ما الذي تسعى إليه دولة الاحتلال؟ تقتل المدنيين وتقتحم قواتها المسجد الأقصى! وتتوسع في الاستيطان، وترفض حل الدولتين، وتستمر في تنكرها لكافة القوانين الدولية!.
وبعد كل هذا ماذا تنتظر من الشعب الفلسطيني . هل تتوقع أن يتم إسكات صوت الثورة الفلسطينية؟ هل تتوقع أن تخنع جنين في هبتها وقد فقدت 13 شهيد منذ نيسان الجاري! هل تتوقع أن الفلسطينيين لم يعودوا يذرفوا الدموع وهم يشاهدون على شاشة التلفاز إستشهاد غادة سباتين الأرملة أم الاطفال الستة!. هل تتوقع دولة الاحتلال أن الفلسطينيين لم يعد بمقدورهم الدفاع عن المسجد الاقصى أو أنهم سيسمحون لجماعات المستوطنيين بتقديم القرابين في مقدساتهم؟ يبدو أن إسرائيل نسيت أنها تتعامل مع شعب حي لا يستكين، شعب يناضل ويقاوم على مدار العقود السابقة المشروع الصهيوني برغم أنه شعب أعزل. شعب قدم آلاف الشهداء والأسرى والجرحى، وهو مصصم على حقه في تقرير مصيره. فعلى ماذا تراهن دولة الاحتلال؟
في فجر الجمعة الماضي، وفي تصعيد خطير، إقتحمت قوات الاحتلال المسجد الاقصى، مئات الجنود والقناصة دنسوا المسجد ودمروا محتوياته وعبثوا بموجوداته التاريخية. إعتقلوا أكثر من 300 فلسطيني وجرح 152 آخر وفقاً لتلفزيون فلسطين. ويتوازى مع تلك الإعتداءات على المقدسات الإسلامية إنتهاء مشروع بناء الهيكل المزعوم تحت المسجد الأقصى وفي إمتداد طولي لحائط البراق، فما الذي تريده إسرائيل من وراء هذه الجريمة، وهي تدرك حساسية المسجد الأقصى بالنسبة للفلسطينيين بشكل خاص وبالنسبة للمسلمين بشكل عام.؟ وهل تتوقع حكومة الاحتلال من جرائمها هذه أن يرضخ الفلسطينييون ويوافقوا على إفتتاح معبد اليهود تحت مسجدهم الأقصى؟.
منذ نيسان الجاري، تستمر دولة الاحتلال إسرائيل بإقتحام المدن والمخيمات والقرى الفلسطينية. فقد سقط 45 شهيداً فلسطينياً منذ مطلع العام الجاري، منهم 16 شهيداً منذ نيسان الجاري، والعدد مرشح للزيادة. ففي كل يوم يسقط ثلاثة الى أربعة شهداء من مختلف المناطق الفلسطينية المحتلة في مشهد يذكرنا بالانتفاضة الأولى. ووفقاً لمصادر لهيئة شؤون الأسرى، فقد إعتقل جيش الاحتلال 300 فلسطيني في رمضان الجاري قبل إجتياح المسجد الاقصى ليصل عدد المعتقلين الفلسطينيين الى 1800 معتقل منذ مطلع العام الجاري. وفي المحصلة، هل هذه الممارسات القمعية التي تقوم بها قوات الاحتلال من شأنها أن تضبط الأوضاع في الاراضي الفلسطينية المحتلة أم أنها تندرج في خانة التصعيد وزيادة دائرة العنف في المنطقة؟
من جانب آخر، تتزايد إعتداءات المستوطنيين على الفلسطينيين المدنيين، ففي كل ليلة تقريباً تقطع ميليشيا المستوطنين المسلحة الطرق أمام الفلسطينيين في بيت إيل ونابلس وعصيون وغيرها من المناطق الفلسطينية. وتدعوا جماعات المستوطنين صراحةً الى قتل العرب وتهجيرهم من بيوتهم. وتستمر وتيرة الاستيطان في قريوت والأغوار والقدس في مشهد متسارع لضم الضفة الغربية المحتلة. وأمام هذا المشهد، ما الذي تتوقعه حكومة الاحتلال من وراء هذا التهديد الوجودي للشعب الفلسطيني وهو يرى أراضيه تبتلع ويتم الاعتداء عليهم يومياً من قبل قطعان المستوطنيين!.
من الواضح أن دولة الاحتلال تتغول ضد شعبنا الفلسطيني وتسعى الى كسر إرادته، وفي هذا التغول غير المسبوق فإن ما تريده اسرائيل هو زيادة وتيرة العنف في المناطق الفلسطينية المحتلة، وبالضرورة، توسيع دائرة المقاومة الشعبية الفلسطينية من جنين الى القدس وسائر الاراضي الفلسطينية المحتلة. وأعتقد أن اسرائيل بمحاولتها هذه لفرض إنتفاضة ثالثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنها تهدف الى إنهاء الضغوط الدولية المتصاعدة عليها في هذه الأثناء لإجبارها على الجلوس على طاولة المفاوضات وتحقيق السلام والتسوية. وفي السياق، فإن إصرار إسرائيل على التصعيد وعدم التهدئة من خلال توغلها الفاضح ضد الشعب الفلسطيني ومدنه وقراه ومخيماته ومقدساته لا يشير الا لنتيجة واحدة؛ وهي رغبة إسرائيل في إندلاع إنتفاضة ثالثة تخرجها من مأزق التسوية السلمية وتمنحها مزيداً من الوقت لتهويد القدس وتوسيع الاستيطان وإعادة القضاء على مقدرات الشعب الفلسطيني السياسية والاقتصادية والبشرية. وفي مواجهة هذه المصيدة، على الشعب الفلسطيني أن يبحث في الخيارات الممكنة للتصدي للمشروع الصهيوني، وأن يركز جهوده على إستراتيجييتن أساسيتين: الأولى، طلب الحماية الدولية، والثانية، العصيان المدني المتدرج.