اختاره القدر من بين أشقائه الإحدى عشر، أن يكون نحيل الجسد ضعيف البُنيان، إذ أصابته سخونة مرتفعة، في طفولته المبكرة، وعُولِج بأدوية خاطئة، أصابته بعجز في جسده، فحباه الله بميزة القَبُول بين خَلقه، ومنحه قوة الإرادة، فأصبح أشهر صنايعي شكمان للنقل الثقيل في محافظات بحري.
إعالة أسرة صبحي
الأسطى «صبحي عباس» تخطى من العمر الأربعين بعامين، يقيم بمدينة الزقازيق، أب لثلاثة أبناء أكبرهم 11 عاما، وبينهم فتاة 5 أعوام، أنجبهم بعد الثلاثين من عمره، بعدما استطاع إعالة أسرة من كدّه وسعيه في حرفة صناعة الشكمان، التي بلغت خبرته فيها ما يقارب ربع قرن من الزمان، تحدى عجز جسده بصلاح عقله.
حياة صبحي شكمان
فتح «صبحي شكمان»، كما يلقبونه أبناء حرفته، قلبه في حديث لـ«»: «اتولدت سليم واتصابت بسخونية في عمر 4 سنوات، واتعالجت بحُقنة خطأ، فسببت عجز في جسمي»، معلقا: «كنت المقرّب لوالدتي والمفضل بين أفراد أسرتي، وزاد فضل ربنا برضاي الدائم على نفسي وعلى أقدار ربنا».. حسب قوله.
اختار حرفة لمستقبله
غادر الدراسة هاربا إلى حضن الورشة:لم يحبّذ «صبحي» استكمال دراسته رغم اجتيازه الصف الخامس الابتدائي، فاختار حرفة تعينه في المستقبل وتقيه السؤال، فقصد العمل في ورشة «سروجي»، وتتمثل تنجيد وتركيب كراسي السيارات، إلا أنه ورغم احترافها في أقل من عامين قرر مغادرتها، معلقا: «الأسطى كان بيهني ودا سبب استقالتي منها»..حسب تعليقه.
تعلّم الكثير في مشواره من المدرسة إلى الورشة، وزادت خبراته عندما أتم 5 سنوات عمل في ورشة صيانة وتركيب الشكمان، وساعده على الاستمرار معاملة الأسطى الحسنة له، إلا أن الأقدار أرادت لهما الفراق، بسفر معلّمه إلى ليبيا للعمل بها، فأكمل العمل في ورشة أخرى، وكانت بداية مرحلة أكبر وهي تصنيع الشكمان.
صبحي: قدرت على الشغلانة بدماغي
ويكمل «صبحي» حديثه: «شغلانة تصنيع الشكمان تقيلة، ومحتاجة حد قوي يقدر عليها، خاصة إنها أدوات ومعدات ثقيلة، ودراعي عاجز تماما، بستعين بالأسطوات وبكمل شغلي، لكن دماغي شغالة الحمد لله»، معلقا: «ربنا اختارلي الأنسب لي، مكنتش هلاقي نفسي في وظيفة بشهادة الـ5%، وشغلي محتاج إبداع ودا نقلني مكان أحسن».. حسب تعليقه.
فخر واعتزاز
يستطيع من يتحدث إلى «صبحي شكمان» سماع نبرة الفخر والرضا في حديثه، فقد وصل إلى مهارة عالية الجودة في صناعة الشكمان، حتى ذاع صيته بين أبناء المجال والحرفة بأشطر صنايعي شكمان على مستوى محافظات مصر، معلقا: الزباين بيجولي من كل مكان في مصر، وواثقين في شغلي، والحمد لله ربنا اداني حقي 24 قيراط.. حسب قوله.
«علمتني والدتني كيف أكون مميزا»، يسترجع صبحي ذكريات طفولته، فيذكر والدته تلك التي علّمته كيف يكون مميزا، بأن أعطته نصائحا تغرس في قلبه الرضا وعلمته الصبر، وأن لا يعي أحدا ينتقص من شأنه أو يتنمر عليه، فصاحبه الرضى ورافقته الثقة بالنفس، فظل دائم الشكر لله، فكانت النتيجة وجه بشوش وابتسامة لا تفارقه.
«الرضا والصبر والعزيمة أسرار الحياة»، يختتم «صبحي» في حديثه لـ«»: أنه كان يتمنى أن يملك 10 آلاف جنيه، فمنحه الله عشرات الآلاف ولديه ورشة لتصنيع الشكمان وتركيبه، لافتا إلى أنه لولا تعلمه الالتزام منذ صغره لم يصل إلى ما وصل إليه، فضلا عن دعم والدته والأسطى الذي منحه الصنعة، معلقا: بحاول أعلم ولادي الصنعة والالتزام في العمل والحياة والعزيمة، واعلمهم في المدارس وازاي يكونوا راضيين.