| «فايزة» وهبت حياتها لنشارة المعادن: بقيت أسطى في تشكيل النحاس والفضة

ملامح هادئة تجمع بين التحدي والجدية، لا يشغل بالها سوى القطعة الفنية التي ستنتجها، تمسك في يديها منشارًا وتبدأ في نشر المعادن سواء كانت فضة أو ذهب أو نحاس بمهارة فائقة وكأنها خُلقت من أجل تلك المهنة فقط، فحبها للرسم والفنون المختلفة كان دافعًا لها كي تقتحم مهنة لا تعترف سوى بالرجال، لتتحول «فايزة» مع الوقت إلى الأسطى فوزي، أشهر سيدة تمتهن نشارة المعادن في شارع المعز بمحافظة القاهرة.

«أنا بدأت الشغلانة دي من 28 سنة».. كلمات بدأت بها فايزة أحمد النشار صاحبة الـ47 عامًا حديثها لـ«»، إذ تعلمت مهنة نشارة المعادن منذ كانت في المرحلة الابتدائية: «كان على أيامنا فتحي سرور وزير التربية والتعليم، فكنا بنتعلم كل حاجة في المدرسة، كان عندنا مجال صناعي وزراعي ورسم وفنون، وكان من ضمن أدوات الرسم المنشار، كنا بنعمل بطوط وميكي ماوس وكل لعب الأطفال الصغيرة بالخشب والأبلاكاش، ونزين بيها المدرسة، دي كانت أول أساسيات المنشار بالنسبة ليا».

«فايزة» أول أسطى نشارة معادن بشارع المعز 

منذ كان عمرها 19 عامًا، زارت «فايزة» مع والدها، ورشة أحد أصدقائه، وكانت الورشة متخصصة في شغل الفضة، ولاحظ صديق الأب، هوايتها في مسك المنشار وإتقانها العمل بدقة وسرعة: «المنشار بالنسبة ليا كان هواية بجانب القراءة والاطلاع، وكنت بدخل معارض في ثانوي، ماكنتش النقلة كبيرة بين الخشب والمعدن، كان الاختلاف في نوع المنشار والسلاح اللي أنا شغالة بيه»، لتقتحم سوق نشارة المعادن في مهنة مقتصرة على الرجال، ويذاع صيتها بسرعة كونها تمتلك حسًا فنيًا مميزًا.

28 عامًا هي الفترة التي قضتها «فايزة» في مهنة نشر المعادن؛ إذ تمتلك ورشة صغيرة، وجميع من السوق يعتبروها فردًا منهم: «معظمنا عارفين بعض، ماكنش صعب إنهم يتقبلوني وسطهم ويخافوا عليا، أنا الست الوحيدة في مجال المنشار، وأنا معتبرة المهنة دي تحدي ليا بسبب صعوبتها ودقتها، وإنها بتحتاج مجهود بدني وإبداع».

رويدًا رويدًا، أصبحت السيدة الأربعينية تمتلك زبائن من جميع الفئات: «اسم الأسطى فوزي جه من إن أي حاجة صعبة من أول شغل الرفايع لحد شغل الديكور، الوحيد اللي يعرف يعمله هو فايزة النشار، معندهاش حاجة صعبة ولا مستحيلة، وبرضه من خوف الناس عليا وإني البنت الوحيدة وسطهم، وإن الشباب اللي موجودة في السوق مبتعملش الشغل اللي أنا بعمله».

«فايزة»: المهم عندي كلمة مدح من الزبون 

«أنا نازلة علشان أشتغل وأكل لقمة عيش».. تحتاج مهنة نشارة المعادن إلى مجهود عضلي كبير بالإضافة إلى حس وإبداع كون شغل التخليق فنًا متخصصًا لا يقدر عليه أي شخص، ولم تتزوج الأسطى فوزي بل خصصت حياتها لتلك المهنة: «النشارة خدت من عمري كتير، حلاوة إني أطلع الحتة الفنية اللي جوايا سرقت عمري، مش مهم المقابل المادي، المهم كلمة مدح أو عرفان من الزبون أنه مبهور بالشغل اللي أنا مطلعاه، وبعمل اكسسوارات حريمي وستاندات وأطباق عربي، وأول حد يعمل مرايات أطباق».