تصدر المحكمة العليا الإسرائيلية في القدس المحتلة، قرارا بشأن الالتماس الذي قدمته مؤسسات وشخصيات أرثوذكسية مقدسية، بعد فرض السلطات الإسرائيلية قيودا، وتقليص عدد المسيحيين المشاركين في احتفالات “سبت النور” في كنيسة القيامة؛ وذلك خلال الساعات الـ24 المقبلة.
فيما حذرت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، من تدهور الأوضاع في القدس المحتلة، جرّاء الانتهاكات والاعتداءات التي ترتكبها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، وتقييد حرية العبادة ومنع وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، وكنيسة القيامة لممارسة شعائرهم الدينية.
سير جلسات المحكمة
وفي ما يخص سير جلسات المحكمة، ذكر المحامي، باسم خوري، أحد المدعين بالقضية، أن “المداولات (بين محامي الممثل للكنيسة) ومحامي الشرطة، انتهت دون اتفاق وعدنا الآن (بعد ذلك) إلى المحكمة، وموقفنا الواضح والثابت هو رفع الحواجز وحرية دخول المصلين بدون قيود! رفضنا تقييدنا بأعداد، أو ارتداء الأساور التي تميزنا”.
وذكر أن “المحكمة رفعت الجلسة وطلبت من الشرطة التشاور في ما بينها والعودة بحل يسمح بحرية العبادة، وعادت الشرطة بدون حل مرض، فطلبت منها المحكمة العودة مرة أخرى. وحاولت الشرطة طلب تأجيل للغد (الخميس) ولكن المحكمة رفضت وقالت للشرطة، إنها قبلت الالتماس وطلبت من الشرطة للمرة الثالثة الرجوع بحل مقبول على الطرفين”.
وأضاف أن “المحكمة عادت وطلبت من الملتمسين (الشخصيات الأرثوذكسية) القبول ’بحل وسط’ أو ’تسوية’ تقضي بالسماح لهم بحرية الدخول للبلدة القديمة، ولكن مع بقاء الحواجز، وإعطاء الشرطة الحق بإغلاق الأبواب إذا زاد عدد المصلين عن 4000 داخل الكنيسة. ورفض الملتمسون هذه ’التسوية’، وأصروا على حرية الدخول بدون قيود”، مشيرا إلى أن “المحكمة رفعت الجلسة لإعلان قرارها”.
وأوضح أنه “من المقرر أن تصدر المحكمة قرارها خلال الـ24 ساعة المقبلة”.
محاولات المسّ المتكررة بالمقدسات الفلسطينية “تجرّ المنطقة بأكملها إلى مربع الانفجار”
من جانبها، أكدت اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين، في رسائل وجهّها رئيسها، رمزي خوري، إلى رؤساء وقادة الكنائس في المشرق والعالم، “خطورة تداعيات الانتهاكات الإسرائيلية الجارية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بشكل خاص في مدينة القدس المحتلة، وما تتعرض له مقدساتها من اقتحامات يومية للمسجد الأقصى المبارك، والتنكيل بالمصلين وقمعهم واعتقالهم، وتقييد وصول المصلين إلى كنيسة القيامة”.
واستنكرت اللجنة في رسائلها “قرار شرطة الاحتلال الإسرائيلي، تحديد أعداد المصلين المشاركين في احتفالات سبت النور في المدينة المقدسة، والسماح فقط لألف مصلٍ بدخول كنيسة القيامة، إضافة إلى محاولتها تغيير مسار المسيرة التقليدية لأحد الشعانين في العاشر من نيسان (أبريل) الجاري”، كما أدانت “الاعتداءات على المصلين المتجهين للصلاة في المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان الفضيل واقتحامات المستوطنين لباحاته، وتقليص أعداد التصاريح للمسلمين والمسيحيين لمنعهم من الوصول للمدينة المقدسة والحجيج إليها”.
وأكدت اللجنة مجددًا “مساندتها ووقوفها الى جانب رؤساء وقادة كنائس القدس، وأبناء الشعب الفلسطيني في رفضهم للممارسات الإسرائيلية الجائرة بحقهم”، مشيرة إلى “بيان بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية الذي دعا إلى عدم الانصياع للقرارات الإسرائيلية”.
ودعت اللجنة “رؤساء وقادة الكنائس في المشرق والعالم، للاضطلاع بدورهم في الضغط على الاحتلال لوقف هذه الممارسات العنصرية الاحتلالية والتي تنتهك كل المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، خاصة الحق بالعبادة وممارسة الشعائر الدينية بكل حرية وأمن وسلام، ورفع كل القيود أمام وصول المؤمنين إلى أماكن عبادتهم، واحترام قدسيتها، في الوقت الذي تسمح فيه سلطات الاحتلال للمتطرفين والمستوطنين اليهود من اقتحام المقدسات، والتنغيص على المصلين ومصادرة حقهم في ممارسة طقوسهم الدينية”.
ودعت اللجنة إلى “ضرورة التحرك على المستويات الوطنية والدولية لوقف كل أشكال الانتهاكات والممارسات القمعية الإسرائيلية بحق الفلسطينيين وأرواحهم وأرضهم ومقدساتهم، والتي من شأنها أن تشعل وتؤجج المزيد من عدم الاستقرار وفقدان الأمن، وجر المنطقة بأكملها إلى مربع الانفجار، جراء محاولات المس المتكررة بالمقدسات الدينية المسيحية والإسلامية، خاصة في الحرم القدسي الشريف، إلى جانب انتهاكاتها المتكررة للحرم الإبراهيمي الشريف في مدينة الخليل المحتلة، وإغلاقه أمام المصلين الفلسطينيين”.
وكانت اللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس قد دعت في بيان أصدرته في وقت سابق، “الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، لشد الرحال إلى القدس والمشاركة الفاعلة في الشعائر الدينية، وكسر القيود الإسرائيلية التي تهدف إلى تغيير الوضع القانوني والتاريخي في القدس ومقدساتها”.
يأتي ذلك بعد أدانت لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، في بيان بوقت سابق اليوم، قرار سلطات وأجهزة الاحتلال فرض قيود على أعداد الداخلين إلى كنيسة القيامة في القدس المحتلة، في عيد سبت النور، الذي يحل نهاية الأسبوع الجاري، ويسبق أحد الفصح المجيد، حسب التقويم الشرقي. وبعد مطالبة القائمة المشتركة، اليوم، رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، ووزير “الأمن الداخلي” عومر بار ليف، في رسالة بإلغاء قرار تحديد عدد المصلين في الكنيسة، إلى ألف مصلٍّ.
وكانت مؤسسات وشخصيات أرثوذكسية مقدسية، قد قدمت التماسا للمحكمة العليا، بعد فرض السلطات الإسرائيلية، قيودا وتقليص عدد المسيحيين المشاركين في احتفالات سبت النور.
وأكدت المتابعة أن “هذه القيود تأتي ضمن التضييق على الوجود الفلسطيني في مدينته، وعاصمة دولته.”
وأضافت أن “كنيسة القيامة تشهد في أعياد الفصح من كل عام، قيودا جمّة على أعداد المصلين، إلا أن الاحتلال في هذا العام شدد القيود أكثر، ليحرم الآلاف من الوصول إلى كنيسة القيامة، في هذا اليوم الذي يُعد من أكثر الأيام قدسية لدى الطوائف المسيحية، ويؤم الكنيسة الآلاف، بمن فيهم وفود من العالم”.
وختمت المتابعة بالقول إن هذه “القيود تأتي بموازاة القيود التي فرضها الاحتلال على الدخول إلى البلدة القديمة في القدس المحتلة، وعلى الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك، ما يؤكد المؤكد أصلا، أن الاحتلال يستهدف كل القدس المحتلة بهويتها الوطنية والدينية الفلسطينية”، ودعت إلى “رفض هذه القيود، والتوجه إلى كنيسة القيامة في هذا الأسبوع، وفي كل طقوس واحتفالات الفصح المجيد”.
كما أكدت المشتركة في رسالتها أن “فرض القيود وتحديد عدد المصلين المشاركين في احتفالات سبت النور في كنيسة القيامة هو اعتداء صارخ وفاضح على حرية العبادة والحق في ممارسة الشعائر الدينية وفصل آخر في مسلسل انتهاك المقدسات الفلسطينية”.
وأضافت أن “هذه الحكومة لا تضيع أي فرصة لتقليص كل مشاركة للفلسطينيين في القدس في محاولة لفصل القدس عن باقي المناطق الفلسطينية”.
وأوضحت أن “سبت النور هو أحد الأيام الأكثر قداسة للمسيحيين، ولا يحق لحكومة الاحتلال وقواتها منع المصلين من الوصول إلى الكنيسة، أو فرض قيود لذرائع واهية”.
وختمت المشتركة رسالتها بالتأكيد على أن “القدس الشرقية بما في ذلك كنيسة القيامة هي منطقة فلسطينية محتلة، وعلى الحكومة التوقف عن التدخل القمعي والانسحاب منها”.