الملك المؤسس أول خادم للحرمين الشريفين

بلد الله الحرام مكة المكرمة خير البقاع على وجه المعمورة ومهبط الوحي، ولقد اختصها الله تعالى بمزيد من الفضل، وجعل لها من الحرمة والمكانة هي ومدينة رسوله ما ليس لغيرهما من سائر البقاع، ولا أدل على ذلك من مضاعفة الصلاة فيها، إذ الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة فيما سواها، ولقد اعتنى الولاة من الخلفاء والسلاطين والملوك والأمراء على مر التاريخ الإسلامي بهذه المدينة المقدسة، وحظي المسجد الحرام بالعمارة والتشييد والعناية على أفضل صورة ممكنة في كل عصر بما يناسبه.

وما تحقق للمسجد الحرام في العهد السعودي، تميز عما حصل له في العصور السابقة، فقد كان ازدياد عدد الحجاج والمعتمرين مدعاة لبذل المزيد من العناية في تطوير المدينة المقدسة في جميع مرافقها – وبخاصة المسجد الحرام والأماكن التي لها علاقة بالحج والحجاج الذين يأتون من جميع أنحاء العالم-.

التوسعة السعودية الأولى

يعد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود أول من أطلق عليه لقب خادم الحرمين الشريفين، ووثق ذلك وتجلى في سنة 1366هـ، حيث أمر بتجديد سقف المسعى بطريقة فنية محكمة، وكانت مظلة السقف ممتدة بطول المسعى من الصفا إلى المروة ما عدا ثمانية أمتار مقابل باب علي رضي الله عنه، فإنها لم تسقف لأن تركها بغير سقف أجمل وأحسن، ويبلغ عرض السقف كله عشرين مترًا ونصف المتر.

وقد كتب على هذه المظلة بخط جميل وبحروف بارزة من النحاس السميك مثبت في لوح من الصاج المتين طوله أربعة أمتار وعرضه متر واحد وأربعون سنتيمترًا في أربعة أسطر ما يأتي :

« أنشئت هذه المظلة في عهد حضرة صاحب الجلالة محيي مجد العرب والمسلمين ، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ، ملك المملكة العربية السعودية ، وقد تم إنشاؤها في سنة ألف وثلاثمائة وست وستين من الهجرة أثابه الله وأدام توفيقه » .

كما أمر بعمل باب جديد للكعبة مغطى بصفائح من الفضة الخالصة ، محلاة بآيات قرآنية ، نقشت بأحرف من الذهب الخالص ، وأمر بإصلاح عضادتي باب الكعبة بالفضة الخالصة الموشاة بالذهب

وأولى الملك عبد العزيز منذ تشرف بالولاية على الحرمين الشريفين عناية بالغة، فلم يمض وقت يسير على توليه الحكم ودخوله مكة المكرمة عام 1343هـ حتى أعلن البدء في ترميمات الحرمين الشريفين، وبذل كل غال ونفيس في سبيلهما. فكان من أبرز ما أمر بعمله في المسجد الحرام:

في سنة 1344هـ أمر بترميم المسجد الحرام ترميمًا كاملاً، وإصلاح كل ما يقتضي إصلاحه، وكذلك ترخيم عموم المسجد. وفي سنة 1345هـ لما كثر عدد الحجاج كثرة هائلة أمر بوضع السرادقات في صحن المسجد؛ لتقي المصلين حر الشمس. وفي سنة 1346هـ أمر بإصلاح آخر للمسجد الحرام، شمل الترميم والطلاء، كما أصلح مظلة إبراهيم، وقبة زمزم، وشاذروان الكعبة المعظمة، وأنفق على ذلك ما يربو على ألفي جنيه ذهبًا.

وفي نفس السنة أمر بعمل مظلات قوية ثابتة على حاشية صحن المطاف، ليستظل تحتها المصلون، فعملت من الخشب الجاوي وكسي بالقماش الثخين الأبيض. ثم عملت بعد ذلك مظلات ثابتة في أطراف الصحن مثبتة بالأروقة، تنشر وتلف عند الحاجة، وبقيت سنوات عديدة، يجري تجديدها باستمرار. وفي نفس السنة أمر بتأسيس أول مصنع لكسوة الكعبة المشرفة.

وخلال سنة 1345هـ و1346هـ أمر بتبليط المسعى بالحجر الصوان المربع وأن يبنى بالنورة، وكان ذلك أول مرة في التاريخ يرصف فيها هذا الطريق منذ فرض الله تعالى الحج على المسلمين؛ مما كان سببًا في راحة الساعين من الغبار والأتربة، كما أمر بإزالة نواتئ الدكاكين التي ضيقت المسعى، فصار المسعى في غاية الاستقامة وحسن المنظر. كما أمر بعمل سبيلين لماء زمزم مع تجديد السبيل القديم.

وفي سنة 1354هـ أمر بإصلاح الحجر المفروش على مدار المطاف، وإصلاح أرض الأروقة، وترميم وترخيم عموم المسجد، وتجديد الألوان، وإزالة كل ما به تلف، كما تم إزالة الحصباء القديمة واستبدالها بأخرى جديدة.

كما أمر بعمل باب جديد للكعبة مغطى بصفائح من الفضة الخالصة، محلاة بآيات قرآنية، نقشت بأحرف من الذهب الخالص، وأمر بإصلاح عضادتي باب الكعبة بالفضة الخالصة الموشاة بالذهب. وفي سنة 1370هـ أمر رحمه الله بترخيم الواجهات المطلة على المسجد الحرام ورحباته ترخيمًا كاملاً

الملك سعود والتوسعة

وفي عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود أمر بفتح شارع وراء الصفا، وصرف مرور الناس والسيارات عن شارع المسعى.

وفي سنة 1373هـ أمر بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم. وفي سنة 1374هـ أنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم. وفي سنة 1375هـ تم استبدال الشمعدانات الست بحجر إسماعيل عليه السلام بخمس نحاسية تضاء بالكهرباء. كما أمر رحمه الله بتبليط أرض المسعى بالأسمنت.

وفي الخامس من ربيع الأول سنة 1375هـ ألقى الملك سعود خطابه التاريخي بالشروع في توسعة المسجد الحرام التي أمر بها والده الملك عبد العزيز رحمه الله، وبدئ العمل في 4 ربيع الثاني عام 1375هـ، وذلك بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تقدير أثمانها، وتعويض أصحابها، وتضمنت هذه التوسعة بناء ثلاثة طوابق: الأقبية، والطابق الأرضي، والطابق الأول، مع بناء المسعى بطابقيه، وتوسعة المطاف، وصار بئر زمزم في القبو، وقد زود قبو زمزم بصنابير الماء ومجرى للماء المستعمل.

كما شملت التوسعة إزالة مبان كانت تضيق على المصلين والطائفين في صحن المطاف، مثل مظلة زمزم، وباب بني شيبة، والمقامات الأربعة، وشملت أيضًا تحويل مجرى مياه الأمطار بين جبل الصفا والمبنى العثماني، وتم إحداث الميادين والشوارع ومواقف للسيارات ودورات للمياه ومواضع للوضوء قريبة من المسجد الحرام في جميع جهاته على أحدث نظام في ذلك الوقت. وفي سنة 1376هـ أمر رحمه الله بعمل سلم متحرك للكعبة المشرفة، وكان مغلفًا بالفضة ومنقوشًا بالذهب.

وفي عام 1377هـ أمر بترميم الكعبة المشرفة، واستبدال سقفها الأعلى القديم بسقف جديد، وأبقى على السقف السفلي بعد ترميمه وتغيير الأخشاب التالفة فيه.

الملك فيصل

وعندما تولى الملك فيصل الحكم عام 1384هـ واصل إنجاز توسعة المسجد الحرام التي بدأت في عهد أخيه الملك سعود رحمه الله، والتي أمر بها أبوهما الملك عبد العزيز رحمه الله.

ومن أهم ما حصل في عهده إزالة البناء القائم على مقام إبراهيم توسعة للطائفين، ووضع المقام في غطاء بلوري، وذلك عام 1387هـ.

وفي عام 1391هـ أمر رحمه الله ببناء مبنى لمكتبة الحرم المكي الشريف. وكذلك في عام 1392هـ أمر ببناء مصنع كسوة الكعبة المشرفة في موقعه الجديد في أم الجود، وتوسيع أعماله.

الملك خالد

قام الملك خالد بإتمام ما تبقى من عمارة وتوسعة المسجد الحرام، وكان ذلك في السابع من رجب عام 1396هـ، كما تم في عهده أيضًا افتتاح مصنع الكسوة بعد تمام البناء والتأثيث، وذلك عام 1397هـ.

ومن الأعمال المهمة في عهده توسيع المطاف سنة 1398هـ في شكله الحالي، وفرش أرضيته برخام مقاوم للحرارة جلب من اليونان مما زاد من راحة المصلين والطائفين في الظهيرة.

وشملت توسعة المطاف نقل المنبر والمكبرية، وتوسيع قبو زمزم، وجُعل مدخله قريبًا من حافة المسجد القديم في جهة المسعى، وجعل فيه قسمان: قسم للرجال، وقسم للنساء، وركبت صنابير لشرب الماء البارد، وجعل للبئر حاجز زجاجي.

كما أمر رحمه الله بصنع باب الكعبة المشرفة في عام 1399هـ بشكل بديع، وبنفقات عظيمة، كما تم صنع باب للسلم الداخلي للكعبة الموصل إلى سطحها. وفي تلك السنة تم إزالة باب بني شيبة والمنبر الرخامي من المطاف، كما تم تبليط المطاف كاملاً بالرخام الأبيض. وفي عام 1400هـ تم التنظيف الشامل لبئر زمزم بعد القيام بأول عملية استكشافية للبئر.

مراحل وخصائص التوسعة:

وتمت 4 مراحل للتوسعة الأولى شملت أعمالا ضخمة أعادت صياغة الحرم المكي الشريف، وما حوله بإحاطته بالميادين والشوارع الفسيحة، وكل ما تم من مباني عمارة التوسعة حتى الآن يكسو جداره من الداخل والخارج المرمر وسقوفه وعقوده الحجر الصناعي، مما يضيف إلى ضخامة البناء بهاء.

ومن خصائص هذه التوسعة أن الحلية التي تكسو التوسعة جزء من علمية البناء، تتم معه في وقت واحد، ففي الجدران توضع قطع المرمر والحجر الصناعي في مواضعها من الشبكة الحديدية التي تتكون منها هياكل البناء، فتشد القطع إليها بمشابك حديدية، وتصب الخرسانة فوق الشبكة وراء القطع، فتتماسك معها، ويكون الجميع جدارًا قوي البناء جميل المنظر.

وفي السقوف يوضع الحجر الصناعي في مواضعه بين طبقة الأخشاب التي يمد فوقها السقف والشبكة الحديدية، ثم يشبك الحجر بها بأسياخ الحديد، وتصب فوقها الخرسانة، فيصبح عقدًا متكاملاً ببقية البناء. والمرمر المستعمل في عمارة المسجد الحرام إنتاج محلي صرف.

وأصبح للحرم مع نهاية التوسعة السعودية الأولى (64) بابًا موزعة على مختلف جهاته، وأكبرها:

باب الملك عبد العزيز ويقع في الجهة الجنوبية للمسجد في اتجاه أجياد. وباب العمرة ويقع في الجهة الغربية من المسجد الحرام. وباب السلام ويوجد في الجهة الشمالية من المسجد الحرام.

كما أنشئت في هذه التوسعة سبع منارات ارتفع كل منها (89) مترًا، وتبرز المنارات السبع أبعاد المسجد الحرام، وترتفع شامخة بطرازها الفريد. والمنارات السبع موزعة على أبواب الصفا، وباب الملك عبد العزيز، وباب العمرة، وباب السلام.

وبناء على ما تم من توسعات عمرانية في المسجد الحرام فقد أصبحت مساحته بعد التوسعة الأولى (160.168) مـترًا مربعًا، تتسـع لأكثر من (300.000) مصل، وفي حالات الزحام تستوعب أكثر من (400.000) مصل.

التوسعة السعودية

في عام 1403هـ أمر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز بنزع ملكيات عقارات السوق الصغير غرب المسجد الحرام، وتعويض أصحابها بمبالغ مرضية؛ تهيئة لتوسعة كبرى للمسجد الحرام أمر بها رحمه الله، وقد بلغت مساحة أراضي العقارات المنزوع ملكياتها 30.000 متر مربع، فهيئت كساحات مؤقتة للصلاة قبل البدء بأعمال البناء عليها.

وفي عام 1406هـ أمر بتبليط سطح التوسعة السعودية الأولى بالرخام البارد المقاوم للحرارة، ولم يكن يستفاد من السطح إلا لأعمال الكهرباء، وكانت شبكات الكهرباء المنتشرة في مواضع متفرقة من السطح تعيق المصلين، فأمر خادم الحرمين الشريفين أن تجمع جميع شبكات الكهرباء في قباب جميلة، وقد بلغت مساحة السطح 61.000 متر مربع، يتسع لتسعين ألف مصل، وكان من قبلُ غير مهيأ للصلاة فيه.

كما أمر بإنشاء خمسة سلالم كهربائية بالمسجد الحرام؛ لتسهيل الصعود والنـزول إلى السطح والطابق الأول.

كما تم بناء خمسة جسور علوية للدخول إلى الطابق الأول والخروج منه من جهة الشمال.

وضع حجر الأساس والبدء في التوسعة:

وفي2 صفر عام 1409هـ في حفل كبير حضره أصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء و الوزراء وأعيان البلاد، وجموع من المواطنين، وضع الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله حجر الأساس للبدء في التوسعة السعودية الثانية، وذلك بعد أربع سنوات من انطلاق العمل في توسعة المسجد النبوي؛ ليجري العمل في التوسعتين في وقت واحد.

ويقع مشروع توسعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود في الناحية الغربية، بالمنطقة التي كانت تعرف بالسوق الصغير، الواقعة بين باب العمرة وباب الملك عبد العزيز.

مراحل مشروع التوسعة

يتألف مبنى التوسعة من القبو (البدروم)، والطابق الأرضي، والطابق الأول. وقد صمم وتم بناؤه على أساس تكييف شامل كامل، وعمل له محطة للتبريد في أجياد، وروعي في الأقبية تركيب جميع الأمور الضرورية من تمديدات وقنوات وعمل فتحات في قواعد الأعمدة المستديرة لامتصاص الهواء الساخن وفتحات أعلى الأعمدة المربعة، حيث يتم ضخ الهواء والماء البارد فيها من المحطة المركزية للتكييف في أجياد، ومبنى التوسعة منسجم تمامًا في شكله العام مع مبنى التوسعة الأولى.

وجعل في هذه التوسعة أربعة عشر بابًا، فبذلك صارت أبواب المسجد الحرام (112) بابًا، بعضها يشتمل على ثلاث أو أربع فتحات.

وفي سنة (1411هـ) أحدثت ساحات كبيرة محيطة بالمسجد الحرام، وهيئت للصلاة، لا سيما في أوقات الزحام، وذلك بتبليطها برخام بارد ومقاوم للحرارة وإنارتها وفرشها، وتبلغ المساحة الإجمالية لهذه الساحات (88.000م2). وفي سنة (1415هـ) تم توسعة منطقة الصفا في الطابق الأول تسهيلاً للساعين، وذلك بتضييق دائرة فتحة الصفا الواقعة تحت قبة الصفا.

وفي سنة (1417هـ) تم هدم وإزالة بعض المباني حول منطقة المروة، وحصل تغيير كبير بالطابق الأرضي والأول فيها لغرض القضاء على الزحام في هذا الموقع، حتى صارت مساحة المنطقة (375) مترًا مربعًا بدلاً من المساحة السابقة وهي (245) مترًا مربعًا.

وفي سنة (1418هـ) تم إنشاء جسر الراقوبة الذي يربط سطح المسجد الحرام بمنطقة الراقوبة من جهة المروة، لتسهيل الدخول والخروج إلى سطح المسجد الحرام.

كما تم في نفس السنة تجديد غطاء مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام من النحاس المغطى بشرائح الذهب والكريستال والزجاج المزخرف، وتم وضع غطاء من الزجاج البلوري القوي الجميل المقاوم للحرارة والكسر على مقام إبراهيم عليه السلام، وشكله مثل القبة نصف الكرة ووزنه (1.750) كجم، وارتفاعه (1.30) م، وقطره من الأسفل (40) سم، وسمكه (20) سم من كل الجهات، وقطره من الخارج من أسفله (80) سم، ومحيط دائرته من أسفله (2.51)م.

وتم ربط التوسعة الثانية بالتوسعة الأولى عن طريق فتحات واسعة، وذلك بعد نقل مواقع الأبواب التي كانت قبل التوسعة الثانية في جهة السوق الصغير مع المحافظة على العناصر الإنشائية للتوسعة الأولى.

وينبغي الإشارة إلى أنه كلما تم صب الأعمدة والجدران والمآذن كان يتبعه العمل بتركيب السقوف والأحجار الصناعية والرخام في الجدران والأعمدة، وكانت تفرش أرض المسجد بالخرسانة، ثم بالرخام، وكذلك كان يتم تركيب تيجان الأعمدة والشبابيك والأبواب وغير ذلك من الأعمال التكميلية.

وقد انتهي من أعمال التوسعة رسميًا في 30/11/1413هـ.

الترميم الشامل للكعبة

الجدير بالذكر أن ما تم عمارةً للمسجد الحرام في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله، هو ترميم الكعبة المشرفة ترميمًا شاملاً لم يحدث مثله منذ سنة 1040هـ.

الترميم الأول:

فبعد مرور حوالي 375 عاماً من ترميم الكعبة المشرفة عام 1040هـ ظهرت قشور وفجوات على سطح الحجارة الخارجية لجدار الكعبة المشرفة، ونخر وشقوق في مونة الفواصل التي بين الحجارة للأجزاء العليا والسفلية من الحوائط.

وانطلاقًا من الرعاية والعناية المتواصلة لخادم الحرمين الشريفين بالمسجد الحرام والكعبة المشرفة، جاء أمره السامي الكريم في أوائل شهر ذي الحجة من عام 1414هـ بإصلاح الفواصل الخارجية والتقشرات والفجوات التي ظهرت على الحجارة، وما يحتاجه جدار الكعبة المشرفة الخارجي من إصلاح، وتم التنفيذ وفق الخطوات التالية:

• إزالة المونة التي بين الفواصل إلى العمق الذي يحتاج إزالته.

• شفط ما بين صخور الحجارة من أتربة وعوالق، وتنظيفها جيدًا، وغسلها، ثم تجفيفها بالهواء المضغوط.

• جيء بصخور مماثلة لصخور الكعبة المشرفة، ثم طحنت، وعمل منها عجينة، بعد معالجتها معالجة خاصة بمواد ماسكة، تكسبها صلابة أشد من صلابة الصخر.

• تبليط السطح بصخور، وسد فجواتها بهذه المادة الصلبة.

• حقن الفواصل الفارغة بعجينة ماسكة، أدخلت في الفراغات التي بين الصخور بواسطة جهاز ضغط خاص.

• عمل الفواصل على شكل خطوط بارزة بين الصخور كما هو مشاهـد اليوم في جدران الكعبة.

الترميم الثاني:

من الإنجازات الرائعة في عهد خادم الحرمين الشريفين ـ يحفظه الله ـ الترميم الشامل للكعبة المشرفة الذي انطلق يوم العاشر من شهر محرم من عام 1417هـ بناء على توجيهات خادم الحرمين الشريفين.

عهد الملك سلمان

تشهد مشروعات الحرمين الشريفين في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إكمال جميع التوسعات في الحرم المكي، وحرص خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين – حفظهما الله -، على المتابعة الشخصية لتلك المشروعات وتذليل كافة العقبات ليؤدي الحجاج والمعتمرون وزوّار مكة والمدينة مناسكهم بكل يسر وسهولة واطمئنان.

كما تمت تهيئة صحن المطاف وتشغيله بطاقته القصوى لاستيعاب 50 ألف طائف في الساعة، و278000 مصل في الساعة، ومساحة إجمالية تبلغ 210000 متر مربع، وفتح جميع الأدوار والساحات في المسجد الحرام، والتوسعة الثالثة، والمسعى بجميع أدواره وتأهيل الكوادر البشرية بالإدارات المختلفة لتقديم أفضل الخدمات لقاصدي الحرمين الشريفين.

8 مشروعات

وخلال السنوات الماضية وتحديداً من عام 1436هـ إلى عام 1441هـ نفذت ثمانية مشاريع تخدم الحرم المكي الشريف، أما عام 1436 تم تجديد رخام الشاذروان وتجديد رخام وفوانيس الحجر واستكمال التوسعة السعودية الثالثة، بينما في عام 1438 تم تجديد الحلقات الذهبية المثبتة لكسوة الكعبة المشرفة وتم استكمال مشروع الترجمة الفورية لخطب الحرمين الشريفين.

وفي عام 1440 تم ترميم وصيانة الكعبة المشرفة من الداخل والخارج وصيانة مقام إبراهيم عليه السلام وترجمة خطبة عرفة، وتنفيذ مشروع تأهيل بئر زمزم واستكمال إنشاء عبارات الخدمات بصحن المطاف، ومن الخدمات أيضاً إطلاق برنامج «خدمة ضيوف الرحمن» ومشروع «حرمين».

وتشرف الرئاسة على أعمال التوسعة السعودية الثالثة للمسجد الحرام والصيانة والتشغيل وإصدار الرخص والتصاريح الخاصة برخص مزاولة الأعمال داخل المسجد الحرام.

التوسعة السعودية الثالثة

شملت مكونات رئيسة هي (مبنى التوسعة الرئيس للمسجد الحرام، وتوسعة المسعى، وتوسعة المطاف والساحات الخارجية والجسور والمساطب، ومجمع مباني الخدمات المركزية، ونفق الخدمات والمباني الأمنية، والمستشفى، وأنفاق المشاة، ومحطات النقل والجسور المؤدية إلى الحرم، والطريق الدائري الأول المحيط بمنطقة المسجد الحرام والبنية التحتية وتشمل محطات الكهرباء وخزانات المياه وتصريف السيول).

تقنيات حديثة

وتعد التوسعة الأكبر على مدار التاريخ، حيث استخدمت فيها أحدث تقنيات البناء والأنظمة الحديثة، حيث بلغت كمية القطع الصخرية بالمشروع (13.100.000) قطعة، وعدد العقارات المزالة 5,882 عقاراً، والخرسانة المسلحة بكافة الأصناف بلغ حجمها (3.000.000 م3)، فيما بلغت كتل حديد التسليح (800.000 طن)، وعدد الحجر الصناعي (37.800 قطعة)، ومسطحات الرخام بمساحة (1.210.000 م2). وعدد النجف بجميع المقاسات (1.020) نجفة، وعدد وحدات الإضاءات الحائطية (3.600 وحدة)، وعدد السلالم الكهربائية (680) سلماً، والمصاعـد الكهربائية بعدد 158 مصعداً، و188 مدخلاً لمبنى التوسعة، وعدد دورات المياه في كامل المشروع (12.400) وحدة، فيما بلغت المواضئ (8.650)، وبلغ عدد صناديق مكافحة الحريق (2.500) صندوق، فيما جاءت مساحة القبة الرئيسة في مبنى التوسعة بعرض 36 م، وارتفاع 21م، فيما بلغ ارتفاعها من الدور الأرضي 80م، ووزنها في حدود (800 طن).

أنفاق مشاة وطوارئ

كما أن هنالك عدداً من الأنفاق بلغ طول أنفاق المشاة والطوارئ (5.313 م)، وأنفاق الكهرباء والخدمات والصرف بطول (1.922 م)، ونفقي الصرف الصحي بقطر 2800 مم و(4.643) متراً طولياً، كما بلغت أطوال التمديدات الصحية المستخدمة في المشروع (1.000.000 م) وأطوال مجاري الخدمات (50.000)، كما يحتوي المشروع على أنظمة نظافة تتضمن نظام شفط الغبار المركزي إلى جانب أنظمة إلكتروميكانيكية متطورة تضمنت نظام الصوت بإجمالي 4524 سماعة، ونظام إنذار الحريق، وتوفير سماعات من النوع الرقمي الخطي، طبقاً لدراسة صوتية دقيقة للحصول على خدمة صوت فائقة الجودة شملت التوسعة المطلوبة في النظام القائم مع دمج النظام الجديد لتوسعة الشامية، إلى جانب توفير نظام صوتي احتياطي يستخدم حال الطوارئ، ونظام إنذار ضد الحريق في غرف الخدمات ومحطات الكهرباء والمخازن، وسيتوفر فيه جميع متطلبات الإذاعة والتلفزيون، وتشمل الحجرات المجهزة والمعدة لهذا الغرض، وتركيب المعدات والكاميرات والهوائيات ضمن ساحات التوسعة والمنارات، وإنشاء أستديو إذاعي وتلفزيوني جديد بمبنى الخدمات بإجمالي عدد كاميرات (44).

إضافة إلى توفير كاميرات مراقبة جديدة من النوع الحديث ثابتة ومتحركة، وتزويد بعضها بأجهزة IR illuminator للعمل في حالات الطوارئ بإجمالي عدد (6.635 كاميرا)، وتوفير وحدات ساعات فرعية (Slave Clock Units) مماثلة للساعات القائمة بالمسجد الحرام لتغطية مناطق توسعة الشامية وتوسعة النظام المركزي الحالي لاستيعاب الساعات الجديدة بإجمالي 1,860 ساعة، واستخدام لوحات تحكم عند أبواب الغرف والفراغات الإلكتروميكانيكية وغرف الاتصالات وغرف تجميع النفايات.

أنظمة صرف

وفيما يختص بأنظمة الصرف الرئيسة فقد جاء أنها تتمثل في تصريف مياه الأمطار وأنظمة (جمع المخلفات، والتخلص من النفايات بواسطة نظام التفريغ الآلي، ونظام سحب الغبار والأتربة، ونظام تصريف مياه زمزم، ونظام توزيع مياه زمزم المبردة)، إضافة إلى إحصاءات قوة التغذية الكهربائية المستخدمة في المشروع، حيث بلغ إجمالي قوة محطات الكهرباء / 4.412 م.ف.أ /، فيما بلغت أطوال الكابلات الكهربائية / 104.317م.ط /، أما العناصر الكهربائية بالمبنى بلغت (4) محطات جهد متوسط رئيسة بالمبنى والساحات والمصاطب (39) محطة جهد فرعية.

خدمات مركزية

ويحتوي المشروع على مجمع للخدمات المركزية وعدد من العناصر تتمثل في محطة كهرباء الضغط العالي التي تحتوي على (6) محولات قدرة كل منها (67) ميجا فولت أمبير، ومحطة المولدات الاحتياطية وتشمل (14) مولداً، بقدرة لكل منها (5.5) ميجا فولت أمبير، ومحطة تكييف وتبريد المياه بطاقة (120.000) طن تبريد مع إمكانية إضافة (40.000) طن تبريد، إلى جانب محطة تجميع النفايات المركزية بواسطة نظام التفريغ الآلي بطاقة قصوى تبلغ (600) طن / يوم، ومحطة خزان ومضخات مياه مكافحة الحرائق سعة الخزان (9.000) م3، وخزان مياه التبريد تحت الأرض سعة (16.000) م3، ومبنى الخدمات وهو مبنى متعدد الوظائف ونفق خدمة من مجمع الخدمات حتى الحرم بطول (1.022) متراً وعرض (16) متراً، ويحتوي على تمديدات المياه المثلجة، وتمديدات المياه، وتمديدات نظام إطفاء الحريق، وتمديدات نظام تجميع النفايات، وتمديدات نظام الصرف، وتمديدات كابلات الكهرباء.

مبان أمنية

ومشروع توسعة المسجد الحرام اشتمل على مبانٍ أمنية بمساحة بناء تقديرية (541.276) م2، أما مبنى مستشفى الحجون فيبلغ إجمالي عدد الأسرة 200 سرير، وإجمالي مساحة المباني / 178.950 م2 / ومساحة الأرض / 22.060 م2.

ويتكون مشروع مبنى التوسعة الرئيس من ستة طوابق للصلاة و680 سلماً كهربائياً و24 مصعداً لذوي الاحتياجات الخاصة و21 ألف دورة مياه ومواضئ.

أجهزة تحكم

كما يضم المسجد الحرام بوابة رئيسة تتكون من ثلاثة أبواب كل باب من درفتين وزن كل منها 18 طناً، تدار بأجهزة تحكم عن بعد، وتقام التوسعة التي يتكون مبناها من ثلاثة أدوار على مسطح بناء يبلغ 000. 320 م2، يستوعب 300 ألف مصل، وأنفاق للمشاة تضم خمسة أنفاق لنقل الحركة من الحرم إلى منطقة الحجون وجرول، خصص أربعة منها لنقل ضيوف بيت الله الحرام، فيما خصص الخامس للطوارئ والمسارات الأمنية، ويبلغ أجمالي أطوال هذه الأنفاق حوالي 5300م، إضافة إلى مجمع الخدمات المركزية، وتشمل محطات الكهرباء والمولدات الاحتياطية، وتبريد المياه وتجميع النفايات والخزان ومضخات مياه مكافحة الحرائق، ومشروع الطريق الدائري الأول الذي يقع داخل المنطقة المركزية، ويمتد بطول 4600 متر، ويضم جسوراً وأنفاقاً لنقل الحركة من المنطقة المركزية إلى خارجها بثلاثة مسارات في كل اتجاه.

منظومة المياه

فيما يحتوي كذلك على مشارب مياه زمزم ضمن منظومة متكاملة مياه زمزم المبردة بإجمالي عدد مشارب زمزم 2528 مشربية، ما يوفر خدمات مميزة وأماكن للصلاة بالأدوار المختلفة والمناسيب المتنوعة لتأتي متواكبة مع تزايد أعداد الحجاج والمعتمرين والزائرين الذين سيودعون بهذا المشروع التاريخي مشكلة الزحام للأبد.

ويحتوي المشروع على أنظمة متطورة منها نظام الصوت بإجمالي عدد سماعات يبلغ 4524 سماعة، وكذلك نظام إنذار الحريق ونظام كاميرات المراقبة بإجمالي عدد كاميرات يبلغ 6635 كاميرا لكامل المبنى، وأنظمة النظافة كنظام شفط الغبار المركزي.