فسر أحلامك بنفسك؟! ،،، محمد سالم

– الصمت لا يليق .. الحلم طائر أسطوري ، يشرب من ندى فلسطين، يكتب.. يسير بالقلم على الورق ، كأنه يمشي فى بستان من الياسمين ، أو في جنان من زهر الليمون والبرتقال، كلمات كأنه يشق بها أرض السهول كما يشق الأقحوان وجه الحقول.

– يحكي كما يكتب… ويكتب كما يحكي، حياته حافلة بمرها وَمُرْهَا، وبؤسها وشقائها، حتى فى مراحل القتل والحصار، والانقسام والخراب، كان ساخرا ومبتسما.. يكتب بلا خوف أو رهبة من أحد سوى ما ينطق به وجدانه من سخرية لاذعة؛ تتألت أحزانه  وشجونه، فكل هذا القبح الذي يترعرع في البلاد  سيحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد والمال لإزالته في المستقبل؛ قالها في صراحة ومرارة وسخرية، لكل الذين تسلقوا على اكتاف الانقسام الأسود،  للوصول لسلطتين!، يسرقوا وينهبوا ويغتنوا من ورائه .. بل هم فعلا.

– قال: في السابق قام الحكم الدكتاتوري  في الارجنتين بارتكاب جرائم بشعة في حق المعارضة. قاموا بخطف الاطفال من أسر المعارضين! والقائهم من الطائرات في المحيط! والقتل بالرصاص في الشوارع والبيوت! رغم ذلك إستطاع شعب الارجنتين وقواه الثورية أن يلقوا بهذا الحكم في مزبلة التاريخ! نفس مصير حكم موالسة الانقسام، والسخام، والسواد والخراب. نفس الخطوات. نفس المحكمة العسكرية، والأيام بيننا والجروح قصاص والبادي أظلم.

– بومدين وبن بيلا ورفاقهم في الجزائر، حلموا بالحرية وتحرير وطنهم،  كانت تلك البداية! إنتصر حلمهم الطيب على اسوأ واقسى إستعمار عرفه التاريخ، وتحقق حلم الرجال! البعض من الاصدقاء يسخر من رغبتنا بالتغيير! يصف هذه الرغبة بالحلم! فالمظلوم الجائع الاسير المنتهكة حريته وحقوقه، ووطنه، عليه أن لا يرغب بالخلاص! أن لا يحلم به، لإن الحلم عيب! سذاجة!، قال: الحلم بالخلاص ليس عيبا ولا سذاجة، العيب هو أن نظل نندب حظنا ونبكي ضعفنا وحين يرفع أحدنا صوته، نشده لقاع البئر، حيث نعيش صارخين: بطل تحلم، أو فسر أحلامك بنفسك.

– لا يمتلك جهازا إعلاميا .. بل قلم رصاص. لا غير، فبدأ يلفت نظر المثقفين بجديده وحديثه المميز ، وخاصة الوطنيين والمعارضة للانقسام والتقسيم. واصحاب الحجز والتقاسم الوظيفي المسبق. وبدأ القراء ، والمثقفين يحسبون حساباتهم الدقيقة،لهذه الظاهرة الجديدة أنها فتح بمشرط غير معقم فى دمامل موالسة الانقسام، و ينتقد بمرارة وعمق اكبر، بأسلوب الكاتب الساخر ابن البلد الواعي، سخرية ذات مستوى فنى عال؛ وهو المثقف الكاتب الفنان الساخر، الماكر؛ كلماته بسيطة زرع فى جلدها كل أشواك الفزع البرية. فانتفت منها كل عناصر الفرح ، وتغلغلت فيها كل شرارات الغضب.

–  العم عشم ،ظاهرة فنية فريدة وعجائبية فى المجال الادبي ، يخرج عليهم ، مثقف ثم كاتب من بين الصفوف الادبية والصحافية ، الواقفة على أبواب – شبه – سلطتين ، مادحة ، شاكرة ، ضارعة ، حامدة ، راجية ، طالبة القرب ، طالبة للرضا ، تحمل كل الاقلام ، تحمل كل الالوان ، تحمل أختام الثقافة والصحافة والفن ، لتضعها تحت أحذية – شبه – سلطات – حافية –  ليسخر من شبه حكم هنا ، و مسخ هناك.. يسخر من ارباب التسول السياسي. ويسمي الأشياء صراحة بأسمائها ، ينتقد المتسلطنين، و المتسلطين ،  المتسلقين.

– يكتب نقدا ، لم يجرؤ عليه محترفو السياسة والمعارضون لحكم الموالسة، ولم يجرؤ عليه الروائيون فى رواياتهم ، والقصاصون ، اصحاب المنصب ، فى قصصهم ، والمسرحيون فى مسرحياتهم ، وشعراء السلطة فى دواوينهم ، وربما قال كل هؤلاء نقدا أقل. من النقد الذي تجرأ وكتبه، العم عشم ، وربما كان نقدهم اقل قسوة من نقده ، ولكنه لم يكن بأي حال من الأحوال صريحا وواضحا ، ومؤثرا ، ومنتشرا، أصبح وجعا مؤلما فى خاصرة اصحاب التوكيل الحصري للانقسام والخراب ، ودملا كبيرا تحت أبطهم ، ولا بد له من سوط دواء، أو كلمة سواء. فكان بمثابة القلم المسموع فى الكلام الممنوع.. ليفسر حلم وطن بأكمله. هانت.. يا عم عشم.