كشف موقع The Intercept في تقريرٍ حصريٍّ نشره اليوم ، النقاب عن أنّ المستندات المُتوفّرة بحوزته تؤكِّد أنّ شركة (غوغل) الأمريكيّة تقوم ببيع أدوات الذكاء الاصطناعيّ المتقدمة لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ موظفي الشركة الأمريكيّة، الذين بقوا على علم بمشروع الذكاء الاصطناعيّ (نيمبوس)، أوضحوا أنّ لديهم مخاوف بشأن الانتهاكات الإسرائيليّة لحقوق الإنسان.
وأشار الموقع الأمريكيّ المُستقِّل إلى أنّ منظمّة العفو الدوليّة (أمنستي) ومنظمّة (هيومان رايتس ووتش) اتهمتا إسرائيل بارتكاب جرائم ضدّ الإنسانيّة بحقّ الفلسطينيين عبر ممارستها سياسة العزل العنصريّ، مُوضحًا أنّ الجيش الإسرائيليّ وجهاز الأمن العّام (الشاباك) يعتمِدان بالفعل على نظام متطور للمراقبة المحوسبة، وأنّ تطوّر عروض تحليل البيانات التي تحصل عليها دولة الاحتلال من (غوغل) قد يؤدّي لتفاقم الاحتلال العسكريّ الإسرائيليّ، الذي بدوره يعتمِد وبشكلٍ مُتزايدٍ على البيانات.
بالإضافة إلى ذلك، أوضحت المواد التدريبيّة التي استعرضها الموقع الأمريكيّ المُستقِّل أنّ شركة (غوغل) تقدم ذكاءً اصطناعيًا متقدمًا وقدرات التعلم الآلي للحكومة الإسرائيليّة من خلال عقدها المثير للجدل مشروع (نيمبوس)، مُشيرًا إلى أنّ وزارة الماليّة الإسرائيليّة أعلنت عن عقدٍ في نيسان (أبريل) 2021 لنظام حوسبة سحابية بقيمة 1.2 مليار دولار تم بناؤه بالتعاون بين شركتيْ (غوغل) و(أمازون)، وقالت الوزارة في بيانها إنّ “المشروع يهدف إلى تزويد الحكومة والمؤسسة الدفاعية وغيرها بحلٍّ سحابيٍّ شاملٍ”.
التقرير الأمريكيّ شدّدّ على أنّ شركة (غوغل) تقوم بتزويد الحكومة الإسرائيليّة بمجموعةٍ كاملةٍ من أدوات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعيّ المتوفّرة من خلال برنامجها (Google Cloud Platform)، لكنّها في ذات الوقت لا تُقدّم أيّ تفاصيل حول كيفية استخدام برنامج (نيمبوس)، وأضاف الموقع أنّ الوثائق التي يعتمِد عليها تُشير إلى أنّ البرنامج الجديد سيمنح إسرائيل الإمكانات لاكتشاف الوجه، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع الأشياء، وحتى تحليل المشاعر عبر تقييم المحتوى العاطفيّ للصور والكلام، والكتابة، إذْ أوضحت بيانات شركة (نيمبوس) أنّ الشركة تُنظّم التدريبات الخاصّة بها، والمُتاحة للموظفين الحكوميين من خلال خدمة التعلم عبر الإنترنت مستشهدة بوزارة الأمن الإسرائيليّة كمثالٍ.
الموقع أوضح في تحقيقه أنّ الرئيس السابق للأمن في (غوغل انتيربرايس)، جاك بولسون، قال إنّ أحد أهداف (نيمبوس) هو منع الحكومة الألمانيّة من طلب بيانات تتعلق بالجيش الإسرائيليّ للمحكمة الجنائية الدوليّة، وتابع بولسون، الذي استقال بشكلٍ احتجاجيٍّ من وظيفته كعالم أبحاث في (غوغل) في عام 2018، تابع أنّه “بالنظر إلى استنتاج (هيومن رايتس ووتش) بأنّ الحكومة الإسرائيلية ترتكب جرائم ضدّ الإنسانية بسبب الفصل العنصريّ والاضطهاد ضد الفلسطينيين، فإنّه من الأهمية بمكان أنْ يتّم وعلى أكمل وجه توثيق ومراقبة الذكاء الاصطناعيّ الذي يتزوّد به الجيش الإسرائيليّ من شركتيْ (غوغل) و(أمازون)”.
بالإضافة إلى ما جاء أعلاه، أوضح التقرير أنّ تزويد إسرائيل بهذه البيانات، يزيد من قدرتها على مراقبة الناس ومعالجة مخازن هائلة من البيانات، وهي بالفعل سمات بارزة للاحتلال الإسرائيلي.ّ وقال أوري غفعاتي من منظمة “كسر الصمت” الإسرائيليّة، المُناهِضة للاحتلال، إنّ “جمع البيانات عن جميع السكان الفلسطينيين كان ولا يزال جزءًا لا يتجزأ من الاحتلال”، وأضاف في حديثه للموقع الأمريكيّ أنّه “بشكلٍ عامٍّ، فإنّ التطورات التكنولوجية المختلفة التي نشهدها في الأراضي المحتلة كلها موجهة إلى عنصرٍ مركزيٍّ واحدٍ وهو المزيد من السيطرة”.
وأكّد الموقع أنّ شركتيْ “غوغل” و”أمازون” تتعرّضان لضغوط من الموظفين والمستثمرين، على خلفية استعدادهما للمساعدة في بناء مشروع “نيمبوس” العملاق للحوسبة السحابية لصالح الحكومة والجيش الإسرائيليين.
ولا يعرف سوى القليل عن المشروع، الذي ورد أنّ تكلفته تبلغ أكثر من مليار دولار، بخلاف حقيقة أنّه سيدمج احتياجات الحوسبة السحابية للقطاع العام للحكومة الإسرائيلية في الخوادم الموجودة داخل حدود إسرائيل، ويجعلها خاضعة فقط للقانون الإسرائيليّ، بدلاً من مراكز البيانات البعيدة الموزعة في أنحاء الولايات المتحدة والعالم.
وكجزء من الخطة، من المقرر عزل الاحتياجات الحاسوبية لإسرائيل عن التهديدات بالمقاطعة الدولية أو العقوبات أو الضغوط السياسية الأخرى الناجمة عن الاحتلال العسكري المستمر لفلسطين.
وأشار الموقع الأمريكيّ إلى أنّه وفقًا لتقرير في مجلّة (تايمز أوف إسرائيل)، فإنّ شروط عقد مشروع (نيمبوس) تحظر على الشركتيْن إيقاف الخدمة للحكومة، أوْ حظر استخدام بعض المكاتب الحكومية للسحابة المحلية الجديدة.
ولا يزال من غير الواضح ما هي التقنيات التي سيتم توفيرها بالضبط من خلال (نيمبوس) أوْ لأيّ غرض، ويقول النقاد إنّ الغموض المحيط بالمشروع المثير للقلق.
وتابع الموقع:”في حين أنّ مجموعة متنوعة من الوزارات الحكومية الإسرائيلية ستستفيد من قوة الحوسبة الجديدة وتخزين البيانات، فإن حقيقة أن (غوغل) و(أمازون) ربما تعملان بشكل مباشر على تعزيز قدرات الجيش الإسرائيليّ وخدمات الأمن الداخلي، قد أثارت قلق مراقبي حقوق الإنسان ومهندسي الشركة.
ولفت الموقع إلى أنّه في تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 2021، نشرت صحيفة (الغارديان) رسالة من مجموعة من موظفي الشركتين، يعترضون فيها على تعاون شركتهم مع إسرائيل. وجاء في الرسالة: “تسمح هذه التكنولوجيا بمزيد من المراقبة وجمع البيانات بشكل غير قانوني عن الفلسطينيين، وتسهل توسيع المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية على الأراضي الفلسطينية”.
وأضافت الرسالة: “لا يمكننا أنْ نغض الطرف، لأنّ المنتجات التي نبنيها تستخدم لحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية، وإجبار الفلسطينيين على ترك منازلهم، ولمهاجمة الفلسطينيين في قطاع غزة، وهي الإجراءات التي دفعت إلى إجراء تحقيقات في جرائم الحرب من قبل المحكمة الجنائية الدولية”.
وفي شهر آذار (مارس) الماضي، قالت موظفة أمريكية في شركة “غوغل” ساعدت في تنظيم معارضة الموظفين لمشروع (نيمبوس)، إنّ الشركة أخبرتها فجأة أنها قد تنتقل إلى البرازيل أوْ تفقد وظيفتها، وهي خطوة قالت إنّها جاءت انتقامًا من موقفها.
الموقع الأمريكيّ أكّد في تحقيقه أنّ شركة (غوغل) رفضت طلبه للتعقيب على ما ورد.