يجلس داخل ورشته العتيقة، يجاوره عدد كبير من الورق وخليط النشا الممزوج بالماء أمامه على المنضدة، يدخل الحاج «عطية» بكرةَ الورق داخل الماكينة لقصها بالأحجام المطلوبة منه ينتظرها من الجهة الأخرى، لتبدأ بعدها مرحلة فرز الورق وترتيبه ليسهل من عملية تلزيق وتقفيل الأكياس الورقية.
عطية عبد العزيز، صاحب الـ60 عاماً، عمل نصف عمره في صناعة الشنط الورقية بعد ما ورثها عن جده ووالده، ليبدأ فيها بمفرده بعد وفاتهما في التسعينيات حسبما روى لـ«»: «ديه مهنتى من زمان صعب أنى أشتغل غيرها حتى لما أكبر ومقدرش عليها».
طريقة تصميم الكيس الورقي
بأدوات بسيطة يبدع «عم عطية» في تصميم الأكياس الورقية: «أول حاجة بشوف الحجم المطلوب مني وبقطعه على الماكنة وبعدين ألزق أطراف الكيس بالنشا والمياه السخنة»، إلا أنه كان في البداية يستعين بيده لتقطيع الورق فأثر هذا على أعصاب يده ليستبدلها بالماكينة التي سهلت الأمور عليه بعد ذلك.
ارتفاع أسعار الورق جعلت الصنعة مهددة بالاختفاء والاندثار، حيث أثر ذلك على كمية الإنتاج: «الأول كنت ببيع كيلو الأكياس بـ 13جنيه، دلوقتي معدى الـ 30 جنيه، وكنا بنعمل شغل كويس، لكن دلوقتي الحركة قلت»، رغم أن استخدام الورق أفضل من البلاستيك خاصة للمواد الغذائية فهي تحافظ على المنتج حتى إن بقى خارج الثلاجة.
زبائن من ذهب
«العطارين والبقالين وحتى الأفران» كانت الزبائن الدائمة لعم «عطية» في الثمانينات والتسيعينات، فالبضائع لا تخرج من محلاتهم إلا إذا كانت مغلفة بالورق: «الأفران كانت بتطلب كل يوم على ورديتين من 6 لـ 8 كيلو شنط ورق علشان تعرف تغلف بيها الفينو والبقسماط»، أما الآن فالأحوال تغيرت فأصبح الزبون الدائم العطار والمحمصات.
محاولات عديدة بذلها الرجل الستيني للمحافظة على المهنة من الاندثار حتى أنه بدأ في تسويق أكياسه الورقية لمحلات الملابس إلا أن الأمر بدى صعباً بسبب سنه الكبير وعدم وجود مساعدين له في المهنة: «عيالي مش حابين يشتغلوا في المهنة ديه بسبب قلة الفلوس، مع أنها كنز كبير»، بحسب قوله.
ويتمنى عم عطية، أن تفرض الدولة قانونا بمنع استخدام الأكياس البلاستيكية خاصة بسبب تأثيرها على البيئة، أملاً أن يبدأ المستثمرون في تبني المشروع والسعي في تطويرها بالماكينات الجديدة كما يحدث في باقي الدول.