انطلاق أعمال المؤتمر السنوي العاشر للنيابة العامة (الفلسطيني الإيطالي المشترك)

انطلقت في مدينة رام الله، اليوم الخميس، أعمال المؤتمر السنوي العاشر للنيابة العامة (الفلسطيني- الإيطالي المشترك)، تحت عنوان: “الوصول الى العدالة وتقديم خدمات بكفاءة وفاعلية”، برعاية رئيس دولة فلسطين محمود عباس.

ويناقش المؤتمر في جلساته التي تستمر أعماله حتى الـ18 من الشهر الحالي، الوصول الى العدالة في إطار القانون الدولي والتشريعات الوطنية، وواقع العدالة في ظل جائحة كورونا، والتكاملية في تقديم خدمات العدالة، وآليات عمل مستحدثة لتعزيز عدالة الاحداث، وتنفيذ التدابير والبرامج الإصلاحية والعقوبات البديلة ومقومات الوصول الى العدالة، وذلك بمشاركة 15 دولة، وأكثر من 50 خبيرا وقانونيا دوليا سيقدمون أوراق عمل مختلفة.

وفي كلمته ممثلا عن الرئيس، قال رئيس الوزراء محمد اشتية: “لقد حرصنا في فلسطين على التوافق مع المعايير الحقوقية الأساسية الرامية لصون واحترام الكرامة الإنسانية، واستمرت منظومة العدالة بالعمل في أصعب الظروف خلال فترة “كورونا” وغيرها، واستمرت النيابة العامة ممثلة للحق العام وحامية للحقوق والحريات بشكل كامل وفعال، الأمر الذي انعكس إيجابا على منظومة العدالة لا سيما بملاحقة الجريمة، ودورها في ضمان تحقيق إجراءات عادلة، وعدم تعرض أي مواطن لانتهاك حقوقه الأساسية”.

وأضاف رئيس الوزراء: “القوانين بحاجة دائما الى مراجعة لتكون حديثة وتحاكي التطور العالمي والمجتمعي، والخطة التشريعية للحكومة تتطلع دائما للتطوير المستمر للقوانين، نحن نعلم أن هناك بعض القوانين العثمانية ما زالت سارية هنا وقوانين الانتداب والقوانين الأردنية وكذلك بعض الاحكام العسكرية الإسرائيلية، ولذلك نحن نعيد مراجعة منظومة القوانين كلها بما يخدم قضيتنا الوطنية ومشروعنا الوطني والعدالة”.

وتابع اشتية أن “تمكين المواطنين من الوصول إلى العدالة شيء مقدس وهو حق، سواء ذلك الوصول للمحاكم الدولية أو المحاكم الوطنية، فالهدف الرئيسي للقانون هو تنظيم الحياة والمجتمع والطبيعة البشرية وأمان المواطنين، وأعلى درجات القانون هي أمن المواطنين، والقانون بدون حقوق لا قيمة له، وحريتنا تكمن ضمن إطار ما يسمح به القانون المبني على العدل، ونعلم أن القانون هو أعلى درجات الحكمة الإنسانية المستند إلى تجربة الإنسان لمنفعة الجميع”.

وأردف رئيس الوزراء: “القانون لا يتجزأ، لا يكون هناك قانون دولي في أوكرانيا وظلم ولا قانون دولي في فلسطين، يكون هناك قانون للبعض وخرق للقانون من قبل البعض الآخر”.

وأشار اشتية الى أن “منظومة العدالة متكاملة؛ النيابة العامة، مجلس القضاء، المحامون، كلهم ضمن منظومة العدالة، وفي فلسطين تعزيز العدالة هو تعزيز للحق والحرية، وتعزيز لصمود الإنسان على أرضه في مواجهة ماكينة الاحتلال”.

وأشاد رئيس الوزراء بالإنجازات التي حققتها منظومة العدالة، وبشكل خاص النيابة العامة، لا سيما على صعيد حجم معالجة القضايا أمامها وأمام المحاكم في ظل الظروف الصعبة والمعقدة، كما أشاد برفع قدرات كوادرها المستمر، واعتمادها مبدأ التخصصية في العمل من خلال النيابات المتخصصة وجودة الاداء.

واختتم اشتية: “آمل من مؤتمركم هذا أن يسهم في وضع تصور شامل، ويساهم في تعزيز الجهود الرامية لتمكين المواطن من الوصول الى العدالة والحفاظ على حقوقه وحرياته التي كفلها القانون”.

من جانبه، قال القنصل الإيطالي العام جوسيبي فيديل: إن المؤتمر يأتي في لحظة مهمة من علاقتنا الثنائية، وبعد يومين من لقاء رئيس الوزراء الإيطالي مع رئيس الوزراء الفلسطيني.

وأضاف أن ايطاليا تقدم الدعم لفلسطين في مجال حقوق الإنسان، إضافة إلى اهتمامها في تعزيز قطاع العدالة، وذلك لأن القضاء والعدالة ركنان مهمان في مجالي الحقوق والحريات.

ولفت جوسيبي الى صعوبة التحديات التي تواجه فلسطين في مجال حقوق الإنسان، بسبب الواقع الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي.

من جهته، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس المحكمة العليا عيسى أبو شرار، أن المؤتمر يكتسب أهمية من خلال المشاركة الواسعة لقانونيين وخبراء دوليين، ويأتي في ظل محاولات دولة الاحتلال تقويض العدالة، ومنع وصول المواطنين في المناطق المهمشة ومناطق “ج” إليها، مؤكدا حرص دولة فلسطين على صون حرية المواطن وكرامته مهما كانت التحديات.

وأشاد أبو شرار بالتطور في أداء النيابة العامة لتكون حارسة للعدالة وتقوم بعملها ببراعة ونزاهة.

من جانبه، قال رئيس لجنة العلاقات المؤسسية الوطنية والدولية بمجلس القضاء الأعلى الإيطالي ستيفانو كافانا، إن المؤتمر يشكل مرحلة مهمة في تطوير العلاقة بين مؤسساتنا، وضرورة السعي لتعزيز الفهم المتبادل للأدوات الوطنية والدولية والمهنية من أجل الوصول الى الخدمات الفضلى وتدريب القضاة والنيابة العامة.

وأضاف: أن المجلسين الإيطالي والفلسطيني وقعا عام 2012 على اتفاقية تعاون لتبادل الخبرات في مجالات المعلومات في مجال القانون، واتفاقية تعاون تركز على تبادل المعلومات والوثائق الخاصة بالعدالة إضافة الى التعاون في الأمور القضائية والقانونية، مؤكدا أن التعاون بين المجلسين سيعزز العلاقة وهو خطوة أولى في تحقيق العدالة.

وأشار كافانا الى أن الاتفاقيات الموقعة مع فلسطين تؤكد الحاجة لتأسيس علاقة ثنائية طويلة الأمد وتعزيز الشراكة والعمل من خلال الشبكة الأوروبية العربية للتدريب القضائي والتي تأسست لتدريب القضاة والنيابة العامة.

وعن مجلس القضاء الإيطالي تابع: إن المجلس هو الكيان الحاكم للقضاء وأسس من قبل الدستور الإيطالي عام 1958، وله أهمية دستورية في إدارة أنشطة القضاء ويركز على أعضاء القضاء وتنظيم مكاتب القضاة والنيابة.

من جانبها، قالت رئيسة مكتب التفتيش في دائرة العدالة المجتمعية بوزارة العدل الإيطالية لوسيا لوديسي، في ورقة حول تعزيز الوصول للعدالة وسيادة القانون في المحاكم الدولية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، إنه يوجد تأكيد على أن جميع المواطنين ولدوا مع حقوق متساوية.

وتحدثت لوديسي، عن معنى الوصول للعدالة وعن العدالة المجتمعية كفكرة منتشرة في إيطاليا، والخبرة الإيطالية في هذا المجال، وعن العدالة التعويضية ومصادرها في القانون الدولي، سواء في الأمم المتحدة أو القانون الدولي.

وتطرقت للحديث عن العدالة الإصلاحية في إيطاليا، ودورها في تحقيق السلم المجتمعي بالتقاء الضحية مع الجاني مشيرة إلى أن ذلك يهدف لتقليل تكرار الجرائم.

بدوره، تحدث أمين عام محكمة النقض في تركيا المستشار فوزي يلريم، حول الوصول إلى العدالة في المحاكم العليا في إطار تجربة محكمة النقض في الجمهورية التركية.

وقال إن الوصول للعدالة هو أحد الحقوق الأساسية المحمية في كل النصوص الدولية المحلية والعالمية المتعلقة بحقوق الإنسان، ومن الواضح أن هذه القضية لها جوانب واسعة ومتخلفة للغاية وصعوبات قيود جائحة “كورونا” أضافت أبعادا جديدة للوصول إلى العدالة.

من ناحيتها، بينت مديرة دائرة السياسات في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان خديجة زهران دور الهيئة في مواءمة التشريعات الوطنية للدولية إثر انضمام دولة فلسطين طوعا للاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان، كذلك دورها في مواكبة مواءمة التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية لحقوق الإنسان.

وقالت إن الهيئة التي تتمتع بتصنيف دولي ضمن الهيئات المستقلة لحقوق الإنسان، تولي أهمية كبيرة لمواءمة التشريعات، لما لها من أهمية في تعزيز منظومة حقوق الإنسان واحترامها، وهي إحدى المؤشرات المهمة على رغبة الدولة في أن تكون جزءا من المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.

وفي كلمته، أكد ممثل الاتحاد الأوروبي في فلسطين سفين بورغسدورف، في ورقة حول المساعدات الدولية لدولة فلسطين ودورها في سيادة القانون، أن دولة فلسطين والاتحاد الأوروبي اتفقا للعمل على حماية حقوق المواطنين للتمتع بالحريات الأساسية وإجراء انتخابات في جميع المستويات، وفق المعايير الدولية، وتأسيس قضاء محايد وفعال يتوافق مع القوانين الدولية ينفذ قرارات المحاكم.

وأضاف “أن الاحتلال الإسرائيلي يقوض عمل الاتحاد الأوروبي في فلسطين، ويؤثر على مختلف مجالات الحياة اليومية للفلسطينيين، ويتم انتهاكها يوميا إضافة لزيادة العنف من قبل المستوطنين في السنوات العشر الماضية أكثر من أي وقت مضى، واستخدام القوة المفرطة من قبل قوات الاحتلال وما يعني صعوبة ضمان العدالة للشعب الفلسطيني”.

وأوضح بورغسدورف أن الاتحاد الأوروبي يدعم سيادة القانون في فلسطين وتسهيل وصول الفلسطينيين لخدمات ولتوفير المساعدة القانونية لهم، مؤكدا أن فلسطين انضمت لجميع اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية دون تحفظات، وهذا لم تقم به الولايات المتحدة التي لم تنضم لاتفاقية حماية الطفل مثلا.

ولفت إلى أنه تم بناء 5 محاكم، وتم تغيير الثقافة المتعلقة بقطاع العدالة ليصبح التركيز على تقديم الخدمات، حيث سجلت زيادة في معالجة القضايا في فلسطين بشكل لافت.

من جانبه، تطرق عميد كلية الحقوق في جامعة القدس محمد خلف، في مداخلة حول الوصول للعدالة عبر التوعية والمشاركة المجتمعية، للتجربة الأكاديمية مع النيابة العامة في هذا المجال، عبر اتفاقيات تعاون ونشاطات أكاديمية مستمرة في الجامعات.

وشدد على أنه يجب إنشاء قاعدة بيانات لتعزيز السياسات والبرامج التي ترسخ مفهوم العدالة، لفتح آفاق للمشاركة المجتمعية، والتركيز على نشر العدالة لتصبح مرافق عامة للمجتمع، وليس في كليات الحقوق فقط.

وعن دور النيابة العامة في إنفاذ التشريعات والممارسات الدولية المستجيبة لمعايير حقوق الإنسان، أشارت رئيسة وحدة حقوق الإنسان في النيابة العامة نجوى عبد الله إلى أن النيابة تسعى لتحقيق رؤيتها ورسالتها المنسجمة مع خططتها الاستراتيجية، لإجراء التحقيق الجنائي، وإقامة الدعوة الجزائية والتأكيد على مبدأ سيادة القانون، وإنفاذه وخضوع الجميع له.