تبدل المشهد بعد سنوات عديدة، من السير وسط السياح في الهواء الطلق، يترجم لهم كل شيء باللغة الإيطالية التي يتقنها ببراعة، للوقوف مع المارة وسط الأزقة الضيقة، يصمم لهم بوكيهات الورد بأشكال مختلفة تنال إعجابهم، ليتحول «محمد» من مترجم إلى بائع ورد في حي الجمالية بالقاهرة.
حصل محمد فتحي الشهير بـ«أبو عبد الله»، على ليسانس آداب قسم حضارة أوربية جامعة عين شمس، وشق طريقه كمترجم للغة الإيطالية لأكثر من 12 عامًا، يتنقل بين مكاتب الترجمة التي تمسكت به لاجتهاده في العمل، وأصبحت الترجمة مصدر رزقه الوحيد لإعالة أبنائه الثلاثة وتوفير طلباتهم، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها عاطلًا يبحث عن أي وظيفة للإنفاق على أسرته: «حصل ركود في السياحة، الشغل وقف ومكاتب الترجمة قفلت، وأنا بقيت خالي شغل»، بحسب حديث الرجل الأربعيني لـ«».
«محمد» يخوض تجربة جديدة
لم يقف «محمد» مكتوف الأيدي أمام خسارة مصدر رزقه، وخاض عدة تجارب في وظائف وحرف مختلفة، آخرها بيع الملابس بأحد المحلات، وذات يوم قابل أحد أصدقائه وعرض عليه العمل في بيع الورود، وأبى الرجل الأربعيني حتى خلا بنفسه وفكر جيدًا، وقرر خوض التجربة لفترة قصيرة ومن خلالها يحسم أمره، واتفق مع المستوردين على شراء ورد صناعي، وصنع لنفسه مكانًا صغيرا يشبه الكشك في حي الجمالية، يباشر منه عمله الجديد: «في الأول كان عندي اعتراض كبير، وبعدها قولت أجرب لو فشلت، هرجع أبيع ملابس تاني».
بوكيهات ورد بأسعار مختلفة
بمرور الأيام والشهور، تمكن «محمد» من تكوين بوكيهات الورد، وبالأخص بوكيه العروسة بجميع أنواعه، بأسعار تبدأ من 180 جنيهًا حتى 400 جنيه حسب الشكل المطلوب، وبدأ في نسيان فترة عمله بالترجمة تدريجيًا، وركز على الجديد من حياته: «في ناس بتطلب تصاميم معينة، وممكن حد يقولي اعملي بوكيه ورد علي ذوقك».
«محمد»: أشعر براحة نفسية
تعد هذه السنة، العام الثالث على التوالي لعمل «محمد» في تصنيع بوكيهات الورد، إذ أحب وجوده بين الناس، ومشاركته فرحتهم بالنجاح أو الزفاف أو المناسبات السعيدة، وفقًا له: «أنا حاسس براحة نفسية، ولو اتفتح ليا باب للترجمة تاني مش هوافق».