لا تكفي لسد احتياجات الحياة
قال محمد عثمان الناهض (متقاعد): «ساءنا رفض التأمينات لدراسة الشورى برفع الحد الأدنى لمعاشات المتقاعدين إلى ثلاثة آلاف ريال، الذي كنا ننتظره كثيراً لتعديل وضعنا المادي، وحل جزء من معاناتنا مع ضعف الرواتب؛ التي باتت لا تكفي لسد احتياجات الحياة في الوقت الراهن؛ بسبب زيادة تكاليف المعيشة عن السابق، جميع الاحتياجات الأساسية للحياة ارتفعت فواتيرها سواء مواد غذائية أو فواتير كهرباء واتصالات ومياه وملابس ووقود وإيجار، والمعاش التقاعدي لا يسد جزءا من هذه الاحتياجات، وكنا ننتظر الموافقة على تلك التوصية، ولكن صدمنا برفضها، ونتأمل خيراً بأن يعاد النظر فيها مجدداً».
وأضاف عبدالله الخزام (أحد المتقاعدين): «المعيشة حالياً أصبحت أصعب من السنوات الماضية بسبب ارتفاع أسعار الاحتياجات الضرورية للاستهلاك يقابلها ضعف بالراتب التقاعدي لدى الكثير من المتقاعدين، وتوجد معاشات تقاعدية حاليا لا تتجاوز مبلغ 1983 ريالاً، وهذا لا يغطي إطلاقاً احتياجات الفرد الواحد الأساسية، فكيف بعائلة كاملة؟، ونأمل أن يعاد النظر بالتوصية والموافقة عليها وحل المعاناة التي أصبحنا نعاني منها بعد ارتفاع الأسعار».
أوضح عتيق شخيّر الشمري، أن معاشه التقاعدي لا يتجاوز 2000 ريال، ولا يفي إطلاقاً باحتياجات الأسرة والأبناء، لا سيما في ظل تضخم الأسعار عالمياً، «فلدي أبناء لا يزالون يتلقون التعليم بالمدارس، ويحتاجون مصاريف عالية، وليس لنا دخل سوى الراتب التقاعدي، ورفض توصية مجلس الشورى برفع الحد الأدنى للمعاشات إلى 3000 ريال أزعجنا كثيراً فكنا ننتظر تعديل وضع المتقاعدين منذ سنوات طويلة، لكن لم يحصل».
نفسيون: تدني الراتب يصيب بالاكتئاب
وللمختصين النفسيين رأي، فقد أكد الأخصائي النفسي خالد العيد، أن ضغوطات الحياة بجميع أنواعها لها آثار سلبية على جميع أفراد المجتمع سواءً متقاعدين أو غير متقاعدين، ومن هذه الضغوطات تدني الدخل مع غلاء المعيشة وللمتقاعدين، حيث يعتبر الدخل ثابتا وفاقدا لكثير من المميزات والحوافز التي كان يتقاضاها وهو على رأس العمل.
ونوه بقوله: «يوجد متقاعدون يتقاضون معاشات تقاعدية متدنية دون الثلاثه آلاف ريال، وهذا وبدون أدنى شك يؤثر سلباً على حياتهم ونفسياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية والأسرية؛ لأن متطلبات الحياة خصوصا فى هذا الوقت تضاعفت وتنوعت مما أرهق الأسر، ولابد أن ندرك أن الصحة النفسية للأفراد مرتبطة بالصحة البدنية والرضى والسعادة، وهذا لن يتحقق إلا عندما يشعر الشخص أنه قادر على تحقيق متطلبات أسرته».
وأوضحت المستشارة النفسية والأسرية الدكتورة ريما البراهيمي، أن مرحلة التقاعد هي كغيرها من المراحل التي يمر بها الأنسان، فالمرحلة العمرية لها متطلبات واحتياجات، كذلك مرحلة التقاعد بل تزيد في تعود المتقاعد على نمط حياة عملي واستقرار في المستوى المادي المريح.
وتأتي صدمة انخفاض الراتب، حينها قد يصاب بالتوتر والقلق والاكتئاب ويعيش حالة مزاجية متقلبة فتؤثر لا شعوريا على أسرته فلا يفي بمتطلباتهم الشخصية، خصوصا أننا نشاهد التطورات السريعة في المجتمع والتحولات الاقتصادية، وزيادة الأسعار كلها تؤثر سلباً على معيشته، وبالتالي نجد كثيراً من المتقاعدين يعانون من الصراع النفسي ويزداد سوءاً عندما يصاحبه احتياج مادي.
وأشارت بقولها: «لا بد من دراسة الوضع المادي للمتقاعدين، ووضع الحد الأدنى لرواتبهم، خصوصاً أنه اعتاد على نمط محدد في الحياة المعيشية، فضلاً عن متطلبات المرحلة العمرية التي يعيشها، فاحتياجهم المادي في هذه المرحلة لا نقول مرحلة عجز، ولكن قد تكون كذلك للبعض، وقد تكون بداية انطلاق لذلك لا بد من مراعاة الفروق الفردية بينهم، فإحساسهم بالاستقرار المادي يعكس استقرارهم النفسي، خصوصاً على أسرته، كما له متطلبات والتزامات، ففئة المتقاعدين تزداد بنسبة عالية في المجتمع، ويردنا في العيادة الكثير من الحالات النفسية للمتقاعدين وتعود لأسباب عديدة، كذلك وجب علينا الاهتمام بهم وملامسة احتياجاتهم، والوقوف لمعاناتهم، فالمتقاعدون جزء كبير من نجاح واستقرار المجتمع».
اجتماعيون:انعزال وتأثير سلبي
قال الأخصائي الاجتماعي فهاد هطيل الشمري: «تدني مستوى الدخل المادي لدى المتقاعد، خصوصاً من هم دون الثلاثة آلاف ريال، ينعكس سلباً على حياته الاجتماعية وارتباطه وعلاقاته بالمجتمع، ويشعر بأنه غير قادر على الاندماج مع المجتمع بتوفير الكثير من الاحتياجات، التي تساعده على التعايش والاندماج، لاسيما أن مجتمعنا السعودي اجتماعي، وبه الكثير من الاجتماعات المستمرة مثل المناسبات الرسمية والاجتماعات والرحلات العائلية أو مع الأصدقاء والجيران، سواء للبر أو للاستراحات أو الشاليهات، فلا يستطيع المتقاعد متدني الدخل توفير تكاليف هذه المناسبات، وبالتالي ينعزل عن المجتمع ويحاول فقط توفير احتياجات أسرته الضرورية، التي لا يفي بها معاشه التقاعدي، ويجب أن نسعى ألا نكلف على المتقاعدين في مثل هذه المناسبات والاجتماعات، وأن نحرص على دعمهم ومساعدتهم والوقوف بجانبهم وتلمس احتياجاتهم فهم بحاجة لوقفات أفراد المجتمع القادرين».
وذكر المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري بقوله: كنا نتمنى أن ترى النور التوصية التي رفعها مجلس الشورى برفع المعاش التقاعدي إلى 3000 ريال، بدلا من رفض المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية وتمسكها بالمعاش الحالي 1983 ريالاً.
فالتأمينات رأت الموضوع من وجهة نظرها، رغم حاجة المتقاعد إلى تحسين وضعه المادي، والحل لهذه المشكلة هي في معالجة ضعف الرواتب وتحديد حد أدنى بما يحقق مستقبلا للموظف عند تقاعده الحصول على معاش يريحه ويبعده عن حرج سؤال الآخرين، فالمتقاعد قدم زهرة شبابه طول فترة عمله وتقاعده هي مرحلة للراحة والهدوء وقطف ثمار ما قدمه فالمطلوب من التأمينات تحسين معاشات المتقاعدين ورفع مستوى المعيشة وزيادة النمو الاقتصادي والاجتماعي والصحي للمتقاعد وفق روية المملكة 2030».
تسهيلات للاستثمارات وقروض سريعة
ذكرت عضو جمعية المتقاعدين حصة التميمي لـ«»، أن الحد الأعلى ليس هو المطلب، مبينة أنه لو تمت زيادة معاشات المتقاعدين إلى الضعف لن يفيد بسبب ازدياد التضخم داخلياً وعالمياً، لافتة إلى ضرورة تقديم تسهيلات للاستثمارات في قطاع الأعمال وإعفاء شريحة المتقاعدين من رسوم الدولة، وإعطائهم قروضا سريعة واستثنائية وميسرة بلا شروط، وأشارت إلى أن المتقاعدين مبكراً بعمر 40، 50، 65 ما زالوا قادرين على العمل ويجب طرح عدة اختيارات لهم.
وأكد عضو لجنة الاقتصاد والطاقة بمجلس الشورى سابقا الدكتور فهد بن جمعة، أنه في ظل غلاء المعيشة وارتفاع معدل التصخم لا بد أن يتلاءم معاش المتقاعد مع تكلفة المعيشة، وأن يرتفع سنويا بمعدل التضخم، وأن يحصل على التأمين الطبي لتتم معالجته في أقرب مستشفى إليه، لافتا إلى ضرورة حرص الهيئة العامة للتأمينات على أخذ ذلك في الحسبان للمتقاعدين الجدد من خلال رفع راتب الاشتراك في التأمينات إلى الحد الذي يوفر دخلا مناسبا لمن يتقاعد مستقبلا.