يبدو أن الأحداث تتسارع في الضفة الغربية ، فبعد أيام علي عملية تل أبيب الفدائية التي نفذها الشهيد رعد حازم، وهو أحد أبناء مخيم جنين ، جن جنون حكومة نفتالي بينت المتطرفة بعدما ضربت هذه العملية البطولية وسابقاتها المنظومة الأمنية الاسرائيلية في مقتل ، وصفعت قادة حكومة تل أبيب علي مؤخراتهم ، و جعلت مؤسسة الجيش والاجهزة الأمنية الاسرائيلية تتخبط وتتصارع وأربكت كل الحسابات والتوقعات لديها ، بعدما كانت تعتقد أن سياسة تقليم الأظافر التي انتهجتها علي مدار السنوات الماضية في مدن الضفة الغربية وبالتحديد في مخيم جنين بعد عملية السور الواقي عام 2002 ، قد آتت ثمارها في كبح جماح المقاومة والفعل الفلسطيني.
إن ما تحاول اسرائيل وجيشها الرعديد فعله والتفكير فيه حاليا بعد موجة العمليات الأخيرة والتي جاءت مع بداية وخلال شهر رمضان المبارك ، هو محاولة الرد و استعادة قوة الردع التي فشلت في تحقيقها أمام العزيمة و الارادة الفلسطينية و ذلك من خلال المزيد من سياسة التصعيد والبطش والعدوان علي شعبنا كمحاولة لحفظ ماء وجه قادة حكومة الاحتلال وجيشها أمام المجتمع الاسرائيلي بعدما حطمتها العمليات الفدائية والبطولية وبسالة المقاومين ، وهذا بات واضحا و جليا في السلوك العدواني لجيش الاحتلال تجاه المدن والمخيمات في الضفة الغربية ومحاولاته الاستفراد في مخيم جنين ، واستباحة الدم الفلسطيني من خلال تنفيذ عمليات القتل الوحشي والاعتداء الهمجي علي النساء والاطفال والشيوخ ، خاصة مع الدعوة التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال المتطرف نفتالي بينت للمستوطنين بحمل السلاح والانتقام من الفلسطينيين .
يأتي هذا المشهد في ظل فقدان وعجز السلطة الفلسطينية للسيطرة علي مخيم جنين وبعض مناطق الضفة الغربية، ووسط استعداد فصائل المقاومة وفي مقدمتها كنائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح وسرايا القدس التابعة لحركة الجهاد الإسلامي للمواجهة مع الاحتلال .
و هذا يعني أنه ربما تتدحرج الأمور في ظل حالة التصعيد والغليان و يعود مخيم جنين مرة أخري في عين الآلة العسكرية الإسرائيلية ، وبالتالي ارتكاب المزيد من الجرائم وإراقة الدماء وعمليات القتل الوحشية بحق الفلسطينيين ، وهذا من شأنه أن يشعل كرة اللهب لتتجاوز مخيم جنين و ربما الضفة الغربية وتجر معها قطاع غزة وبالتالي نكون أمام مواجهة شاملة تشمل كافة الأراضي الفلسطينية .
لا شك أن إسرائيل ، التي تلوح بالقبضة العسكرية، تعي أن كلفة التصعيد باهظة سياسيًا، خصوصًا في ظل خسارة المتطرف بينيت للأغلبية النيابية في اسرائيل، وبالتالي لم يعد أمام هذه الحكومة خيار سوى وقف التصعيد أو المواجهة الشاملة ، علي كل حال أيا كان الخيار فالخاسر والمتضرر الأول منه هو اسرائيل التي قوضت كل امكانيات وفرص الحل السياسي واختارت الحل العسكري والأمني مع الفلسطينيين .
والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستستطيع اسرائيل وحكومتها وشعبها الصمود أمام وقع العمليات الفدائية وضربات المقاومين الأبطال الذين سطروا بداية حتمية لميلاد ثورة ومعركة فلسطينية جديدة بقيادة وطنية ثورية لإدارة الصراع مع اسرائيل واستعادة البوصلة و فرض واقع مختلف عن ما هو قائم ومفروض علي شعبنا من أجل نيل حقوقه العادلة و المشروعة ..؟؟