يواصل الجيش الإسرائيلي اليوم، الجمعة، فرض قيود مشددة على حركة وتنقلات سكان بلدات “غلاف غزة”. وهذه القيود مستمرة منذ اعتقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين، بسام السعدي، بشكل همجي مساء الإثنين الماضي. وأعلن الجيش الإسرائيلي أن هذه القيود على “غلاف غزة” ستبقى سارية خلال نهاية الأسبوع الحالي.
وبحسب الجيش الإسرائيلي، فإن فرض هذه القيود سببه منع مقاتلي الجهاد الإسلامي في قطاع غزة من استهداف مركبات أو أفراد في “غلاف غزة” بواسطة قذائف مضادة للمدرعات أو نيران قناصة. ويدعي وجود إنذار “حقيقي وداهم” بتنفيذ عمليات كهذه، انتقاما لاعتقال السعدي.
وتؤثر القيود التي فرضها الجيش الإسرائيلي على مجرى حياة قرابة 5 آلاف شخص يشكلون ثُلث سكان “غلاف غزة”، إثر إغلاق شوارع مركزية في تلك المنطقة وفرض حظر تجول في بلدتي “كيرم شالوم” و”ناحال عوز” في ساعات النهار بمنع السكان من الخروج من بيوتهم، ومنع أي نشاط في أماكن مفتوحة في البلدات القريبة من السياج الأمني المحيط بقطاع غزة. كذلك غادر هذه المنطقة الكثير من سكانها، وفقا لوسائل إعلام إسرائيلية.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، إلى أن الجهاد الإسلامي “يرسخ على ما يبدو معادلة جديدة بتهديد عابر. وهي ترى أن إسرائيل تبالغ في الاعتقالات في الضفة، والجهاد تنجح في منح الأنشطة في بلدات الغلاف”.
وأضاف أن الوضع الحالي “يكشف ضُعف الادعاء المفند لقيادة الجيش الإسرائيلي حول انتصار ساحق يزعم أنه حققه في عملية ’حارس الأسوار’ (العدوان على غزة العام الماضي). فإذا كانت الفصائل الفلسطينية ضعيفة ومرتدعة جدا منذ تلك العملية العسكرية، لماذا تجرؤ على التهديد ولماذا تشعر إسرائيل بضرورة للتراجع؟ لكن ثمة حدودا لإمكانية شدّ الأعصاب. وهذا يتطلب مخرجا قريبا” من الوضع الحالي.
وفيما حشد الجيش الإسرائيلي قوات كبيرة حول قطاع غزة، أفادت صحيفة “يسرائيل هيوم” بأنه “يأملون في إسرائيل بأن تنزل الجهاد عن الشجرة العالية التي تسلقتها بالإعلان عن الانتقام لاعتقال السعدي”. وأضافت أنه في حال لم يطرأ تغيرا على “المعلومات الاستخباراتية” بأن الجهاد تعتزم تنفيذ عملية إثر اعتقال السعدي، فإن إسرائيل قد تنفذ عمليات هجومية ضد الجهاد الإسلامي، وليس في غزة بالضرورة.
وتابعت الصحيفة أن الجيش الإسرائيلي استعد، أمس، لثلاثة سيناريوهات محتملة. الأول، والأقل احتمالا، هو انتهاء حالة التوتر في أعقاب ضغوط تمارسها إسرائيل على حركة حماس من خلال المخابرات المصرية وإغلاق المعابر.
والسيناريو الثاني، هو أن تحاول الجهاد إطلاق قذيفة مضادة للمدرعات أو قذيفة صاروخية باتجاه إسرائيل وأن ترد إسرائيل بشدة على ذلك. والسيناريو الثالث، الذي جرى التداول فيه وفقا للصحيفة، هو هجوم إسرائيلي استباقي قبل أن تحاول الجهاد تنفيذ أي عملية.
ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، فإن الجهاد الإسلامي لم تقرر فجأة “تركيع” إسرائيل في أعقاب اعتقال قيادي في الحركة. “فقد قتل الجيش الإسرائيلي خلال السنة الأخير 20 ناشطا في الجهاد في جنين، في عدة عمليات، ولم يكن هناك، في أي مرحلة، تهديدا بالربط بين غزة والضفة”.
واعتبر يهوشواع أن “اليد التي تحرك الجهاد ضد إسرائيل هي اليد نفسها التي تفعل ذلك في لبنان بواسطة حزب الله، حول منصة الغاز كاريش. ويمارس الإيرانيون ضغطا متوازيا في كلتا الجبهتين، ويتفحصون أداء رئيس حكومة جديد ( يائير لبيد)، الذي تقتصر خبرته الأمنية بالعضوية في الكابينيت”، أي المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية.
وتابع يهوشواع أن “الجهاد الإسلامي بتوجيه من إيران تتسلق المتاريس مثلما يفعل حزب الله، ولكن من تصريحات زائدة وباستعداد لعملية انتقامية”.
وأضاف يهوشواع أن إسرائيل رفضت طلب الجهاد بوقف اعتقال ناشطيها في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه “تريد إسرائيل الهدوء بأي ثمن تقريبا، وهناك من يحاول تسويق هذا الواقع كأنه محتمل. لكنه ليس محتملا. فهذه عملية عدائية إستراتيجية. وليس أقل من ذلك. وجميع اللاعبية يرون أن أداء الجيش الإسرائيلي جبان وقد يكلف ثمنا باهظا في المستقبل”.
وبحسبه، فإن وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، ورئيس أركان الجيش، أفيف كوخافي، “يؤيدان شراء الهدوء، وهذه السياسة ملائمة لرئيس الحكومة لبيد أيضا، الذي يعلم أن هذا ليس ملعبا مريحا له عشية الانتخابات”.