بات في حكم ألمرجح ان الزيارة التي قام بها قبل اسابيع قليلة وفد رفيع المستوى من قيادة حركة حماس لموسكو اطلقت المجال امام حزمة اتصالات ومشاورات لا بل علاقات وحالة تواصل غير مسبوقة بين حركة حماس وقيادتها السياسية وبين الحكومة الروسية و خصوصا على مستوى وزارة الخارجية في موسكو حيث فتحت هذه الزيارة التي قام بها وفد من حماس بقيادة اسماعيل هنية الباب على مصراعيه امام تفاهمات يبدو ان بعضها سياسي وبعضها الاخر غير سياسي في هذه المرحلةو يمكنها ان تؤدي الى اطلاق منصة للتعاون والحوار المشترك.
حركة حماس في طريقها حسب اخر المعطيات والانباء لدراسة تطور ونمو العلاقات والاتصالات مع موسكو ولبحث وتقييم امكانية تسمية ممثل للحركة في موسكو وفي الاتحاد الروسي والكرملين بحكم واحدة من تطورات و تلازمات تطورات المشهد الروسي الاوكراني والخلافات الروسية مع اسرائيل.
اغلب التقدير وحسب مصادر دبلوماسية غربية مطلعة على التفاصيل ان زيارة وفد حماس الى موسكو هي التي فتحت ابواب دمشق لا بل المصالحة الجزئية التي جرت مع النظام السوري وقيادة حركة حماس .
وفي هذه الاثناء كان وجود القيادي في حركة حماس خليل الحية ضمن وفد الفصائل الفلسطينية الذي زار دمشق والتقي الرئيس السوري بشار الاسد تعبير عن جهد ملموس لعبته موسكو وتحديدا وزارة الخارجية وادارة الشرق الاوسط والقسم العربي فيها خلف الستارة والكواليس.
موسكو على الارجح هي التي أمنت مقعدا لقيادي حماس خليل الحية ضمن وفد الفصائل الفلسطينية الذي زار دمشق والتقى الرئيس بشار الاسد.
كانت تلك طبعا مصالحة جزئية نمت وترعرعت على اكتاف الرافعة الروسية و لها دلالات سياسية بالتاكيد و قد تمهد لاستئناف نمط من الاتصالات ايضا وتحت دعم نفس الرافعة الروسية بين مؤسسات حركة حماس وبعض الشخصيات الامنية السورية لاغراض التنسيق وليس العودة الى علاقات كاملة كما يعتقد البعض.
ومن الواضح ان المصالحة مع النظام السوري ليست مجالا للتوافق والاجماع داخل اطر حركة حماس القيادية .
لكنها كانت خطوة تكتيكية في اتجاه هامش مناورة يريده الروس واصرت عليه موسكو لاغراض تخص اجندتها تجاه اولا القضية الفلسطينية وثانيا علاقاتها مع اسرائيل.
وهو هامش قدرت القيادة السياسية لحركة حماس في جناح نافذ منها انه يوفر فرصة للتسلل .
وبالتالي حصل هذا التسلل وكان الثمن الذي تقرر ان تدفعه حركة حماس هو المشاركة في سعي المصالحة مع دمشق وان كان تحت عباءة قادة فصائل المقاومة الفلسطينية في اطار رسالة سياسية اشمل لها علاقة ببقاء التاثير والنفوذ الروسي في عمق المعادلة السورية.
التفاصيل كثيرة في هذا الاتجاه لكن زيارة خليل الحية الى دمشق تقع سياسيا او تتموقع دبلوماسيا في المكان المعاكس لما كان قد ذكره في عمان القيادي السياسي و مسؤول الشؤون الخارجية في حركة حماس خالد مشعل قبل نحو ستة اسابيع حينما اعتبر في حديث على سمع نخبة من السياسيين الاردنيين بان المصالحة مع النظام السوري ليست واردة الان وقد اخفقت لاسباب عديدة معقدة.
ورغم ان خالد مشعل تحديدا بدا غير متحمس في عمان للمصالحة مع سورية وتحدث بالاسهاب والتفصيل عن الخلافات بين حركة حماس وقيادة دمشق و عن اتهامات الاعلام الرسمي السوري لحركة حماس بالتخاذل في حرب الايام الثلاثة الاخيرة الا ان زيارة خليل الحية تفتح تفويضا جديدا لتجربة استشعار التواصل مع النظام السوري والدولة السورية مجددا .
لكن تلك التجربة هي في الواقع حصيلة للجهد والاصرار الروسي كما ترجح مصادر دبلوماسية غربية على علم بالتفاصيل وليست حصيلة بعد لقناعة مطلقة بالنسبة لقادة حماس لا بل تجربة المصالحة بالرعاية الروسية هي انموذج تحت الاختبار بالنسبة للجناح السياسي الذي يرى في حركة حماس ان الانفتاح على النظام السوري الان قد ينطوي على خسائر كبيرة لكن حركة حماس و في مكتبها السياسي قررت بالمقابل ردا على الحضن الروسي الذي فتح فجاة وفي اطار حسابات الاستقطاب الدولي والاقليمي باظهار قدر كبير من المجاملة والرغبة في الاستثمار وهو استثمار قد يؤدي الى توازنات مختلفة اذا ما اكتمل مشواره في المسار السياسي وما بعد السياسي لاحقا.
“رأي اليوم”