| «أحمد» من قصار القامة يجوب الشوارع بكرتونة كبريت لمدة 10 ساعات: «نفسي في دخل ثابت»

في أحد شوارع الجيزة، يجلس ثلاثيني من قصار القامة على «سبت خشبي»، واضعًا بجواره كرتونة كبريت، مصدر دخله الوحيد، وبين الحين والآخر ينادي على المارة، لينبههم بوجوده هو وبضاعته، حتى ينقضي يومًا شاقًا، بعد اللف بين شوارع الجيزة والمنيب، بالقليل من الجنيهات.

«أنا كنت أشطر واحد في المدرسة»، بتلك الكلمات بدأ أحمد حديثه مع «» شاعرًا بالأسف لأنه لم يتمكن من استكمال تعليمه، إذ أجبرته عائلته أن يترك مدرسته في الصف الثالث الابتدائي، حتى يساعد في نفقات المنزل، فبدأ العمل مع عمه منذ عمر العاشرة في تصنيع الأحذية الجلدية وبيعها: «عمي كان عنده ورشة وكنت بشتغل معاه».

مآساة فقدان ابنه

بعد عشرين عامًا قضاهم أحمد في العمل مع عمه، تعرضت ورشة صناعة الأحذية للكثير من العثرات المادية، بما أدى إلى عدم دفع مرتبه الشهري أو خفضه للنصف، ولذلك فكر أن يبحث عن عمل آخر يكفي مصاريفه هو وأسرته الصغيرة: «في الوقت ده كنت أتجوزت وعندي طفل»، وتابع بعيون دامعة أن ابنه كان يعاني من مشاكل بالمخ، وأجرى عملية جراحية له، ولكن توفاه الله بما جعله يعاني من الحزن وعدم المقدرة على العمل لعدة أسابيع.

بداية عمله في بيع الكبريت

تحمله مسؤولية بيت الزوجية الذي أسسه في أحد أحياء المنيب أجبره أن يجفف دموع حزنه على ابنه سريًعا ويستأنف العمل بين طرقات الشوارع كبائع متجول لمدة 10 ساعات أو أكثر: «بشتري كرتونة الكبريت بـ400 جنيه وبيطلعلي مكسب150 جنيها»، إذا اختار أحمد أن يبيع الكبريت بصفة خاصة، لأن كل البيوت لا تخلو منه، بما يجعل بضاعته تنفذ سريعًا.

«ربنا عوضني بجنى ورضاني أنا ومراتي»، رأى أحمد أن الحياة رغم عثراتها، تعطيه نفحات من الأمل بين الوقت والآخر، إذ عوضه الله بعد وفاة ابنه المريض بولادة طفلة أسماها جنى، بما أعاد ضحكته هو وزوجته مرة أخرى: «مراتي قزمة زيي.. فيه حد عرفنا على بعض وأتجوزنا.. وهي كل حياتي».

مضايقات يتعرض لها في الشارع

أكثر ما يُشعر «أحمد» بالحزن خلال تجواله في الشوارع، وعندما يقف وبضاعته أمام أحد المحال ليرتاح قليًلا فيوبخه صاحب المحل ويطلب منه الرحيل سريًعا، وبالمقابل يجد بين الحين والآخر يد تحن عليه وتسمح له بالجلوس في المكان الذي يحبه: «فيه صاحب محل سجاد في المنيب بيسبني أكل وأشرب وبيخلي باله من كرتونة الشغل».

أحلام الشاب في الحصول على وظيفة بدخل ثابت

تمنى أحمد في نهاية حديثه أن يجد عملا في أحد المؤسسات التي تضمن له دخلا ثابتا، يستطيع أن يربي به ابنته و يُعلمها في أفضل المدارس، وفقًا لتعبيره، حتى يعوض ما حرم منه في طفولته عندما أًجبر على ترك تعليمه: «نفسي في أي دخل ثابت أو حتى كشك مرخص أقعد فيه أنا ومراتي».