«سعد».. رأس حربة تيار الاختطاف

بلغة أهل الشام تطلق كلمة «حردان» على من يعتزل أمراً ما وينطوي على نفسه ويعتزل من حوله وهو «زعلان» دون أن يصدر هذا الزعل لأحد ما، وهو عكس ما يقوم به سعد الحريري اليوم في لبنان من أذى وارتهان سياسي غير مبرر للسنة، من خلال إصراره على ترك الميدان السياسي بعد أن أسس الوالد الراحل رفيق الحريري إرثا سياسيا كبيرا وذا احترام للسنة في لبنان.

سعد اليوم في حالة من الضياع السياسي بسبب الهزائم النفسية أمام القوى السياسية الأخرى وخصوصا «حزب الله». من يستعيد خطابات سعد سابقا، يدرك أنه اليوم أمام هزيمة سياسية معنوية كبيرة وليست زهدا في الحكم أو الزعامة على الإطلاق، بل إن الاعتكاف ومقاطعة الانتخابات النيابية هروب من المسؤولية وتوريط للسنة في بلد عاش ولا يزال على الطائفية السياسية المعلنة.

ترك سعد فريقه السياسي وحلفاءه في لبنان في مواجهة قوى سياسية تريد اختطاف لبنان إلى خارج محيطه العربي وحتى الدولي، وستكون هذه الانتخابات خطوة مهمة لتأكيد نفوذ هذه القوى السياسية، وهي ذاتها المتهمة بتصفية والده رفيق الحريري.

في أسوأ الأحوال؛ يمكن تجاهل عزوف سعد عن الانتخابات، بل قد تكون بداية للتخلص من هذه القيادة الهشة واللينة في لبنان، لكنه لا يمكن قبول وتمرير دعوته السنة إلى العزوف عن الانتخابات لأنه يسير بلا رؤية وبلا هدف، بل ترك حلفاءه ومؤسسي تيار المستقبل مثل فؤاد السنيورة والحليف القوي سمير جعجع في منتصف الطريق، وقد لا تكون الهزيمة على مستوى التوازن الطائفي بل هزيمة على مستوى الحلفاء بالكامل لصالح تيار «اختطاف لبنان».

ليست كل الخيارات السياسية مسألة شخصية على الإطلاق خصوصا في حالات الزعامة وفي بلد مثل لبنان كل طائفة تحتاج إلى أب روحي على المستوى الديني والمذهبي والسياسي، وبالتالي فإن دعوة مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان إلى مشاركة السنة بكثافة في الانتخابات النيابية تعد رسالة إلى سعد بأن السنة ليسوا على مبدأ «الحريرية السياسية»، بل للسنة حوامل اجتماعية وسياسية أخرى بعيدا عن العائلة السياسية. وقد يكون عزوف سعد عن الانتخابات توريطا لمستقبل السنة في لبنان لكنه في الوقت ذاته دعوة للسنة للتحرر من زعامة العائلة على السياسة، وهذا يدفعها إلى خيارات أخرى في بلد تحكمه كل قواعد الطائفية.