نشر موقع “بلومبيرغ” تقريرا أعده كريس أنيستي، قال فيه إن صديق الصين الثري يستثمر الخلافات بشأن النفط مع الولايات المتحدة.
وقال الكاتب إن العلاقات الاقتصادية الأمريكية مع السعودية كانت وثيقة لقرن تقريبا، ويكشف اسم أكبر شركة نفط في العالم، عمق العلاقة بين البلدين. فشركة “أرامكو” السعودية هي نفسها “شركة النفط العربية الأمريكية”.
إلا أن التوترات الأمريكية- السعودية تعود إلى وقت طويل، حيث قادت الرياض في السبعينات حظر النفط ضد امريكا وأوروبا بعد حرب عام 1973. ومع ذلك كانت هناك قاعدة للتعاون بين أكبر مستهلك للطاقة في العالم ومملكة في الشرق الأوسط تطفو على احتياطي ضخم من النفط.
وبات من الواضح أن هناك تحولا بنيويا يجري الآن. فبعد محاولتها تقويض التأثير السعودي على سوق النفط العالمي عبر زيادة الاستثمار في الزيت الصخري بداية القرن الحالي، أصبحت الولايات المتحدة من أكبر داعمي التحول نحو الطاقة النظيفة. وهو ما أدى إلى تقويض أساس العلاقة الاقتصادية بين البلدين. وعلى رأس تلك طبقات العلاقة، دفع الرياض لتخفيض إنتاج النفط من خلال “أوبك+” وهو تحرك أدى لتوتر في العلاقات الدبلوماسية مع البيت الأبيض.
وفي الوقت الذي توسع فيه الشق في العلاقات الأمريكية- السعودية، عمقت الصين من علاقاتها، ليس مع السعوديين فقط، ولكن في كل منطقة الخليج، بشكل يشير إلى تحول جيوإستراتيجي.
ففي الوقت الذي يتحدث فيه جو بايدن عن معركة بين الاستبداد والديمقراطية، فالصين لا تملك أجندة أيديولوجية تثير قلق السعوديين. وفي الوقت الذي استثمرت فيه بشكل كبير في الطاقة المتجددة، إلا أن بكين ليست جزءا في أي حملة ضد الوقود الأحفوري، حيث لا تزال الصين تغذي وتمول محطات الطاقة التي تعمل عبر الوقود الحجري حول العالم.
وتعتبر الصين من أكبر شركاء السعودية التجاريين ومصدرا للاستثمار بالنسبة لولي العهد محمد بن سلمان، الذي يتابع رؤية 2030 للتنمية، والتي تتناسب جدا مع مبادرة شي جين بينغ “الحزام والطريق”. ودعمت الصين مشاريع كبيرة بما فيها الخط الحديدي السريع بين مكة والمدينة، ومجمع رأس الخير البحري. ووصل حجم التجارة المتبادل بين البلدين إلى 65 مليار دولار عام 2020، بحجم أقل من التدفق المالي الأمريكي- السعودي، 20 مليار دولار حسب البيانات التي جمعها المعهد الألماني “ميركاتور” للدراسات الصينية.
ويعلق جوناثان بانيكوف، مدير المجلس الأطلنطي، والذي عمل سابقا في مكتب الأمن القومي الأمريكي، أن “محمد بن سلمان يواصل الكشف عن تفضيله التعاون الدولي التعاقدي، مثل الطريقة التي تتعامل فيها الصين وروسيا مع العالم. والمشكلة هي أن هذه ليست الطريقة التقليدية التي تدير فيها الولايات المتحدة سياستها الخارجية”.
ومُنحت السعودية في العام الماضي صفة مراقب في منظمة شنغهاي للتعاون، وهي مجموعة أمنية دولية تقودها الصين وتركز على وسط آسيا، ولكنها تتوسع باتجاه الشرق الأوسط. وكانت أول زيارة للرئيس شي إلى الخارج منذ أزمة كوفيد-19 هي للمشاركة في قمة شنغهاي الشهر الماضي، وهناك تكهنات بأنه سيزور السعودية هذا العام أو العام المقبل بعد توجيه دعوة له في آذار/ مارس.
واستثمرت الصين في سلسلة من الموانئ على طول الخطوط البحرية للشرق الأوسط وكذلك الطرق البرية عبر باكستان. وفي تقرير أعده قبل فترة ناصر تميمي من معهد ميركاتور، قال فيه إن “النخبة السياسية والاقتصادية تنظر وبشكل متزايد للصين كقوة عظمى، وتتوقع بقاءها وجهة رئيسية للطاقة في المستقبل القريب، ما يعني ضرورة بناء علاقات استراتيجية مع القوة الصاعدة”.
وقبل النزاع الحالي بين إدارة بايدن والسعودية، كانت الحسابات هي أن الرياض تبحث عن موازنة علاقاتها بين بكين وواشنطن. وما هو مهم ويجب رصده في الأشهر المقبلة إن كان هذا التقييم قد بدأ بالتحول.