الأوتو ستوب ومحبي السفر
بطريقة غريبة ومليئة بالمخاطر تعرف بـ«الأوتو ستوب» أو «hitchhiking» اعتمد عليها مجموعة من الشباب المصريين خلال سفرهم داخل أو خارج مصر، يجد فيها الشخص نفسه في سيارة أناس لا يعرفهم، يشاركهم الطعام والشراب والمزاح لمئات من الكيلومترات؛ حتى يبلغ المكان الذي يهدف الوصول إليه دون أي تكلفة مادية.
طريقة مختلفة للسفر
خالد خير، مهندس ميكانيكا، يقول لـ«» إن الأوتو ستوب أو hitchhiking طريقة شائعة للسفر في دول كثيرة حول العالم، يستخدمها الناس لتوفير تكاليف السفر؛ وتجرى عن طريق أن يقف الشخص على الطريق السريع في الاتجاه الذي يهدف للوصول إليه، ويلوح بيده لأي سيارة في الطريق: «الناس اللي عايزة حد يسليها فى الطريق أو تتعرف على ناس جديدة بيقفوا ويوصلوك في سكتهم ببلاش»، بحسب تعبيره.
عرف خالد السفر بتلك الطريقة عام 2012 في روسيا، عندما تعرف على مجموعة من الشباب محبي السفر، وفوجئ باعتماد الكثير منهم على الأوتو ستوب في رحلاتهم: «إتعرفت على رحالة فرنسية.. بتسافر مسافات طويلة أوتوستوب.. شجعتني فكرة أنها بنت ومخافتش أخوض التجربة».
كانت بداية تجربة السفر عندما قرر «خالد» السفر أكثر من 22000 كم في سيبيريا بروسيا؛ بما ساعده على إتقان اللغة الروسية خلال حديثه الطويل مع الروسيين في الطريق، ثم استخدم تلك الطريقة خلال رحلته في نيبال، ومن أسبانيا إلى المجر، وأضاف أنه خلال رحلته في سيناء بمصر، علم أن أهل سيناء يستخدمون تلك الطريقة خلال تنقلاتهم تحت مسمى «التنطيط»، بحسب تعبيره، «لما كنت بعدي على كمين ويسألوني رايح فين وجاي منين، كنت بقولهم مسافر تنطيط فكانوا بيفهموا على طول».
مشاركة الطعام والشراب والحكايات
ويقول أسامة آدم، 26 سنة، مدير مشروعات، إن بدايته مع السفر أوتو ستوب كانت منذ حوالي 4 سنوات خلال عودته من محافظة المنيا للقاهرة على طريق أسيوط الغربي: «شاورت لعربية نقل كان فيها شخصين وكنت قلقان في البداية»، إلا أنهم ساروا به مسافة تصل لحوالي 400 كيلومتر دون أي مقابل مادي، وشاركوه قصص عن حياتهم وعملهم، كما صمموا أن يشاركهم الطعام والشاي، بما شجع أسامة بعد تلك التجربة الطريفة أن يعتمد على الأوتو ستوب خلال رحلاته فيما بعد.
«سافرت 11 يوما للغردقه وسفاجا والقصير ثم مرسى علم أوتو ستوب» كما صرح أسامة لـ«»، وخلال تلك الرحلات تعرف على السكان الأصليين لمرسي علم وحدود مصرالجنوبية؛ وهما قبيلتين العبابدة والبشارية والذين استقبلوه استقبال حافل: «كانوا كرما جدا معايا»، مشجعًا الشباب على الخروج من الروتين وتجربة تلك الطريقة التي تتيح لهم الاندماج مع ثقافات عديدة: «أشجع كمان البنات تجرب الأوتو ستوب، بس مع أخ أو صديق لأنه مش هيكون أمان أوي ليهم».
بعدما علمت العشرينية إسراء سيد، خريجة كلية تجارة جامعة عين شمس، عن طريقة السفر أوتو ستوب من خلال إحدى جروبات السفر على «فيسبوك»، قررت أن تخوض التجربة وحدها في عام 2019 من محافظة القاهرة للفيوم؛ وعندما وجدت الرحلة آمنة، اعتمدت على ذلك الأسلوب في السفر في رحلات آخرى: «طبعا ليها مخاطر علشان كدة بسافر بالنهار، وقبل ما أركب مع حد ببعت رقم العربية واللوكيشن لناس يقدروا يساعدوني لو حصل أي خطر».
وتضيف إسراء لـ«» أنها جربت تلك الطريقة في رحلاتها بالغردقة والأقصر وأسوان وسيوة، وتأكدت خلال تلك الجولات في محافظات مصر؛ أن الخير ما زال يملأ المصريين، وضربت مثالا على ذلك عند عوتها من مدينة سانت كاترين للقاهرة أصيبت في ساقها، فاستضافتها عائلة مصرية في سيارتها؛ ولم تتركها في القاهرة إلا بعد توصيلها للطبيب والاطمئنان عليها: «بالإضافة للمتعة والمغامرة تكاليف المواصلات كانت صفر».
الأوتو ستوب يُعلم الصبر
قال «يوسف المصري» 26 سنة، طباخ مصري مقيم في فرنسا، إن تجربة الأوتو ستوب علمته الصبر؛ لأنه قد يقف في انتظار سيارة مستعدة لاصطحابه على الطريق السريع لساعات طويلة: «مرة استنيت عربية تقفلي 8 ساعات تقريبا بين الحدود الأسبانية الفرنسية»، ويضيف يوسف أن بدايته في الاعتماد على الأوتو ستوب كانت في مصر عندما كان يبلغ 18 عاما، ويسافر بالعجلة مسافات طويلة مثلا من القاهرة حتى الإسكندرية؛ إذ كان يقررعند عودته للقاهرة أن يشاور لأي سيارة على الطريق تأخذه معها: «الموضوع كان أمان في مصر وبيوفر فلوس.. وكمان سمعت قصص وحكايات في الطريق ضافتلي حاجات كتير».
مغامرة تتطلب الحذر
قام يوسف مؤخرا بجولة طويلة في أوروبا استمرت 55 يوما مر خلالها بفرنسا وإيطاليا وبلجيكا وهولندا، أعتمد فيها على الأوتو ستوب.. ويقول إنه وجد في الطرق الطويلة التي شارك فيها عائلات وسائقين لا يعرفهم وسيلة لاستكتشاف نفسه والاعتماد عليها، إلا أن تلك المزايا التي تمتع بها لم تعفيه من التعرض لعدد من المخاطر في أوروبا؛ ومنها مصادفة ركوبه في سيارة تاجر مخدرات، ومروره هو وأصدقاؤه بغابة مهجورة أصابتهم بالفزع: «الموضوع كله مغامرة بس لازم يكون فيه حذر».