«ما حكم مضغ الطعام بصوت مسموع؟».. سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية عبر موقعها الإلكتروني، إذ تحدث المتسائل عن ملاحظته لبعض العرب الذين يُخرِجون صوتًا عند مضغ الطعام، وكذلك يتحدثون وأفواههم مليئة بالطعام، مما جعله يبحث عن إجابة مفصلة حول الأمر.
حكم إصدار صوت أثناء تناول الطعام
وردا على السؤال، قالت دار الإفتاء المصرية إن ما يحدثه بعض الناس من صوت عند مضغ الطعام إنما هو سلوك شخصي قد يصدر من المسلم وغير المسلم، ولا علاقة لذلك بالإسلام ولا بالأديان، ناصحة المسلم بالتحلي بمحاسن الآداب وكريم الخصال كما أرشد إليها الإسلام، ومراعاة آداب الذوق العامة التي تستحسنها العادات والأعراف المجتمعية ما دامت لا تخالف الشريعة الإسلامية، واجتناب ما قد يسبب الانزعاج أو الضيق لمن حوله، ليظهر بذلك صورةً راقية تدل على دينه وأمته.
وتفصيلا، أكدت دار الإفتاء أن الشريعة الإسلامية شريعة متكاملة جاءت لسعادة الدارين، وشرع الله تعاليم الإسلام وأحكامه وآدابه لينظم للإنسان كل شؤون حياته من العبادة والمأكل والمشرب والملبس، ومواكبة الحضارة، والتعلم والتعليم، ويرتقي بسلوك الفرد والمجتمع في ذلك كله؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ بَعَثَنِي بِتَمَامِ مكارمِ الْأَخْلَاقِ، وكَمَالِ مَحَاسِنِ الْأَفْعَالِ».
آداب الطعام والشراب
ولفتت الإفتاء، إلى أنه من الآداب التي اهتمت بها الشريعة: آداب الطعام والشراب حيث تحدث العلماء والفقهاء عن تمتع المسلم بالمحاسن كي يظهر بالمظهر اللائق في طعامه وشرابه، ومن السلوكيات التي نهوا عنها إحداث صوت أثناء المضغ والشرب، مستدلين على بعض النصوص من الكتاب والسنة والتي تنهي عن التشبه بالحيوانات في طبائعها المذمومة كالشره والجشع والنهم عند الأكل والشرب؛ منها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَشْرَبُوا وَاحِدًا كَشُرْبِ البَعِيرِ، وَلَكِن اشْرَبُوا مَثْنَى وَثُلَاثَ، وَسَمُّوا إِذَا أَنْتُمْ شَرِبْتُمْ، وَاحْمَدُوا إِذَا أَنْتُمْ رَفَعْتُمْ».
بجانب وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا شَرِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَمَصَّ مَصًّا، وَلَا يَعُبَّ عَبًّا، فَإِنَّ الْكُبَادَ مِنَ الْعَبِّ»، المقصود من هذا التوجيه النبوي: الإرشاد إلى التروي في الشرب شيئًا فشيئًا، لا أن يُجرَعَ جرعًا كما تفعل الدوابُّ مُحدِثةً صوتًا عنده، مع ما في ذلك مِن ضرر على الشارب، وحصول الضيق لِمَن حوله.
ونص العلماء أيضًا على أن من الصفات المذمومة عند الأكل: التكلم في حال مضغ الطعام، وإحداث صوت لأشداقه وفمه عند المضغ والبلع، وعدُّوا ذلك من العيوب التي ينبغي على الآكل تَوَقِّيها والبعد عنها، وسمَّوا الأول «مُبَعْبِعًا»، والثانيَ «مُفَرْقعًا» ورَشَّافًا”؛ قال العلامة ابن الملقن: «ولا يجعل اللقمة في فمه يَرشُفُها ويُسمَع لها حسّ».