| «سيدة» تتحمل المرض وتعول أبنائها وأحفادها من «فرشة عيش»: قلبي فدا ولدي

هدوء وابتسامة جميلة تسكن ملامح الأم السبعينية «سيدة»، وهي تجلس خلف أقفاص العيش على رصيف بأحد شوارع حي بولاق الدكرور محافظة الجيزة، ورغم هذه السعادة الظاهرية، إلا أنها في الداخل أشبه بمن يضم كفيه على جمرة نار، إذ تحاول مساعدة أبنائها وأحفادها الأربعة، بينما ما زالت تتمنى عودة ابنًا آخرا تغيب منذ أكثر من 12 عامًا ولم تراه من حينها. 

قصة كفاح طويلة عاشتها سيدة علي، صاحبة الـ71 عامًا، لتعوض إهمال زوجها الذي تخلى عنها وأبنائه منذ ما يقرب من 20 عامًا، ما جعلها تضطر للخروج إلى الشارع والعمل في بيع الخبز لتعول نفسها وتساعد ابنها «علي» في تربية أطفاله الأربعة، الذي يعمل سائق على ميكروباص ولا يجني منها سوى الفتات، لذا تحاول مساندته متناسية كِبر سنها ووهن صحتها.

«سيدة» تكافح في بيع العيش لأجل أبنائها وأحفادها

«عايشة في شقة ابني وبندفع 600 جنيه إيجار غير تمن الأنبوبة وفواتير المياه والكهرباء».. قالتها الأم، في حديثها لـ«»، كونها لا تزال على ذمة زوجها رغم تخليه عنهم، ما حرمها من صرف أية معاشات، لذا ففرشة العيش هي مصدر رزقها الوحيد فتلزم الجلوس خلفها من الساعة الـ9 صباحًا وحتى العصر. 

تعالت نبرة حزينة بصوت الأم وهي تتذكر ابنها «أحمد»، الذي خرج من حِضنها وتغيب عنها منذ نحو 12 عامًا، رغم فشل كل محاولات البحث والوصول إليه، إلا أنها وحتى هذه اللحظة تنتظر عودته، وكثيرًا ما يُخيل لها قلبها أنها ذات يوم ستراه قادمًا إليها، وهو ما يجعلها أثناء جلوسها خلف أقفاص العيش الخشبية، تختلس النظرات بين الحين والآخر نحو أطراف الشوارع أملًا في رؤية قرة عينها الغائب: «ياااه لو شوفته.. معقوله؟ بعد العمر ده كله!!.. ياارب».

«أم علي»: أتعب أحسن ما أمد إيدي لحد

تمالكت الأم السبعينية نفسها سريعًا وراحت توجه دفة الحديث نحوها وابنها «علي»، الذي تعيش معه، إذ أنها رغم المشقة التي تلاقيها في العمل، إلا أنها تُفضلها على طلب المساعدة من أحد: «بتعب آه، بس أشتغل وأتعب أحسن ما أمد ايدي لحد وأقول له هات».