المسارح تودع أسطورتها بروك – جريدة الوطن السعودية

كان بيتر بروك الذي توفي السبت عن 97 عاماً يعتبر مع كونستانتين ستانيسلافسكي المخرج المسرحي الأكثر تأثيراً في القرن العشرين، إذ يعود إليه الفضل في جعل المسرح على ما هو عليه اليوم.

حيث أعاد تجديد فن المسرح من خلال تجاوزه الأشكال التقليدية والعودة إلى الأساسيات، وهي أن يكون الممثل أمام جمهوره.

ويعتبر بروك الذي غالباً ما يقارن بستانيسلافسكي (1863-1938) الذي أحدث ثورة في التمثيل، منظّر «الفضاء الفارغ»، وهو من المراجع الأساسية في المسرح ونُشر للمرة الأولى عام 1968.

وباتت السطور الأولى من هذا الكتاب من أبرز مبادئ المسرح البديل والتجريبي وجاء فيها: «يمكنني أن آخذ أي مساحة فارغة وأطلق عليها اسم خشبة. يمشي شخص ما في تلك المساحة الفارغة بينما يشاهده شخص آخر، وهذا يكفي لبدء الفعل المسرحي».

وتُعدّ «ماهابهاراتا» أشهر مسرحيات بروك، وهي ملحمة مدتها تسع ساعات من الأساطير الهندوسية (1985)، اقتُبست للسينما عام 1989.

وقد كتب هذه المسرحية في فرنسا، حيث استقر في مطلع سبعينات القرن العشرين وأسس «المركز الدولي للبحوث المسرحية» في مسرح على الطراز الإيطالي على وشك الهدم هو مسرح «بوف جور نور».

إلى المسرح التجريبي كان بروك المولود في لندن في 21 مارس 1925 لأبوين يهوديين ليتوانيين مهاجرين، في السابعة عشرة عندما تولى للمرة الأولى إخراج مسرحية.

وسرعان ما اتجه إلى المسرح مع أنه كان يحلم بالعمل في مجال السينما. وفي سن العشرين، تخرج من جامعة أوكسفورد، وكان أصبح مخرجاً محترفاً. وبعد ذلك بعامين، أثارت أعماله الإعجاب في ستراتفورد أبون آفون، مسقط رأس شكسبير. وفي الثلاثين، كان حقق نجاحات كبيرة في مسارح برودواي.

وأبهرت مسرحيته Marat/Sade لندن ونيويورك وحصل عنها على جائزة «توني» عام 1966. ولكن في نهاية الستينات، بعد 40 نجاحاً مسرحياً عمل بإدارته فيها أعظم الممثلين، من لورانس أوليفييه إلى أورسون ويلز، قال بروك إنه «استنفد إمكانيات المسرح التقليدي» ودخل فترة تجريبية.

واعتبر كثر أن مسرحيته المذهلة «إيه ميدسامر نايتس دريم» عام 1970 ل«رويال شكسبير كومباني» في صالة للألعاب الرياضية على شكل مكعب أبيض كانت بمثابة نقطة تحول.

ودفعت هذه المسرحية الممثلة هيلين ميرين للتخلي عن مسيرتها الجماهيرية المبكرة للانضمام إلى فرقته الوليدة في باريس، حيث كان يطمح منذ البداية للعمل مع ممثلين من ثقافات مختلفة.

وبدافع من سعيه الدائم إلى الأصالة، سافر إلى إفريقيا وإيران والولايات المتحدة ونفذ أعمالاً تجريبية فيها تتمحور على «إلغاء تقييد» الممثل والعلاقة مع المتفرج.

وكرس في كل أعماله اللاحقة أسلوباً نقياً ومتحررا.