| «سمر» رسمت خريطة على وجهها للتوعية بمرض البهاق: الجمال في الروح

جمالها وأناقتها بدا واضحين وهي ترسم على وجهها علامات البهاق المعروفة على شكل خريطة، إذ تهدف الفتاة التونسية سمر مباركي أن تقول للجميع أنها لا تخشي الكشف عن إصابتها بمرض البهاق، في ظل احتفال الأمم المتحدة باليوم العالمي للبهاق خلال شهر يونيو.

فتاة تونسية ترسم خريطة على أماكن البهاق

«أنا لا أخجل أن أطلق على نفسي فتاة البهاق، فهو مرض عادي، وليس معدي أو فتاك، وقد رسمت على وجههي شكل رمزي لخريطة في المناطق المصابة بالبهاق، واعتبرها لوحة فنية رسمها عاشق، لأني أهتم بالنظر لقلبي ونفسيتي وليس شكلي الخارجي».. بهذه الكلمات عبرت «سمر» عن رؤيتها تجاه مرضها البهاق، إذ ساعدتها دراسة لعلم النفس على تقبل مرضها، وفقا لحديثها لـ«».

أصيبت «سمر» بالبهاق خلال الدراسة بالمرحلة الثانوية، وكانت الصعوبة في أن تواصل الدراسة وبنفس الوقت تحاول التغلب على صعوبات المرض: «تعرضت للكثير من التنمر فى البداية لأن المرض كان واضحا في أجزاء من جسدي أمام زملائي، لكن بعد فترة لم أعد أهتم ففي العالم الكثير من عارضات الأزياء الذين تعرضوا للتنمر ولكن حياتهم لم تتوقف».

لم تحاول «سمر» الركض وراء العلاجات المزعومة لمرض البهاق، فمن خلال دراستها وقراءتها عن المرض أدركت أنه بلا علاج كونه مرض مناعي يعتمد على نفسية المريض، لذا كان حرصها الأكبر على مجابهة المرض بشكل نفسي: «لفترة طويلة ركزت على دراسة المرض ومعرفة كل شيء عنه، وهو ما جعلني قوية ولا أخاف شيئا بل أحيانا أصف نفسي بأنني أفضل من الأشخاص الذي يعانون من أمراض لأنني سليمة نفسيا».

«سمر» تكسر تابوهات مرض البهاق

بعد التخرج حاولت «سمر»، 23 سنة، بدء الحديث عن المرض عبر حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولة تعريف الناس العادية بالمرض وأسبابه، وكسر الصورة النمطية بالخوف من المصاب بالبهاق واعتباره معدي: «في أشخاص يحزنون على أنفسهم بعد إصابتهم بالمرض، خصوصا عندما ينظروا لأنفسهم بالمرآة، وأنا أحاول دعمهم بشتي الطرق من منطلق دراستي النفسية، لكي يروا الجمال في أنفسهم، فأول شروط العلاج أو حتى منع انتشار المرض في الجسد هو أن النفسية يجب أن تكون إيجابية، لأنه مرض نفسي في الأساس وليس جسدي».

خلال رحلتها كانت «سمر»تصطدم بعقبة التنمر فى كل خطوة تأخذها بداية من استكمال الدراسة ما بعد الجامعة ثم  العمل، ولكن بسبب دعم عائلتها وخصوصا والدتها لم تأبه بأي سخرية: «أنا استمد قوتي من شخصيتي وعائلتى بعد ذلك، فأهلي دوما لديهم شعور بالفخر أنني لم أتأثر سلبا بالمرض، أو يجعلني أخشي مواجهة الناس، ودعموني كثيرا، وهم لم يكونوا متوقعين أن أفكر بتلك الطريقة الإيجابية، وأن الحياة لا تقف على شيء وأننا يجب أن نعيشها بكل ها سواء الفرح أو الحزن أو المرض».

لم تتوقف «سمر» عن تصميمها على تغيير الصورة النمطية عن مرض البهاق حتى بعد الزواج وإنجاب طفل، فهي تدرك الآثار السلبية للمرض ورأتها فى أشخاص بمحيطها عانوا من التنمر لدرجة أصابتهم بالاكتئاب نتيجة الانعزال عن الخروج أو الاختلاط بالآخرين، بينما صار البعض الآخر يذهب إلى أطباء نفسيين لكي يتقبل وجوده: «في أشخاص لا يعرفون شيء عن البهاق ولا يفعلون سوا بث الطاقة السلبية فى نفس المريض، فأنا أحاول مساعدتهم، من خلال التأكيد أن البهاق نعمة من الله، وأن من يحبك لابد أن ينظر لروحك وليس جسدك، وأن من يتقبل نفسه هو من يقدر أن يخلق إيجابيات في هذا العالم».