خلال رحلته اليومية في القاهرة، كان «رامي بدوي» يرى مرضى السرطان خلال مغادرتهم لمعهد الأورام، بينما يبدو التعب مرسوما على وجوههم والإنهاك واضحا على أجسادهم الهزيلة، حتى تأثر بهم وتعلقت الصورة في ذهنه، وهداه تفكيره إلى الإعلان عن توفير سيارة لنقل المرضى من منازلهم للمستشفى ثم العودة بهم بشكل مجاني تماما.
سبب اختيار مرض السرطان
«قعدت مع نفسي وقولت أنا مش هافضل أدي للدنيا بس، لازم الواحد يقدم حاجة لمجتمعه علشان لما يقابل ربنا يلاقي حاجة عملها، إحنا مقضينها فسح وخروجات لكن فى ناس حوالينا محتاجة مساعدة خصوصا الناس غير القادرة ماديا والمريضة، لازم نعمل لهم حاجة تساعدهم وتخدمهم، لأن ممكن حد منهم يدعي للواحد دعوة تكون سبب فى تغيير حياته للأحسن، دى كانت بداية الفكرة» كلمات«رامي» لـ«» عن بداية فكرته، مؤكدا أن اختيار مرضى السرطان بالتحديد لأن نفسيتهم تتأثر سلبيا بالعلاج، وبالتالي هم أكثر الناس احتياجا للدعم النفسي.
مواقف أثرت في نفسية «رامي»
أكثر موقف أثر في نفس «رامي» كان رؤية مريض سرطان يغادر مستشفى الأورام بينما يحمل المحاليل في يده الأخرى، وغير قادر على المشي، بينما يحاول أفراد أسرته مساعدته على السير: «الأديان السماوية دوما تشجع على مساعدة المريض، وحمايته وزيارته، لأن شفائهم يكون نفسي قبل ما يكون بالأدوية، فهم أكتر الناس احتياجا أنهم يشوفوا الناس حواليهم بتساعدهم وبتقدم لهم الخير مجانا، ومش هما بس دول كمان أهالي المريض، لأن كل ده ممكن يساهم في علاجهم أسرع، ولما شفت المريض في معهد الأورام قررت أبدأ على طول في توصيل المرضى مجانا».
لم ير «رامي» أن توصيل المرضي مجانا قد يؤثر سلبيا على عمله أو دخل أسرته، فهو له عمله الخاص كمهندس، وبالتالي يستطيع التحكم في مواعيد عمله، بالإضافة إلى إيمانه أن عمل الخير لا يرتبط بوقت معين: «المستشفيات المتخصصة في علاج مرضي السرطان قريبة من بيتي مسافة نص ساعة، وأكيد المسافة دي عمرها ما هتأثر على شغلي، بالعكس أنا مؤمن أن رزقي بيزيد».
أهم المستشفيات التى ركز عليها «رامي» هى المتخصصة فى علاج مرضي السرطان مثل مستشفي سرطان الأطفال 57357، والمعهد القومى للأورام، والقصر العينى، ومستشفي السلام الدولي: «لما فكرت فى البداية أن أدي الفلوس للناس، لاقيت الفلوس بتروح وتيجي، لكن الأهم أننا نحسس المريض أننا فاهمين معاناته، ونحاول نريحه، خصوصا أن المريض بيخرج من جلسة الكيماوى مدمر، وبيكون مش قادر يقف على حيله، ولا نفسية أهل المريض مهيأة أصلا لحاجة وتعبانين علشان قريبهم».
بمجرد نشر «رامي» الإعلان عن رغبته فى توصيل مرضي السرطان مجانا على حسابه على الفيسبوك، وبدأ يتلقي الاتصالات التى ترغب فى «توصيلة»: «الحقيقة أنى بدأت فكرة توصيل مرضي السرطان من فترة طويلة، بس كان بشكل متقطع، وبعدين فكرت أنى أنزل إعلان على صفحتى علشان يكون بشكل دائم والحمد لله فعلا بدأت استقبل طلبات واوصل ناس».
الفرحة كانت مشاعر «رامي» مع استقبال أول تليفون من حالة مريض سرطان، والتى لم يستطع أن يخفيها فى صوته قائلا: « يهمنى أن اعمل شئ فيه رحمة لكل الناس، وأن اكون بداية بذرة الخير ، وأن الخير ده ينتشر على مستوى بلدنا كلها، ولا يفرق معايا مسلم من مسيحي ولا ست من راجل أو طفل، المهم الإنسان».