ماكينات ظلت على هيئتها لأكثر من خمسين عاما، لم تعرف معنى التطوير منذ أن غادر آخر عامل روسي أرض السد العالي، فور اكتمال تدشينه وافتتاحه، لينجح رئيس الفنيين بالسد، حمادة ضاحي، في تطوير ماكينة قطع «الجواني» والتي تعتمد كل المواتير بأجهزة السد عليها عند وجود أعطال تتطلب إصلاحات، إذ عكف على فكرته التي آمن بها، أيام وليال، حتى خرج بها إلى الجميع يتباهى بصنعته التي أبهرت مديريه وكانت سببا في ترقيته بوظيفته.
3 شهور لتعديل ماكينة قطع الجوانات
ثلاثة أشهر متواصلة من العمل، نجح فيها حمادة ضاحي، في إدخال تعديل جديد على ماكينة قطع الجوانات بـ السد العالي، التي صممها الروس وقت بناء السد، ولم تتوافر قطع الغيار الخاصة بها داخل أسوان بأكملها: «الماكينة تصميمها قديم من أيام الروس وكان فيها مشكلة وهي إن محور ارتكازها على مسمار رفيع وبيتكسر بسرعة وقررت أعمل محور ارتكازها على عمود قلاووظ».
عندما يتعرض المسمار إلى الكسر كان الأمر يستغرق وقتا طويلا يصل إلى شهر ونصف تقريبا لحين شراء مسمار بديل من القاهرة، إذ تتوافر هناك قطع الغيار، ما يترتب عليه تأخر تصليح أعطال الماكينات والمواتير، بحسب «ضاحي» في بداية حديثه لـ«».
عطل جسيم واجه الفني الذي يعمل بالسد العالي منذ سنوات طويلة، كان دافعا ومحفزا له لتعديل ماكينة الجواني الروسية: «في البداية محدش كان مصدق إني أقدر أعمل كده وقالوا لي محتاج مكن مصانع كبيرة عشان تنفذ التعديل الجديد»، إلا أنه استمر في تنفيذ فكرته، بمساعدة من مسؤولي الخراطة في السد العالي: «استخدمت ورش الخراطة في السد عشان أنفذ التعديل ونجحت فيه لوحدي»، بحسب قوله.
تعديل آلية عمل الماكينة
تعديل محور ارتكاز الماكينة بدلا من المسمار إلى العمود القلاووظ، ليس التعديل الوحيد الذي أجراه «ضاحي» بل نجح في تعديل طريقة عملها كي تقوم بالقطع على مرة واحدة بدلاً من مرتين لتوفير الوقت والجهد، وفقا لحديثه.
ابتكار «ضاحي» الذي نفذه بأقل الإمكانيات وبمفرده، نال إعجاب الجميع داخل السد العالي، وبات المهندسون والعمال يعتمدون عليه في إصلاح أعطال الماكينات والموتورات في السد لإنجازها في الوقت وسهولة استخدامها عن الماكينة الروسية القديمة: «دلوقتي لو حصل عطل للماكينة هنلاقي قطع غيارها بسهولة عكس قطع الغيار الروسية اللي مش بنلاقيها»، على حد قوله.