نشأت موضة الأزياء المحتشمة في البداية لتلبي معايير ثقافية ودينية معينة، لكنها نجحت في مواكبة توجهات الجمال والأناقة العالمية ليتعدى في نهاية المطاف اهتمام جيل شاب من المستهلكين العالميين وعشاق وسائل التواصل الاجتماعي من جميع أنحاء العالم.
وتختلف ملامح الموضة المحتشمة من بلد لآخر، فبينما تفضل السيدة الإيرانية تنسيق حجاب فضفاض مع بنطلون وسترة، تميل السيدات في الخليج العربي إلى العباية الانسيابية التي تعكس التصاميم الشرقية والموضة الغربية في آن معاً. وقد تختلف التفضيلات حتى في البلد نفسه بين منطقة وأخرى، كما هو الحال في المملكة العربية السعودية. ومن الطبيعي أن تبحث كل سيدة عن التنوع والتغيير في إطلالتها، مهما كانت خلفيتها الثقافية وأسلوب أناقتها. ويعتمد نجاح العلامات التجارية على مواكبتها لهذه الاحتياجات.
ونرى اليوم أن التصاميم المحتشمة نجحت في تخطي كافة الحواجز، وليس عليها الالتزام بقواعد معينة مما يفسح المجال المصممين لإطلاق العنان لإبداعاتهم طالما أنها تلبي معايير الاحتشام.
وفي دراسة حول سلوك مستهلكي الأزياء المحتشمة، أشارت كبيرة الباحثين في المجلس الإسلامي للأزياء والتصميم رومانا ميرزا إلى ذكاء هذه الفئة وآرائها المدروسة بشأن العلامات التجارية. وقالت في هذا السياق: “يميل مستهلكو الأزياء المحتشمة إلى اختيار العلامات الفاخرة والشهيرة عموماً، لكن على الرغم من أعداد المستهلكين الهائلة وقدرتهم الشرائية الكبيرة، ما تزال المتاجر التقليدية والإلكترونية في معظمها تغفل عن تلبية متطلباتهم. لذا ندعو العلامات العالمية إلى الاهتمام بهذه الفئة الانتقائية والذكية، لأن متطلباتها ستلعب دوراً رئيسياً في رسم ملامح هذه السوق”.
وبدأت العلامات التجارية في الغرب باتخاذ بعض الخطوات في هذا المجال، حيث يطلق متجر مانجو الفاخر كل موسم تشكيلات محتشمة من الأثواب والقفطانات والفساتين الطويلة، وأعلنت نايكي عن إطلاق حجاب عملي خصيصاً للرياضيين. وتحرص متاجر مثل نت إيه بورتر التي تعرض منتجات لعلامات مختلفة على الترويج للتشكيلات محدودة الإصدار والخاصة بشهر رمضان المبارك من تصميم أسماء لامعة مثل أوسكار دي لا رينتا وجيني باكهام. أما بالنسبة لعلامات المنطقة، فتتوجه دار ليم ومثيلاتها إلى العملاء في المنطقة من خلال رؤية استثنائية تجمع بين التصاميم المحتشمة والصيحات العالمية لتقدم قطعاً أساسية وإطلالات شاملة. وتواصل من خلال تشكيلتها لموسم ربيع وصيف 2021 المزج بين التصاميم المحتشمة والموضة العصرية للارتقاء بقاعدة عملائها التي تفضل هذا الأسلوب سواء تماشياً مع الخلفية الثقافية أو الذوق الشخصي.
وتجسد تشكيلة ليم لهذا الموسم مفهوم الأناقة المحتشمة بأبهى صورها، حيث تستمد إلهامها من المشاهد الطبيعية مع لمسات مفعمة بالأنوثة للحفاظ على رسالتها الأساسية ومواكبة أحدث صيحات الموضة في آن معاً، بدءاً بطبعات الأزهار والفساتين المزينة بالزخارف النباتية ووصولاً إلى التدرجات اللونية الجميلة والثنيات المتدرجة والأقمشة الشفافة. كما تبرز الصيحات الجريئة هذا الموسم من خلال تفاصيل لافتة، بما فيها الأكتاف الضخمة ولمسات حيوية من الألوان والتطريزات والنقشات التقليدية والطبعات الفوتوجرافية على قماش الجيرسيه والتدرجات الكلاسيكية وأحادية اللون.
ورغم الاهتمام الإعلامي الذي باتت تحظى به الموضة المحتشمة مؤخراً، إلا أن الترويج لها كصيحة جديدة يغفل حقيقة أنها حاضرة منذ الأزل وجذورها تعود إلى قرون بعيدة. أما بالنسبة للاهتمام المفاجئ، فلا يرجع إلى زيادة عدد مصممي الملابس المحتشمة، وإنما إلى التنامي السريع لشريحة المستهلكين من المسلمين الشباب ودور التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي أتاحت لموجة من المصممين والعملاء ومشاهير مواقع التواصل مشاركة أسلوب حياتهم مع جمهور يشاركهم ذات الرؤية.