المحلل الشرعي
تناول عدد من خبراء القانون والفقه والطب النفسي ظاهرة انتشار «المحلل الشرعي» في العديد من المحافظات، للوقوف على أبعادها وتداعياتها وفقًا لمنظور كل منهم واختصاصه، ويقول أيمن محفوظ، المحامى بالنقض، إن القانون ينظر لتلك الزيجات من حيث توافر الشروط الشرعية والشكلية لعقد الزواج، ومن ثم تلك الزيجات هي قانونية وشرعية، إلا إذا قام دليل يقيني على أن هناك مخالفة ما للعقد، ويجوز إثباتها بكافه الطرق، وقد يصل الأمر إلى بطلان عقد الزواج غير المكتمل بالشروط الشرعية أو القانونية.
الاعتراف سيد الأدلة
وأضاف «محفوظ» أن الترويج لخدمات ما يسمى بـ«المحلل الشرعي» يعد إحدى صور الاعتراف بالجريمة، وسيد الأدلة ما يدلي به المحلل لتسويق نفسه، ويقلب الأمر برمته ويصبح المتفقون على هذه المواقف مجرمين في نظر القانون بتهم التزوير في محرر رسمي والعقوبة تصل إلى 10 سنوات، لأنهم أفرغوا واقعة مزيفة غير حقيقية، ويمكن لأي أحد إقامة دعوى قضائية لإبطال ذلك الزواج.
اقرأ أيضًا.. «فتحي» كومبارس يدخل سبوبة المحلل الشرعي: اشتغلت مع ممثلين كبار
وتابع المحامي، أن هذا الزواج يعد تحايلًا صارخًا على أوامر الدين وانتهاكًا لحماية الأعراض، مضيفًا: «بالطبع لا يوافق أحد على استمرار تلك المهزلة سواء من الحقوقيين أو النشطاء والمهتمين بقضايا الأسرة، ولا بد من تطبيق القانون على تلك الفئة بأشد أنواع العقوبات القانونية، كما أنها تمثل أيضاً جرائم تزوير وازدراء للدين، ويعاقب عليها بالحبس لمدة تصل إلى 5 سنوات والغرامة، بتهمة التزوير فى محرر رسمى وهى قسائم الزواج».
الترويج للظاهرة جريمة
وأشار إلى أن الترويج لتلك الظاهرة يمثل جريمة نشر أخبار كاذبة، إذ يعاقب من تثبت إدانته فيها بالحبس مدة لا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه ولا تزيد على عشرين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد بإحدى الطرق المتقدم ذكرها أخباراً أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقاً مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذباً إلى الآخرين، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
وتابع: «تضاف لجرائم المحلل الشرعى أيضاً جريمة الاتجار بالبشر، لأنها تحول الإنسان إلى سلعة للتكسب منها، وإن كان الجانى هو السلعة ذاتها، كما يواجه المحلل الشرعى الذى يعلن عن تقديم خدمات على مواقع التواصل الاجتماعى عقوبات هدم القيم الأسرية، وإنشاء حساب لتسهيل ارتكاب جريمة، وهى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 25 و26 و27، وعقوبتها تصل إلى الحبس خمس سنوات وغرامة 300 ألف جنيه».
اقرأ أيضًا.. «سعيد» عنده 70 سنة وبيشتغل محلل شرعي.. ومدرس: باخد 10 آلاف جنيه في الليلة
رأي الدين في «المحلل الشرعي»
وقال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن زواج المحلل يعد محرمًا شرعًا، فلا بد أن يكون النكاح صحيحاً مستوفياً أركان انعقاد عقد الزواج، كأن يدخل الزوج الثانى دخولًا حقيقيًا، والعيش معًا دون تحديد وقت للانفصال.
خبراء النفس يعلقون على ظاهرة انتشار «المحلل الشرعي»
وحول أبعاد تلك الظاهرة اجتماعياً، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن استمرار مثل تلك الوقائع قد يحولها لظاهرة كبرى، فهي أصبحت مهنة من لا عمل له من بعض الشباب، متابعة: «تأتيهم الأموال بكل سهولة ودون إضاعة لوقت أو جهد، فهي ظاهرة تنذر بكارثة تهدد استقرار الأسرة المصرية التي هي نواة المجتمع، وتهدد سلامة النسيج الاجتماعي وتفقده توازنه».
وقالت «خضر» إن مروجى زواج المحلل الشرعى يستغلون مواقع التواصل الاجتماعى اعتقادًا منهم بأنها دون رقيب، موضحة أن أسباب لجوء البعض لتلك الممارسات يعود إلى غياب الوعى الثقافى والديني من الزوجين بمسؤوليات الزواج، مطالبة وسائل الإعلام بمزيد من جهود التوعية.
ولفتت إلى أن التلفظ بالطلاق أصبح أمراً سهلاً، يحدث نتيجة لأبسط المشكلات، ومع رغبة المطلقين فى العودة مرة أخرى من منطلق حماية الأسرة والأطفال، يلجأون لمثل تلك الحيلة التى يحتالون بها على القانون والدين والمجتمع.
بينما علق الدكتور جمال فرويز، استشارى الصحة النفسية على تلك الظاهرة، قائلاً إن الأشخاص المشاركين في هذا الأمر مصابون بالشخصية السيكوباتية، ويقصد بها تحول سلوك الفرد إلى شخصية معادية للمجتمع، فتتحول الأفعال إلى أنماط من التلاعب وانتهاك الآخرين، إذ يكون فى كامل وعيه، ويقع تحت طائلة القانون كون تلك الوقائع تعارض قواعد وسلوكيات المجتمع وناتجة عن عدم التمييز بين الصواب والخطأ، منوهًا بأن الذكور هم الأكثر إصابة بذلك العرض، الذي يسمى بالاعتلال النفسي.