جدول المحتويات
هل يجوز الدعاء على الظالم بعد أن يُعاني المظلوم منه ويلات من القهر والأسى فلا يجد المظلوم بابًا عادلًا ليطرقه سوى باب الله تعالى، فيدعو على الظالم بشتى أنواع الدعاء، لكن لما كان الإسلام دين الضوابط كان لا بدّ من الوقوف مع الدعاء على الظالمين وما يُمكن الدعاء فيه وما لا يُمكن، وسيضيء موقع على بعض الأحاديث النبوية الشريفة التي تختص بالدعاء على الظالمين.
هل يجوز الدعاء على الظالم
يجوز الدعاء على الظالم في الشريعة الإسلامية؛ لأنّ الله تعالى لا يحب الجهر بالسوء إلا من ظلم، وقد ذكر السعدي في تفسير قوله: “إِلا مَن ظُلِمَ أي: فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ويتشكى منه، ويجهر بالسوء لمن جهر له به، من غير أن يكذب عليه ولا يزيد على مظلمته، ولا يتعدى بشتمه غير ظالمه، ومع ذلك فعفوه وعدم مقابلته أولى، كما قال تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ”.[1]
ومن جواز الدعاء على الظالم ما روي في صحيح مسلم أنّ: “أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها، فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت”.[1]
شاهد أيضًا: هل يجوز الدعاء في السجود في قيام الليل
كثرة التحسب على الظالم
لقد رخّص الله تعالى أن يدعو المظلوم على ظالمه، ولمّا كان الدعاء مرخصًا، فإنّ التحسب على الظالم مرخص من باب أولى، وقد يؤخر الله تعالى استجابة الدعاء ويمدّ للظالم في ظلمه ولكن لكل أجل كتاب، وقد دعا جمع من الصحابة على الظالمين ومن بينهم سعد بن أبي وقاص على الذي بهته من أهل الكوفة، ودعا سعيد بن زيد على المرأة التي غصبته داره.[2]
هل يجوز الدعاء على الظالم في الصلاة
إنّ مسألة الدعاء في الصلاة بحوائج الدنيا هي مسألة خلافية بين علماء أهل السنة والجماعة، وقد قالوا في ذلك:[3]
- أصحاب المذهب الحنبلي والمذهب الحنفي: ذكر أصحاب هذا المذهب أنّ الدعاء في الصلاة بحوائج الدنيا يبطل الصلاة، وقد ذكر في كتاب دقائق أولي النهى أنّ الصلاة من أجل التسبيح وقراءة القرآن، وليس من أجل الدعاء بحوائج الدنيا كأن يطلب المسلم من ربه أن يهبه جارية حسناء أو نحو ذلك.
- أصحاب المذهب الشافعي والمالكي: ذهب أصحاب المذهبين إلى جواز الدعاء في الصلاة بما يريده المسلم من الحاجات، وقد قال النووي في المسألة إلى أنه يجوز للمسلم أن يدعو في الصلاة بكل ما يجوز الدعاء به خارج الصلاة من أمور الدين والدنيا مثل أن يقول اللهم ارزقني زوجة صالحة، أو أخرج فلان من السجن أو أدخلني إلى الجنة وما إلى ذلك.
شاهد أيضًا: هل يجوز الدعاء في ليلة الاسراء والمعراج
هل يجوز الدعاء على الظالم بالمرض
يجوز الدعاء على الظالم بالمرض والحجة في ذلك أنّ “أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئاً من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم، فقال سعيد: أنا كنت آخذ من أرضها شيئاً بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه إلى سبع أرضين. فقال له مروان: لا أسألك بينة بعد هذا، فقال: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها، واقتلها في أرضها. قال: فما ماتت حتى ذهب بصرها، ثم بينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت”، والعمى هو من المرض وهو قد دعا عليها بالعمى والموت، والله أعلم بالصواب.[1]
أحوال المظلوم مع الظالم
إنّ أحوال الظالم مع المظلوم لا تخلو من ثلاثة أمور، فإمّا أن يُسامح وينتظر وعد الله تعالى له بأن يُحسن الله إليه كما أحسن هو لذلك الظالم، وإمّا أن يأخذ حقه من الظالم فيُقابل إساءته بإساءة مثلها، وإمّا ألا يسامح بحقه، وينتظر أن يأخذه في الدنيا والآخرة.
شاهد أيضًا: هل يجوز التهنئة بدخول عشر ذي الحجة
أدعية عامة من المظلوم على الظالم
من الأدعية التي يُمكن أن يقولها المظلوم والتي وردت في السنة النبوية الشريفة أو في القرآن الكريم:
-
اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكلني، إلى عدو يتجهمني، أو إلى قريب ملكته أمري، إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي، غير أن عافيتك أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.
-
رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ.
-
اللَّهمَّ رحمتَك أَرجو فلا تَكِلني إلى نَفسِي طرفةَ عينٍ، وأصلِح لي شَأني كلَّه لا إلَه إلَّا أنتَ.
أحاديث نبويّة شريفة عن الظلم
من الأحاديث النبوية الشريفة التي وردت عن الظلم:
-
روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “اتقُوا الظلمَ، فإنَّ الظلمَ ظلماتٌ يومَ القيامةِ، واتقُوا الشحَّ، فإنَّ الشحَّ أهْلَكَ منْ كانَ قبلَكمْ، وحمَلَهمْ على أنْ سَفَكُوا دِمَاءَهمْ واستحلُّوا محارِمَهمْ”.[4]
-
روى عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكر في حديث قدسي: “يا عبادي ! إني قد حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي، وجعلتُه محرَّمًا بينكم فلا تظَالموا. “.[5]
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز الدعاء على الظالم وذكرنا رأي علماء أهل السنة والجماعة في المسألة، وأضأنا على بعض الأدلة التي استند إليها العلماء في حكمهم، وذكرنا بعضًا من الأحاديث النبوية الشريفة التي يُمكن الاستشهاد بها على عظمة الظلم.
المراجع
- ^
islamweb.net , جواز الدعاء على الظالم ولو كان مسلماً , 04/06/2022 - ^
islamweb.net , نظرات في الدعاء على الظالم , 04/06/2022 - ^
islamweb.net , البكاء والدعاء بملاذ الدنيا في الصلاة , 04/06/2022 - ^
الجامع الصغير , السيوطي، جابر بن عبد الله، 136 ، صحيح - ^
صحيح الأدب المفرد , الألباني، أبو ذر الغفاري، 377 ، صحيح