هل الاموات يتزاورون فيما بينهم

جدول المحتويات

هل الاموات يتزاورون فيما بينهم وهل لهم حياة شبيهة بحياة الأحياء؟ فعالم البرزخ هو العالم الذي لا يمكن معرفة ما يدور فيه إلّا من خلال ما جاء في الآيات الكريمة أو الأحاديث النبوية الشريفة، وإلّا فمن غير الممكن معرفة ما يدور في ذلك العالم لأنّه عالم الأموات، وفي هذا المقال يتوقف موقع مع بيان بعض المواضيع الأخرى المتعلقة بالأموات وحياتهم في عالم البرزخ ونحو ذلك.

هل الاموات يتزاورون فيما بينهم

قال بعض أهل العلم إنّ الأموات المُنعّمين يتزاورون فيما بينهم، وقد قال ابن القيّم رحمه الله: “الْأَرْوَاح قِسْمَانِ: أَرْوَاح معذبة، وأرواح منعمة. فالمعذبة فِي شغل بِمَا هي فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة، تتلاقى، وتتزاور، وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا، وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا”، وقد جاء في السنة النبوية المطهّرة بيان أنّ الأموات يتزاورون فيما بينهم،[1] ففي الحديث الشريف يقول صلى الله عليه وسلم:

“إذا حُضِرَ المؤمنُ أتتهُ ملائِكَةُ الرَّحمةِ بحريرةٍ بيضاءَ، فيقولونَ: اخرُجي راضيةً مرضيًّا عنكِ إلى رَوحِ اللَّهِ، ورَيحانٍ، وربٍّ غيرِ غضبانَ فتخرجُ كأطيَبِ ريحِ المسكٍ حتَّى إنَّهُ ليُناولُهُ بعضُهُم بعضًا حتَّى يأتون بِهِ بابَ السَّماءِ فيقولونَ: ما أطيَبَ هذِهِ الرِّيحَ الَّتي جاءتْكم منَ الأرضِ فيأتونَ بِهِ أرواحَ المؤمنينَ فلَهُم أشَدُّ فرحًا بِهِ مِن أحدِكُم بِغائبِهِ يقدمُ علَيهِ فيَسألونَهُ ماذا فَعلَ فلانٌ ماذا فعلَ فلانٌ، فيقولونَ: دَعوهُ فإنَّهُ كانَ في غَمِّ الدُّنيا فإذا قالَ أما أتاكُم، قالوا: ذُهِبَ بِهِ إلى أمِّهِ الهاويةِ وإنَّ الكافرَ إذا احتُضِرَ أتتهُ ملائِكَةُ العذابِ بمِسحٍ فيقولونَ: اخرُجي ساخطةً مسخوطًا عليكِ إلى عذابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ، فتخرجُ كأنتنِ ريحِ جيفةٍ حتَّى يأتونَ بِهِ بابَ الأرضِ فيقولونَ: ما أنتنَ هذِهِ الرِّيحَ حتَّى يأتون بِهِ أرواحَ الكفَّارِ”.[2]

وقد ورد عن ابن تيمية أنّه قال: “وَأَرْوَاحُ الْأَحْيَاءِ إذَا قُبِضَتْ تَجْتَمِعُ بِأَرْوَاحِ الْمَوْتَى، وَيَسْأَلُ الْمَوْتَى الْقَادِمَ عَلَيْهِمْ عَنْ حَالِ الْأَحْيَاءِ، فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ تَزَوَّجَ. فُلَانٌ عَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ، وَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، ذُهِبَ بِهِ إلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ، وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْمَوْتَى فَتَجْتَمِعُ: الْأَعْلَى يَنْزِلُ إلَى الْأَدْنَى، وَالْأَدْنَى لَا يَصْعَدُ إلَى الْأَعْلَى”، والله أعلم.[1]

شاهد أيضًا: كيفية الصلاة على الميت وما فضلها

هل الأموات يشتاقون للاحياء

جاء في الحديث السابق أنّ الأموات يسألون من يأتي إليهم من أهل الدنيا ميتًا حديثًا عن أهل الدنيا، ولكن لم يذكر أحد من العلماء أنّ ذلك السؤال على سبيل الاشتياق، ولكن ورد أنّهم يسألون القادم إليهم عن أهل الدنيا، فيقول صلى الله عليه وسلم: “فلَهُم أشَدُّ فرحًا بِهِ مِن أحدِكُم بِغائبِهِ يقدمُ علَيهِ فيَسألونَهُ ماذا فَعلَ فلانٌ ماذا فعلَ فلانٌ، فيقولونَ: دَعوهُ فإنَّهُ كانَ في غَمِّ الدُّنيا فإذا قالَ أما أتاكُم، قالوا: ذُهِبَ بِهِ إلى أمِّهِ الهاويةِ”.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الجمع والقصر للمسافر في منزله بعد السفر؟

هل الميت يتذكر حياته في الدنيا

لم يرد في النصوص الصحيحة ما يدلّ على أنّ الأموات يتذكرون حياتهم في الدنيا، ولكن ورد أنّهم يذكرون أهل الدنيا ويسألون عنهم من يأتيهم من الأموات، فيقول صلى الله عليه وسلم: “فلَهُم أشَدُّ فرحًا بِهِ مِن أحدِكُم بِغائبِهِ يقدمُ علَيهِ فيَسألونَهُ ماذا فَعلَ فلانٌ ماذا فعلَ فلانٌ، فيقولونَ: دَعوهُ فإنَّهُ كانَ في غَمِّ الدُّنيا فإذا قالَ أما أتاكُم، قالوا: ذُهِبَ بِهِ إلى أمِّهِ الهاويةِ”،[2] ولكن المعلوم أنّ هؤلاء هم الأرواح المنعّمة وليست الأرواح المعذّبة، يقول ابن القيّم: “الْأَرْوَاح قِسْمَانِ: أَرْوَاح معذبة، وأرواح منعمة. فالمعذبة فِي شغل بِمَا هي فِيهِ من الْعَذَاب عَن التزاور والتلاقي، والأرواح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة، تتلاقى، وتتزاور، وتتذاكر مَا كَانَ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا، وَمَا يكون من أهل الدُّنْيَا”، والله أعلم.[3]

شاهد أيضًا: اين يقع الركن اليماني من الكعبة المشرفة

ماذا يفعل الأموات في قبورهم

جاء في الأحاديث النبوية أنّ الأموات حينما يوضعون في قبورهم فإنّ الروح تعود إليهم، فيسألون أسئلة القبر المشهورة، وبعدها يفتح لهم بابًا يرون منهم مقعدهم في الجنة أو في النار، ولم ترد نصوص توضّح هذه الكيفية التي تكون فيها حياة البرزخ، والله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي منحه الرسول مفتاح الكعبة

هل الأموات يسمعون الأحياء

إنّ مسألة سماع الأموات لكلام الأحياء هو أمر خلافي بين العلماء على قولين وتفصيل ذلك فيما يلي:[5]

  • القول الأول: ذهب بعضهم إلى إثبات سماع الأموات للأحياء؛ وقد استدلوا على ذلك بما روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، تَرَكَ قَتْلَى بَدْرٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَتَاهُمْ فَقَامَ عليهم فَنَادَاهُمْ، فَقالَ: يا أَبَا جَهْلِ بنَ هِشَامٍ يا أُمَيَّةَ بنَ خَلَفٍ يا عُتْبَةَ بنَ رَبِيعَةَ يا شيبَةَ بنَ رَبِيعَةَ أَليسَ قدْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟ فإنِّي قدْ وَجَدْتُ ما وَعَدَنِي رَبِّي حَقًّا فَسَمِعَ عُمَرُ قَوْلَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، كيفَ يَسْمَعُوا وَأنَّى يُجِيبُوا وَقَدْ جَيَّفُوا؟ قالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ ما أَنْتُمْ بأَسْمع لِما أَقُولُ منهمْ، وَلَكِنَّهُمْ لا يَقْدِرُونَ أَنْ يُجِيبُوا ثُمَّ أَمَرَ بهِمْ فَسُحِبُوا، فَأُلْقُوا في قَلِيبِ بَدْرٍ”.[6]
  • القول الثاني: ذهب أصحاب هذا الرأي إلى عدم قدرة الأموات على سماع الأحياء، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَىٰ وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ}،[7]  ويقولون إنّ سماع أولئك للنبي صلى الله عليه وسلم معجزة، أو خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز دخول النساء الكعبة

وإلى هنا يكون قد تم مقال هل الاموات يتزاورون فيما بينهم بعد الوقوف على جواب المسألة، والإشارة إلى بعض الأمور التي تتعلق بعالم البرزخ وما يفعله الأموات في قبورهم هل يسمع الأموات الأحياء ونحو ذلك من الأمور.

المراجع

  1. ^
    islamweb.net , هل الأموات يتزاورون؟ وهل يجوز نبش القبر لنقله بجنب قريبه؟ , 11/05/2022
  2. ^
    صحيح النسائي , الألباني، أبو هريرة، رقم الحديث: 1832، حديث صحيح.
  3. ^
    islamweb.net , الأدلة على ذكر أهل البرزخ لمعارفهم من أهل الدنيا , 11/05/2022
  4. ^
    binbaz.org.sa , هل حياة الموتى في قبورهم كحياتهم في الدنيا؟ , 11/05/2022
  5. ^
    islamweb.net , من أحوال الميت في قبره. , 11/05/2022
  6. ^
    صحيح مسلم , مسلم، أنس بن مالك ، 2874، صحيح
  7. ^
    الروم , 52