بمناسبة استشهاد شرين أبو عاقلة لا للفتنة ونعم لتجديد الخطاب الديني..

” 1 “
بدايةً أترحم على الشهيدة شرين أبو عاقلة، وأرجو  الله تعالى أن يسكنها جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء، كانت مناسبة استشهادها أمتحان  لشعبنا الفلسطيني والعربي، الذي أثبت نقاء معدنه و صفاء سريرته.
فحين حُملت شيرين على أكتاف الفلسطينيين كانو يكبرون “الله أكبر” و يقيمون صلاة الغائب على روحها الطاهرة ، بل ودقت كل كنائس القدس وفلسطين والأردن مجتمعة دون تمييز بين طائفة و أخرى.
بل و تجلت وحدة شعبنا ,أحترامه للتنوع لبيوت العزاء تلك التي فتحت في طول و عرض الوطن العربي ، أكراماً لشهيدة الوطن و المقدسات وعروبة فلسطين/ شيرين ابو عاقلة .
“2”
و في موضوع أستشهاد زهرة القدس ، زهرة الأقصى و القيامة، شيرين .. فأرجو العودة الى حديث الأستاذ الأزهري أحمد كريمة ، الذي وصفها بالشهيدة و البطلة ، و ترحم عليها كما يتم الترحم على شهداء فلسطن و شهداء الأمة العربية والإسلامية ، هو بالقطع الرأي الحصيف الذي يحاكي روح الاسلام الحقيقية والذي يقطع الطريق على الجهلة والمندسين ،الذين حاولوا أن يعتورو ا من جلال المناسبة ، ويأخذون الأمة إلى ما يعزز خطاب الفتنة و الكراهية و التفريق بين الناس.
“3”
أن ذلك يدفعنا الى المطالبة بضرورة تجديد خطابنا الديني، ذلك أن هناك مواضيع لم يرد عليها نص في القران الكريم و لم يرد لها أيضاً معالجة في حديث شريف “مؤكد”، فيكون الاجتهاد في هذه الحالة هو ثالثة الأثافي ، وسبيلنا لتجديد خطابنا الديني ليكون معاصراً ، فنفشل من يسعون لاختطاف الاسلام من جهلة ومندسين، يريدون الأضرار بالأمة، و يحاولون تحنيط الأسلام وحشره في دائرة فتاوى ربما كانت تصلح لزمانٍ مضى ، لكنها بالتأكيد لا تصلح لزماننا هذا .. وهو التحنيط الخبيث الذي يحوْل بين الدين الأسلامي وصلاحياته لكل زمان ومكان .
“4”
أثمن ما ذهب اليه شيخ الأزهر  د. أحمد الطيب، الذي قدم في رمضان الفائت فتاوى في غاية الأهمية وبصورة خاصة لرسم معالم العلاقة المثالية التي نريد لها أن تسود بمجتمعنا، وبالخصوص علاقة المسلمين والمسيحيين ..فقد قال فضيلته: أن الاصوات التي تحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم وتُنهي عن أكل طعامهم ومواساتهم في الشدائد ومشاركتهم في اوقات الفرحة، ما هو ألا فكر متشدد لا يمتْ للاسلام بصلة، و هو فكر غريب لم نعرفه من قبل !!! .
وأضاف أنها اختراقات مست المسلمين و المسيحيين. وهيأت الارض للفتنة الطائفية، ساعد في ذلك انهيار التعليم وانهيار الخطاب الاسلامي الذي أصبح أسيراً لمظهريات وشكليات طارئة بعيدة عن جوهر الاسلام الذي يعظم المواطنة والمساواة بين الناس، وقد وصف شيخ الأزهر ذلك بالفكر الدخيل ومحاولة ايجاد” كاهنوت أسلامي جديد”!!! .
وأستشهد بقوله تعالى في حديثه عن المسيحيين “ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنو قالو إنا نصارى ذلك بأن منهم  قسيسين ورهباناً و أنهم لا يستكبرون” وقوله “وجعلنا في قلوب الذين أتبعوه رأفة و رحمة”. صدق الله العظيم
” 5 “
وبعد .. لقد عانى جيلنا العربي الراهن من تفرقة مذهبية وطائفية بغيضة، راح على مذبحها عشرات الألوف من الضحايا الأبرياء. لذا فأن الضرورة التاريخية تلح على اهمية تجديد الخطاب الديني، لمرحلة مستقبلية قوامها وحدة العرب واحترام كل الأديان والمذاهب والطوائف، مرحلة تغلب التنوع الخلاق الايجابي على الخلاف الضار والهدام والسلبي.
مرحلة نعلي بها قيم المواطنة والمساواة والعدالة، كسبيل لتحقيق الوحدة لأمتنا في أقطارها كافة ، لتكون السد الثقافي و الحضاري المانع لأي فتنة أو خلاف .
وإني أتمنى على السلطات في وطننا العربي و هنا في الاردن بالذات، أن لا تسمح لاي شخص كان، أن يعبث بوحدة شعبنا، والتمييز بين ابناءه على اساس ديني  او طائفي او مذهبي، وأن ياخذ القضاء مجراه. فالفتنة أشد من القتل. والقانون واضحاً بالتصدي لمن يحاول إثارة النعرات بين المواطنين.
والله ومصلحة العرب من وراء القصد…
وزير اردني سابق