أمام أحد الأندية الرياضية بمدينة البدرشين بالجيزة، تجلس سيدة ثلاثينية، تشوي الذرة، وبجانبها طفليها الاثنين، أحدهما يلعب حولها، والثاني رضيع يجلس بجوارها، تمد إليه يدًا واحدة لترضعه بينما تعمل بيدها الأخرى لتجلب رزق أولادها، مشهد لفت أنظار المارة لـ صباح فتحي، بعد غياب زوجها، والتي اضطرت لبيع الذرة لتكفي مصاريف بيتها الشخصية.
تروي «صباح»، لـ«»، أنه منذ شهرين فقط، وجدتها نفسها أم وأب في الوقت نفسه، وانعدم دخلها تمامًا بعد غياب الزوج، فحاولت العمل بالمصانع المختلفة، لكنها دائمًا ما كانت تقابل بالرفض بسبب اصطحابها طفليها معها، وبعد أيام من البحث قررت العمل الخاص: «فجأة من قبل رمضان، لقيت نفسي لوحدي ومعايا طفلين، واحد رضيع والتاني في الحضانة، محتاجة أصرف عليهم وأربيهم، ولما دورت على شغل، كله رفض لأن مفيش حد أسيبهم له وماينفعش أخدهم معايا».
8 ساعات عمل يوميًا
الحيرة تسيطر على بال «صباح»، حتى وصل تفكيرها لتعمل بنفسها، اشترت كمية من الذرة وجلست بالشارع، تشوي وتبيع ومعها طفليها، تقضي المساء كله جالسة بجوار صهد الفحم في حر الصيف، يبدأ عملها في الرابعة مساءً وينتهي عند منتصف الليل: «الصبح ابني بيروح الحضانة، ولما يجي يدوب بعمله أكل، والعصر باخدهم معايا وبخرج على أكل عيشي، أفضل قاعدة طول فترة الليل، ورغم إننا في وقت مش حر، إلا إن القاعدة جنب النار في الصيف صعبة».
مضايقات وتعاطف.. حياة «صباح» في الشارع
صارت الأمور أفضل تدريجيًا ولكن الشارع غير آمن، البعض يسبب لها المضايقات، رغم وجود متعاطفين معها، أما عن أقاربها فكل منهم مشغولاً بهمومه، وعزة نفس «صباح» منعتها من طلب المساعدة: «المهم إني مش محتاجة لحد لأن نفسي عزيزة عليا».