محمد يونس الدلو.. رسام فلسطيني
معاناة كبيرة كان يعيشها شاب فلسطيني بسبب مرضه المزمن، ولكن إرادته دفعته للتغلب على تلك الظروف وبدلا من أن يستسلم للعيش في عزلة تمسك بحبل الفن ليخرج من أزمته ويتحول لواحد من أهم الفنانين الفلسطينيين الملهمين الذين يصدرون طاقة إيجابية لكل من حولهم ويبثون روح التفاؤل في الجميع دائما، رحلة طويلة مليئة بالصعاب خاضها الشاب الفلسطيني محمد يونس الدلو، الرسام وأحد أبطال ذوي الهمم متسلحا بحبه للحياة وسعيه الدائم في المعافرة بها.
«الدلو» شاب فلسطيني يبلغ من العمر حاليا 26 عاما، يعاني من ضمور عام بالعضلات أفقده الحركة، لكن لم يستطع أن يفقده حبه وشغفه بالرسم، ومنذ أن كان طفلا صغيرا كان يحلم أن يصبح مثل والده في يوما من الأيام ويعمل بنفس عمله كمحاسب بوزارة المالية، ولهذا كان دائما يحاول الاجتهاد بدراسته حتى يلتحق بالكلية التي تمكنه من تحقيق هذا الحلم، لكن ليست كل الأحلام تتحقق.
ويحكي «الدلو»، في بداية حديثه مع «»، أنه بالرغم من هذا المرض، إلا أن أسرته لم تشعره في يوم من الأيام أنه مختلف عن غيره أو ينقصه أي شيء مما يتمتعون به، بل كانوا يؤكدون له دائما أن لا أحد يستطيع أن يمنعه من تحقيق حلمه.
ويقول الرسام الفلسطيني: «والدي كان قدوتي بالحياة، وكنت حابب بكون مثله لما أكبر، بس وعكة صحية خلال امتحان التوجيهية، تعادل الثانوية العامة في مصر، منعتني من الامتحان وراحت عليا السنة، وحتى لما حاولت السنة اللي بعدها منعتني وعكة صحية تانية».
اكتئاب وعزلة
في تلك الفترة سيطر الإحباط على الشاب الفلسطيني بشكل كبير، بعد أن منعته تلك الظروف الصحية التي أجبر عليها من استكمال تعليمه التوجيهي والالتحاق بالكلية التي يريدها.
ويضيف «الدلو»: «في هاد الوقت الإحباط واليأس تمكن مني فقررت أعتزل العالم وأكون شخص بياكل ويشرب وينام فقط بينتظر الموت لياخدو وكأنه كل سبل الحياة بالنسبة له انتهت»، موضحا أن حالة الاكتئاب التي سيطرت عليه وقتها كانت أكثر من ذلك أيضا، لدرجة أنه أنهى كل علاقاته بأصدقائه ومعارفه ولم يكن يخرج من بيته نهائيا إلا مجبرا مع عائلته مرة أو مرتين خلال العام كاملا.
سلاح الرسم
ولأن الشاب الفلسطيني محارب حقيقي، استطاع بعد معركة طويلة مع هذا الاكتئاب التغلب عليه بالرسم، ويشير «الدلو» إلى أنه في تلك الفترة بدأ يفكر في طريقة يستطيع من خلالها أن يخرج من كل هذا، مؤكدا أنه حينها عزم على أن يثبت للحياة أنه يستحق مصير أفضل مما هو عليه.
ويتابع: «بدأت محاولاتي بالرسم بس كان مستواي سيء جدا، فكنت برسم لأفرغ عن نفسي فقط وأحاول أني أسلي حالي بالفراغ القاتل».
ويوضح أنه حرص على نشر هذه الرسومات على موقع «فيس بوك» تحت اسم مستعار حتى عام 2014، وبالتحديد يوم 10 نوفمبر، وأنه حينها تعرف على مجموعة من الشباب، يعترف أنه كان لهم الفضل الأكبر على مساعدته في خروجه من قوقعته ويبدأ العودة إلى المجتمع ويثبت له نجاحه وأهميته.
معارض فنية
ومن حينها بدأ الشاب الفلسطيني رحلة نجاحه الكبيرة بالرسم، حيث شارك في الكثير من المعارض الفنية برسومات نالت استحسان زوار تلك المعارض والفنانين المشاركين بها.
ويواصل «الدلو»: «بعدها بدأت اسعى لإقامة معرض يضم قصتي وأعمالي جميعها من وقت عزلتي وبالفعل عملت معرض «الإنيمي حياتي» وكان أول معرض للإنيمي بفلسطين عام 2015».
ولم تتوقف سلسلة المعارض عند هذا الحد، فبعد عامين فقط من هذا المعرض، أقام الفنان الفلسطيني معرضا عام 2017، ومعرضا أخر بمصر عام 2019 شارك به ممثلا عن فلسطين.
ويستطرد عن ذلك: «في هذا المعرض كان التطور برسمي كبير، وتميز بالتنوع بين الفن التعبيري والإنيمي والماندلا»، كاشفا أنه شارك في الكثير من المعارض المحلية والدولية وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات والدروع.
رسالة مُلهم
ويختتم «الدلو» حديثه مع «»، مشددا على أنه سيستمر في سعيه لنشر ثقافة الاختلاف وأن يكون مُلهما، موجها رسالة إلى كل من سيعرف حكايته أو سيقرأ عنها، مفادها: «ما يعطي الحياة قيمة هو أنها لا تدوم للأبد، ما يجعل الحياة ثمينة هو أن لها نهاية، أنا أدرك ذلك الآن أكثر من أي وقت مضى، وأقول بأننا محظوظين بأننا أحياء، لا تضيعوها وتعيشوا حسب رغبات الأخرين، امنحوا حياتكم معنى، كافحوا من أجل مبادئكم وأحلامكم بأي ثمن، لأننا حتى وإن لم نبلغ أهدافنا فإننا حاولنا القيام بما في وسعنا».