أراضي ذلك الحلف و المتاخمة للحدود الاوكرانية.!
و أي خطأً مقصود او غير مقصود قد يؤدي إلى كارثة عالمية لا يعلم مداها إلا الله سبحانه وتعالى.
كما أن دول هذا الحلف تعهدت بتقديم كل ما يلزم من الاسلحة و الاجهزة والمعدات الحديثة و المعلومات الاستخباراتية الدقيقة الى الحكومة الاوكرانية لمساعدتها في إفشال هذا الغزو الروسي.! وقالت إحدى الدول الكبرى وهي المملكة المتحدة إن هذا الغزو الروسي لابد أن يفشل.!!
فالامر جاد و خطير والتخوف العالمي من تطورات هذا النزاع المسلح لاشك له كل ما يبرره.!
لا أحد من طرفي هذه الأحداث المؤسفة ينكر خطورة ما يجري في ميادين القتال أو ينكر خطورة ما قد تؤديه صناعة النفط العالمية من دور سلبي او ايجابي في هذه المحنة. فلا الروس يستهينون بالعقوبات و بمردود هذه الحرب عليهم ولا خصومهم في الغرب يقللون من ردود الافعال المتوقعة من روسيا بسبب موقف الغرب مما يجري في اوكرانيا.
ثم ان المصالح الخاصة لدول العالم المختلفة قد لا تتوافق مع مصالح دول حلف الناتو المعادي لروسيا. فلكل دولة من الدول الكبرى المنتجة للنفط سواء في الشرق الاوسط او في دول امريكا اللاتينية وعلى راسها فينزويلا ظروفها وعلاقاتها السياسية و الاقتصادية الخاصة مع روسيا. وقد لا تستجيب تلك الدول للمطالب الاميركية والأوروبية بزيادة قدراتها الإنتاجية من النفط والغاز لتعويض النقص الناجم عن العقوبات المفروضة عَلى روسيا ما قد تنتج عنه أزمة اقتصادية اخرى شعوب العالم في غنى عنها ولا تريدها.
قد تلعب فينزويلا دورا هاما في ذلك اذا قام ألرئيس الامريكي جو بايدن برفع العقوبات المفروضة عايها.
وقد تتجاوب المملكة العربية السعودية مع تلك المطالب في محاولة لمعالجة أزمة الثقة التي نشبت اخيرا بين المملكة و الولايات المتحدة لاسباب معروفة.
السيد بوريس جونسون رئيس الحكومة البريطانية يعتزم التوجه الى المملكة والى دولة الأمارات في محاولة لإقناع قيادة الدولتين بالتجاوب مع هذه المطالب الأمريكية والأوروبية وهما قادرتان عَلى ذلك تخفيفا لاثار العقوبات الغربية المفروضة عَلى روسيا بسبب هذه الحرب.
أما نحن المتفرجون و المتابعون لما يجري فليس أمامنا سوى الانتظار لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا.
هذا الامر المفضل هو أن يدرك السيد بوتين سيد الكرملين خطورة هذه المغامرة التي اتضح الان انه قد أخطأ هو و جنرالاته في تقدير عواقبها بعد أن دخلت عمليته العسكرية اسبوعها الثالث فيتخذ القرار اللازم بوقف هذه الحرب و سحب قواته من كل أراضي اوكرانيا و البدء في مفاوضات دبلوماسية مع القيادة الاوكرانية للتوصل الى ما يضمن أمن وسلامة روسيا و يضمن سيادة اوكرانيا عَلى كامل ترابها الوطني.
ترى ماذا تخبئه لنا الايام. !؟
وإذا كان للنفط دورا في الحرب الجارية اليوم في اوكرانيا فإن هذا النفط أيها السيدات والسادة سلاح ذو حدين ككل سلاح اخر.
وقانا الله و إياكم مما نعلم ومما لا نعلم من شرور الحروب و من شرور النفط أيضا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كاتب ليبي
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0