معاريف: هذا ما يجب علي “اسرائيل” فعله لتوقف ألعاب نصر الله

معاريف – بقلم إسحق ليفانون –    لنفترض أن إسرائيل تعلن بصوت واضح قبولها المخطط المقترح لتسوية الخلاف البحري مع لبنان، وبموجبه يذهب حقل الغاز قانا كله إلى لبنان ويبقى كاريش كله لنا؛ دون المطالبة بتعويضات مالية أو تلقي مساحة بديلة. معظم القوى السياسية في لبنان تؤيد هذا المخطط. وهذا سيسحب البساط من تحت نصر الله، وستغرق كل تهديداته في مياه البحر.

يبدو أن الأغلبية الساحقة من المقالات والتحليلات في البلاد على خطابات نصر الله، وتصريحاته، وتهديداته وخطواته، تحلل وفقاً لمقاييس المنطق والعقلية الغربية. ولكن المنطق الوحيد القائم في لبنان هو أنه لا يوجد منطق، ونصر الله يحب قراءته من هذه الزاوية. هو يناوشنا، لكن وجهته نحو الساحة اللبنانية الداخلية. نصر الله يرى نفسه لبنانياً قبل أي شيء آخر. هو لاعب سياسي بالفسيفساء اللبناني الداخلي المعقد، ويعمل على تصميم صورة لبنان المستقبلية. وهو مرتبط بإيران وسوريا بعمق. وحتى بعد أن هدد إسرائيل بالحرب إذا ما تجرأت إسرائيل على إنتاج الغاز من حقل كاريش دون اتفاق على الحدود البحرية مع لبنان، فلا يسارع إلى المعركة. كما أنه أعلن بنفس واحد بعد تهديداته بأن الحرب ليست واجبة.

لقد فقد نصر الله من قوته في البرلمان بعد الانتخابات العامة الأخيرة. وعلى الرغم من ذلك، يعمل كي يحافظ على قوته السياسية داخل لبنان ولجني المرابح لنفسه. التهديد بالحرب علينا جزء من هذا الجهد. هو لا يلعب بالنار كما كتب العارفون المشهورون عندنا، إذ إنه على وعي بشدة النار التي تأكل الأخضر واليابس. الخلاف على ترسيم الحدود البحرية يناسب جهوده لجمع النقاط، وهو يستغل هذه الورقة. المشكلة أن إسرائيل ترقص حسب أنغامه. فبدلاً من أن تتخذ قراراً سريعاً في مسألة حل الخلاف البحري، تجر إلى الخطاب الذي يبنيه نصر الله في الساحة الداخلية. ينظر نصر الله إلى انتخابات رئاسة لبنان في تشرين الأول المقبل، ويريد أن يرى باسيل جبران، صهر الرئيس الحالي وحليفه، الرئيس التالي للبنان. للرئيس في لبنان صلاحيات واسعة، وإذا ما نجح نصر الله في رهانه، فإن باسيل جبران، الرئيس الجديد، سيمنحه الغطاء اللازم لمواصلة سيطرته في الساحة الداخلية. سيضغط نصر الله كي تؤجل إسرائيل إنتاج الغاز من كاريش كما هو مخطط. وهكذا يربط بين حل الخلاف البحري، وانتخاب رئيس جديد كما يشاء. وللوصول إلى تشرين الأول وتنفيذ مرماه، يهدد بالحرب ويطرح الشروط. وكما أسلفنا بالنسبة لتشكيل الحكومة الجديدة.

يقول المنطق الغربي إنه إذا خسر نصر الله من قوته في الانتخابات وبات مندوبوه أقل في البرلمان، فينبغي لهذا أن ينعكس في الحكومة الجديدة. لكن هذا ليس المنطق اللبناني لزعيم “حزب الله”، بل يريد ضمان تعيين وزراء من جانبه، يساعدونه في تعزيز نفوذه. مثلاً وزير الصحة الذي ميزانية وزارته منفصلة وليس خاضعة للرقابة؛ وزارة كهذه ستسمح لنصر الله بمعالجة مقاتليه دون عراقيل. إذا أرادت إسرائيل أن توقف ألعاب نصر الله، فعليها اتخاذ أفعال، خصوصاً التوقف عن تحليل خطواته وفقاً للمنطق الغربي.