اكتظ مسرح نسيب عزيز شاهين في جامعة بيرزيت، بالجمهور كبارا وصغارا، لحضور مناقشة رسالة ماجستير الأسير الطالب في برنامج الدراسات العربية المعاصرة زكريا الزبيدي، والتي عنونت بــ”الصياد والتنين: المطاردة في التجربة الفلسطينية من 1968-2018″.
وعُرض قبل البدء بالنقاش فيلم تضمن تسجيلات مصورة وصوتية للطالب الأسير الزبيدي، تلا ذلك نقاش الرسالة من الدكتور المشرف عليها عبد الرحيم الشيخ، وأعضاء لجنة النقاش الدكتور جمال ضاهر والدكتور وليد الشرفا، الذين أشادوا بالرسالة، وبالممارسة التي أسست عليها.
ولم يقتصر النقاش على أعضاء اللجنة، إذ بُثت ثلاث رسائل مسجلة من سجون الاحتلال، بدأت من سجن “هداريم” مع رسالة الأسير مروان البرغوثي، تلتها عنه زوجته الأستاذة فدوى البرغوثي، وعُرض بعدها تسجيل صوتي لرسالة الأسير وليد دقة من سجن عسقلان، ورسالة مسجلة أخرى من الشتات تحديدا من بيروت للروائي إلياس خوري، وذلك في لفتة إلى مواصلة الزبيدي للمسيرة الأكاديمية من داخل الأسر، ولخصوصية الحالة.
تناولت رسالة الزبيدي ما يقارب 50 عاما من ملاحقة الاحتلال الإسرائيلي للمطاردين الفلسطينيين، وتقمص زكريا شخصية “التنين” المستمدة من أسطورة قديمة تكون فيها الغلبة للتنين على الصياد بعد مطاردة طويلة وصعبة، وتجسد حاله وتسقط تجربته الشخصية واقعا.
وتلا رئيس اللجنة الدكتور عبد الرحيم الشيخ بيان اللجنة: “قُبل الأسير زكريا الزبيدي في برنامج الماجستير في الدراسات العربيّة المعاصِرة بتاريخ 27 أيار/ مايو 2017، وانتظم في الدراسة في الفصل الأول من العام الدراسي 2017-2018، وتقدم بمقترحٍ لمسار رسالة الماجستير، وتم إقراره وتسجيل الرسالة بتاريخ 17 أيلول، 2018”.
وقال الشيخ، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي الزبيدي بتاريخ 28 شباط/ فبراير عام 2019، وكان أنجز الفصلين الأول والثاني من رسالته، وأنجز فيها العمل الميداني بإجراء 26 مقابلة، ونوقش مقترحه الموسع، والمكون من الفصلين الأول والثاني، وأُقر من قبل لجنة البرنامج بتاريخ 27 آذار/ مارس من العام ذاته.
وتابع: خلال التواصل بيني وبين الأهل، ومحامي نادي الأسير، وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، والحملة الشعبية لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي وكافة الأسرى، تمكن الأسير الزبيدي من اجتياز المساق المتبقي له وهو في المعتقل بنجاح، بتسجيل خاص خلال الفصل الدراسي الثاني 2020-2021. كما تمكن، وبالطريقة نفسها، من تطوير الفصل الثالث، وكتابة الفصل الرابع من رسالته وهو يقبع في سجن “جلبوع” في بيسان، وأخيرا نُشر الفصل الرابع، بعد إذن الأسير الزبيدي، في العدد الخاص بالأسرى من مجلة الدراسات الفلسطينية، بعنوان: “الصياّد والتنّين.”
وأضاف المشرف على الرسالة، أنه بعد تمكن زكريا ورفاقه الخمسة من انتزاع حريتهم من سجن “جلبوع” بتاريخ 6 أيلول الماضي، ومن ثم إعادة اعتقاله في الحادي عشر من الشهر ذاته، نشرت جامعة بيرزيت بيانا للرأي العام بعد يومين من الاعتقال، تعهدت فيه باستكمال إجراءات نقاش الرسالة بعد استيفائها الشروط حسب الأصول، علما أن الأسير الزبيدي لا يزال في العزل الانفرادي لدى سلطات الاحتلال في سجن “أيالون” في الرملة من وقتها، ووسيلة التواصل الوحيدة معه عبر المحامين، ووافق زكريا على نقاش رسالته غيابيا، يعرض فيها تسجيلات بالصورة في فترة ما قبل اعتقاله، وبالصوت أثناء وجوده في المعتقل، توضح سير عمله لإنجاز رسالته.
“لم يتمكن الأسير زكريا الزبيدي من كتابة خاتمة لهذه الدراسة، لكنّه في آخر تواصل معه يوم 26 آب 2021، قبل تحرُّره ورفاقه، عبر “نفق الحرية” في سجن “جلبوع”، بتاريخ 6 أيلول عام 2021، طلب حذف النقطة من آخر الرسالة، قائلا حرفيا: “في الخاتمة في نقطة، أنا بفضل تقيّمها. خاتمة الرسالة. مش خلصنا من الرسالة كلَّياتها.. النقطة الأخيرة قيّمْها. وفي أول زيارة لمحاميته بثينة دقماق له، بعد حدث “نفق الحرية”، بتاريخ 21 تشرين الأول 2021، أوضح الزبيدي لماذا أراد إزالة النقطة، بقوله: “بدي تظل قصة الصياد والتنين مفتوحة، قبل التحرر من سجن “جلبوع”، وبعده، القصة ما انتهت”. يقول الدكتور الشيخ.
يشار إلى أن تجربة الاختفاء والمطاردة في الأيام الخمسة من 6-11 أيلول 2021، لم توثق في الرسالة.
واختتم الشيخ البيان بالقول: “هذه كلها تفاصيل يا زكريا، أما قرار اللجنة فهو قرارك الذي كتبته بقدمك في المطاردة، مطارَدا، ومطارِدا، وقرارك، الذي نتشرف بالنطق فيه كلجنة إشراف على رسالتك الماجستير: “الصياد والتنين: المطاردة في التجربة الفلسطينية 1968-2018″، هو نجاحك في الماجستير بامتياز عالٍ في الممارسة، ونجاح منقطع النظير في النظرية، وهذا نجاح لفلسطين، للبندقية الكلمة المقاتلة. فسلام عليك يوم ولدت، ويوم قاتلت، ويوم طوردت، ويوم أُسرت، ويوم خرجتَ من نفق الحرية في بيسان، ويوم تبعث حُرا”.
والأسير زكريا الزبيدي من مواليد مخيم جنين عام 1976، نجا من أربع محاولات اغتيال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، واعتقل عام 2019، توفي والده وهو صبي، واستشهدت والدته سميرة الزبيدي في 3 آذار/ مارس 2002 برصاص الاحتلال، خلال وقوفها قرب نافذة أحد المنازل، وبعدها استُشهد شقيقه طه، وهُدم منزل عائلته ثلاث مرات.
وفي الـ15 من أيار/ مايو الماضي، استشهد شقيقه داوود متأثرا بجروح أصيب بها في مخيم جنين، وما زال جثمانه محتجزا داخل ثلاجات الاحتلال حتى الآن.