هذا الجيل الذي عايش أكبر عملية إرهابية في العالم بات يدرك خطورة التنظيمات الإرهابية التي تضرب العالم بذرائع الأيديولوجية الوهمية الشريرة، وعلى رأسها تنظيم «القاعدة»، الذي بالكاد يذكر اليوم في الإعلام وأصبح تاريخاً أسود ليس إلا.
بعد مرور 21 عاماً على عملية أيلول الأسود، نسأل اليوم ماذا بقي من تنظيم القاعدة الإرهابي؟ وماذا عن مشاريعه التدميرية في كل العالم، من أفريقيا إلى الولايات المتحدة مروراً بأعماله في العديد من الدول العربية؟
انتهت قصة الإرهابي الأول أسامة بن لادن في عمق البحار، بعد أن اعتقلته القوات الأمريكية في باكستان، وأصبح وليمة لأسماك البحر، كما انتهت قصة عرابه أيمن الظواهري أيضاً الذي قضى بصاروخ أمريكي استهدف مقره في كابول لتنتهي مسيرة 71 عاماً من الإرهاب العالمي الأيديولوجي.
كان الانتصار كبيراً على القاعدة بالقضاء على قيادات التنظيم الذي أصبح بلا رأس ولا قيادة، وسقطت كل الأوهام الإرهابية بمقتل زعيمي التنظيم ليحقق العالم أكبر الانتصارات في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، إذ كان تنظيم القاعدة أخطر تنظيم عالمي على الأمن والسلم الدوليين.
لقد تغير العالم قطعياً وأصبح لدينا عالم آخر ما بعد الحادي عشر من أيلول، ومنذ ذلك الحين وحتى هذه اللحظة لا تزال الحرب مستمرة على قوى الشر والإرهاب العالمي المتمثل بتنظيم القاعدة، ونتيجة ضراوة المعركة مع الإرهاب، أصبح العالم في مواجهة من نوع آخر مع تنظيم داعش الإرهابي الذي يعتبر المولود الشرعي لتنظيم القاعدة، واستطاع العالم أيضاً الانتصار على التنظيمين بمصرع زعمائهما من أبو بكر البغدادي إلى الزعيم الأخير إبراهيم القرشي، ولعل العالم بمقتل رؤوس الشر أكثر أماناً واستقراراً، لاسيما أن التحالف الدولي الواسع استطاع تحجيم هذه القوى من أوزبكستان إلى العراق وسورية. مع كل هذه النجاحات الأمنية للعالم الحر، لا تزال هذه التنظيمات تشكل خطراً على الدول وعلى المجتمعات وعلى السلام، فالمعركة طويلة ومستمرة لكن ميزان القوى بكل تأكيد لم يعد في صالح هذه القوى الشريرة. إن أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحدت العالم ضد قوى الإرهاب والشر، ولا يمكن القول إن المعركة انتهت لكن ما يمكن تأكيده أن هذه القوى اليوم في أضعف حالاتها، لكن الوعي الجماعي الاجتماعي بخطورة هذه التنظيمات جزء من استراتيجية المواجهة للإرهاب، ولعل التذكير في كل عام بأحداث سبتمبر جزء من التوعية المجتمعية بخطورة هذه التنظيمات والعمل أن تكون البيئات السياسية العربية والإسلامية خالية من التطرف المتوحش الذي ذاع صيته في العقد الماضي، وأصاب العرب والمسلمين أكثر مما أصاب أي طرف دولي آخر.