كثيرًا ما يعاني حديثي التخرج من حالة التخبط والتوهان، وهو ما يحدث نتيجة لعدة أسباب أهمها الرغبة في تحقيق الذات والخوف من المستقبل في حين أن كل شيء أمامهم يبدو مشوشًا وغير واضح المعالم، ما يُصيب البعض منهم بمشاعر التوتر والإحباط واليأس وقد يتطور الأمر إلى الاكتئاب، ولذلك فهناك بعض النصائح لهؤلاء لتجنب كل ذلك وفهم طبيعة هذه المرحلة وكيفية الخروج منها، وأهمها التخطيط الجيد للأهداف والصبر وعدم الاستسلام.
الشباب وأزمة ما بعد التخرج
أكد الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية خلال حديثه لـ«»، أن فترة ما بعد التخرج، من أصعب الفترات في حياة الشباب وأكثرها أهمية، وأنها تُشبه فوهة الزجاجة التي ما أن يتخطاها الشخص بنجاح، يُحلق بحرية في سماء أحلامه، لافتًا إلى أن الشباب في هذه الفترة تنتابهم عدة مشاعر مختلفة تُزعج وترهق عقولهم، منها الرغبة في تحقيق الذات والطموحات، إلى جانب الإحساس بالتوهان والعجز والخوف من المستقبل، مُشيرًا إلى أن هذه المشاعر قد تُصيب الكثيرين منهم بحالة من التوتر والإحباط واليأس وربما تصل إلى الاكتئاب والذي يظهر في عدة صور أهمها إهمال المظهر والنظافة الشخصية.
وأضاف «هندي»، أن حالة التخبط والتوهان التي يعاني منها حديثي التخرج، ربما تعود إلى عدة أسباب منها عدم تحديد الشخص لأهدافه مُسبقًا، والإفتقاد إلى متطلبات سوق العمل الحالية مثل مهارات الحاسب الآلي واللغة والتسويق، ووجود هوَّة بين المؤهل الدراسي ومتطلبات سوق العمل، بالإضافة إلى رؤية نماذج متدنية لأشخاص يصبحون مصدر أحاديث واهتمام الناس، ما يُسبب لحديث التخرج حالة من الحيرة والارتباك وعدم فهم مَن هو على صواب ومَن على خطأ، بالإضافة أيضًا إلى غياب المساندة النفسية والتوعية من الأهل، أو توفير الدعم المادي بشكل زائد يوقِع الشاب في الاعتمادية وبالتالي عدم الإحساس بالحاجة إلى العمل من الأساس.
«هندي»: أغلب الشباب بعد التخرج يكون لديهم طموحات عالية جدًا
وأيضًا من الأسباب التي قد ينتج عنها سقوط الشباب فريسة للتشويش والإحباط في مرحلة ما بعد التخرج، هي النظرة الاجتماعية لبعض المهن، إذ ينظرالناس إلى بعض الأعمال على أنها شيء متدني ومن غير اللائق أن يلتحق بها الشاب الجامعي، ما يُقلل من فرص الشاب في العمل ويُزيد الثِقل عليه أكثر، بحسب ما أكد «هندي»، الذي أشار إلى أن أغلب الشباب بعد التخرج يكون لديهم طموحات عالية جدًا ويرغبون في تحقيقها بشكل سريع، وهو ما يعجزون عنه وبالتالي يُصابون بالإحباط واليأس.
وبالرغم من كل هذه الأسباب والعوامل التي تؤدي إلى سقوط حديثي التخرج في حالة التخبط والتوهان، إلا أنه وبحسب تأكيد استشاري الصحة النفسية فأن مشاعر التخبط والتشويش الذهني التي يعانون منها هي مشاعر طبيعية جدًا ويُصاب بها معظم الشباب وقد سبق وأُصيب بها من هم الآن مصدر إلهام للكثيرين وينظر إليهم الشباب كرمز للنجاح ويتخذونهم قدوة لهم، مُضيفًا أنه لذلك لا يجب الانزعاج من هذه المشاعر والسقوط في الإحباط واليأس بسببها، وإنما على الشباب أن يتقبلوا الوضع ويتعاملوا معه بهدوء وعقلانية، بحيث يعملون على تطوير قدراتهم وتزويد أنفسهم بالمهارات المطلوبة وفي الوقت ذاته عدم الاستسلام واليأس.
وقدم «هندي» في نهاية حديثه، بعض النصائح للشباب من حديثي التخرج لمساعدتهم على تخطي هذه المرحلة بنجاح، وهي ترتيب الأولويات، وتأجيل الارتباط بشريك الحياة لحين قطع خطوات مُرضية في الحياة العملية، والبُعد عن المقارنات غير المستحبة، وأيضًا عدم الاستسلام للإحباط واليأس، والاهتمام بالصحة الجسدية كونها تقود للصحة العقلية، بالإضافة أيضًا إلى مجموعة أخرى من النصائح وهي عدم المكوث في المنزل وانتظار وظيفة بعينها، وعدم وضع حد معين للراتب الشهري، أو لظروف العمل ومكانه، وأيضًا محاولة الحصول على عدة دورات متقدمة في الحاسب الآلي واللغة وعلم التسويق كونها المجالات الأكثر طلبًا الآن، وحول كيفية كتابة السيرة الذاتية «CV»، واجتياز المقابلات الشخصية، كما نصح بالتردد باستمرار على مواقع التوظيف والبحث عن الفرص وعدم انتظار قدومها.