بأنامله الصغيرة، أمسك المقص والمشط، وصار يضع لمساته السحرية فوق خصلات شعر زبائنه، رغم صغر سنه، كل منهم له «فورمه» تليق بملامح وجهه فقط، من ابتكار طفل بالصف الثالث الابتدائي لم يتعد عمره الحادية عشر، عندما قرر والده إلحاقه بأي مهنة بعد انتهاء يومه الدراسي؛ تفاديًا لحدوث أي مشكلات مع الجيران بسبب «لعب العيال»، وهو النهج الذي يسير عليه أغلب الأسر في سوريا.
«فارس» يشكل «لوك» المشاهير في المهرجانات
«التعليم في الصغر كالنقش على الحجر».. لم يكن هذا المثل مجرد كلمات، بل أصبح علامة فارقة في حياة يحيى فارس الشاب السوري، المعروف حاليا بحلاق المشاهير في تركيا، صاحب الـ40 عامًا، فأي مهرجان أو حفل يقدمه أي فنان عربي في أسطنبول يكون «فارس» صاحب «اللوك النهائي» لهؤلاء الضيوف.
عندما بدأ «فارس» ممارسة مهنة الحلاقة، كان طفلًا لم يُخيّل له يوما أن تصبح عشقه وهدفه في الحياة فيما بعد، ولم يظن أن يجلس تحت يديه كبار المشاهير، متذكرًا بدايته أثناء حديثه لـ«»، قائلًا: «رحت على الصالون لأن أهلي حبوا يحطوني في مهنة أو صنعة بعد المدرسة وما ضل في الشارع تجبنا للمشاكل مع باقي أطفال الحي».
يوم تلو آخر ويطور الصغير من نفسه داخل مهنته، وبمجرد أن بلغ الـ16 عامًا ذاع صيته في كل أرجاء مدينته حلب فضلًا على المدن السورية حينذاك، كما افتتح الفتى الصغير صالونه الخاص وأطلق عليه «ذا بيتست مان» أي أفضل رجل، ولم يخش أحد صغر سنه فكان متمكنًا من «الموس» ليخرج به ابداعه، حتى أصبحت تتسارع عليه الزبائن، وجذبهم بخفة يديه ودمه وحلاوة أيضًا، وأصبح من الصعب أن تجد لك موعدًا في جدول عمل «فارس»؛ ما اضطر الزبائن لعمل اشتراك شهري في الصالون: «صرت أطوّر من نفسي وأبحث عن قصات جديدة تواكب الموضة في ذلك الوقت، فكنت أسافر إلى خارج سوريا، أخد دورات في الحلاقة وأدرس كل ما هو جديد».
اندلاع الحرب السورية وتأثيرها على صالون «فارس»
وبعد فترة اندلعت الحرب السورية، وأصبح صالون الشاب الذي تزوج وأصبح أبًا، مجرد ركام، وضربت حالة يأس الشارع السوري، وزادت الحالة الاقتصادية الضاغطة المشهد سوداويةً وقتامةً، ورغيف الخبر صار صعب المنال، وتسللت خيبة أمل حول المستقبل المجهول، ليقرر فيما بعد السفر إلى تركيا؛ باحثًا عن المجد مرة أخرى.
واجه الأب صعوبات كثيرة بعدما سافر إلى أسطنبول، منها اللغة المختلفة والعادات والتقاليد أيضا، لينقلب حال الأستاذ ويصبح عاملا في أحد الصالونات التركية، ولكنه ظل يعمل ليلا ونهارا حتى يعيد أمجاده التي بناها في بلده سوريا، ليتمكن بعد مرور عام من افتتاح أول صالون خاص باسمه والذي توالى بعده افتتاح 5 أفرع أخرى في أسطنبول وأنقرة وأنطاكيا، يعمل بها مواطنون من جنسيات عربية مختلفة.
عادت شهرة الرجل الأربعيني مرة أخرى خارج العربي، لتنتشر سيرته بين المشاهير وخاصة العرب وأبرزهم راغب علامة، ومحمد رمضان، وكاظم الساهر، ومصطفى محمد لاعب المنتخب ي ونادي جالتا سراي التركي، قبل انتقاله منذ أيام قليلة إلى فريق نانت الفرنسي، ليصبح «فارس» هو المسؤول عن «قصات شعر» ضيوف جميع المهرجانات التي تقام تركيا، وشارك أيضًا في مهرجانات دولية، كما حصل على ماجستير في الحلاقة من بريطانيا.
ماجيستير في الحلاقة
لم يتوقف عشق الرجل لمهنته على ممارستها فقط، بل حصل على ماجستير في الـ حلاقة من بريطانيا، وينظم ورش حاليا لتعليم المهنة لكل من يريد أن يتقنها بداية من «مسكة الموس» حتى الاحتراف.