قبيل انطلاق الاحتفال بالأعياد اليهودية، نشطت قنوات الاتصال غير المباشر بين حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” الفلسطينيتين، من جهة، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، من جهة أخرى، عبر مجموعة من الوسطاء على رأسهم مصر وقطر، بحسب ما كشفت مصادر قيادية في الحركة، وأخرى مصرية.
وبحسب قيادي في “حماس” تحدث لـ”العربي الجديد”، فإن الحركة بعثت برسائل وصفها بـ”شديدة اللهجة” إلى حكومة الاحتلال، حذرت خلالها من المساس بالمسجد الأقصى، من قِبل سلطات الاحتلال أو المستوطنين خلال الاحتفال بالأعياد اليهودية.
وقال القيادي إن “حماس” بعثت، عبر الوسيط المصري، رسالة مفادها بأن صواريخ غزة جاهزة للرد على أي انتهاكات من شأنها “تدنيس الحرم القدسي”.
وأضاف أن رسائل الحركة تضمنت الرد على رسائل وصلت إلى الفصائل عبر الوسطاء في القاهرة، من حكومة الاحتلال، متعلقة بالربط بين الحفاظ على حالة الهدوء، واستمرار تقديم التسهيلات لقطاع غزة.
وأوضح القيادي أن “الحركة وفصائل المقاومة في غزة حاسمة في هذا المسار، بالتأكيد على أنه لا يمكن القبول بتدنيس الأقصى، مقابل أي تسهيلات مهما كانت، بما فيها لقطاع غزة”. وأشار إلى أنه جرى التأكيد أن أي انتهاك لحرمة الأقصى والحرم القدسي سيتم الرد عليه في حينه ولن يتم التهاون في ذلك الأمر. وقال إن “فصائل المقاومة، وعلى رأسها حماس، أكدت للوسيط المصري أنه مع انطلاق الفعاليات الاحتفالية فإنه سيتم تجهيز صواريخ المقاومة في مرابضها”.
وحذّر رئيس الشاباك الإسرائيلي، رونين بار، الأحد الماضي، مما سمّاه “مواصلة التحريض على تنفيذ العمليات في الضفة الغربية”، والتي تشهد تصاعداً ملحوظاً في الآونة الأخيرة. ووجّه رئيس الشاباك رسالة إلى قائد “حماس” في غزة يحيى السنوار، قائلاً “يجب أن تدرس خطواتك بدقة، وأن تختار بين ترميم غزة وبين المقاومة”. وأضاف بار وفقاً لوسائل إعلام عبرية: “لن نسمح بأن يواصل التحريض على العمليات وفي المقابل تحسين وضع السكان في غزة”. وتابع أنه “في حال عدم توقف حماس عن التحريض في الضفة لتنفيذ عمليات، فلربما تبدأ إسرائيل بالعمل في غزة أيضاً”.
في المقابل، وحول الوساطة التي تقودها القاهرة، فإن المسؤولين في مصر يبذلون جهوداً حثيثة خلال الفترة الراهنة لمنع أي تصعيد على وقع الاحتفالات اليهودية. إذ طالبت القاهرة المسؤولين في حكومة الاحتلال بشكل واضح بضرورة ضبط الأوضاع في القدس ومحيط المسجد الأقصى لمنع اندلاع أي مواجهات وتأجيج الشارع العربي والإسلامي.
وكانت القاهرة حريصة على نقل الرسائل بدقة شديدة بين الجانبين، خصوصاً أنها “رسائل حرب”، على حد تعبير مصدر تحدث لـ”العربي الجديد”. وأكد أيضاً أن القاهرة لا يقتصر دورها فقط على نقل الرسائل، بل ممارسة أدوار، متعلقة بنفوذها وعلاقتها بكافة الأطراف، من أجل الحفاظ على التهدئة.
وأكدت الحركة وفصائل المقاومة أنه لا يمكن القبول بتدنيس الأقصى، مقابل أي تسهيلات لقطاع غزة
وكشف المصدر أن القاهرة لا تزال مؤمنة بإمكانية تحقيق تقدم على صعيد ملف صفقة الأسرى، بحال تم الحفاظ على حالة التهدئة لفترة طويلة نسبياً من دون أن يقطعها أي تصعيد.
وأعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية، أول من أمس الثلاثاء، أن المقاومة على أهبة الاستعداد للقيام بواجبها ولن تتأخر في تلبية نداء القدس والمسجد الأقصى. ودعت الفصائل خلال مؤتمر صحافي للأذرع المسلحة، حول الاعتداءات والاقتحامات الصهيونية في المسجد الأقصى، كافة مكونات الأمة لتحمل مسؤولياتها في نصرة الأقصى والدفاع عنه بكل السبل والوسائل، قائلة إن “على أنظمة التطبيع وقف جريمتها التي تشجع الاحتلال بتصعيد عدوانه على شعبنا وأقصانا”.
الحديث عن صفقة الأسرى مجدداً يأتي في وقت كشفت فيه مصادر فلسطينية في قطاع غزة، عن تحركات وصفتها بـ”الجديدة” من جانب تركيا، التي التقى رئيسها رجب طيب أردوغان برئيس الوزراء الإسرائيلي يئير لبيد أخيراً في لقاء هو الأول من نوعه، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتحريك ملف صفقة الأسرى المعطلة.
وبحسب المصادر، تسعى تركيا إلى توظيف علاقتها الوثيقة بحركة “حماس”، من أجل لعب دور إقليمي، في إحداث اختراق بالصفقة المعقدة.
وعلى عكس ما يثار بشأن مطالب إسرائيلية من تركيا بإغلاق مكاتب “حماس” هناك، قالت المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد” إن مطالب تل أبيب من أنقرة في هذا الصدد لم تتجاوز التضييق على الحركة، وعدم السماح لها بممارسة أي أنشطة “تهدد أمنها” من الأراضي التركية.
ولفتت المصادر إلى أن حكومة الاحتلال تدرك أن وجود قيادة “حماس” في تركيا في الوقت الراهن، مع التحسن الذي يطرأ على العلاقات بين تل أبيب وأنقرة، هو أمر في صالحها، ملمّحة إلى مخاوف إسرائيلية بشأن انتقال قيادات “حماس” إلى دول أخرى لا تملك إسرائيل أي تعامل معها.
وكشفت المصادر أن الحركة لم تتلق أي إشارات من جانب المسؤولين الأتراك بشأن ما يردده الإعلام الإسرائيلي، بإغلاق مكاتب الحركة، أو نقل إقامة قياداتها خارج تركيا.