يخوض الفلسطينيون انتخابات الكنيست الـ25 بثلاث قوائم؛ الأولى تجمع الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (أيمن عودة) بالحركة العربية للتغيير (أحمد الطيبي)، والثانية تمثل الحركة الإسلامية الجنوبية (منصور عباس)، أما الثالثة فتمثل التجمع العربي الديمقراطي (سامي شحادة). وهذه هي المرة الأولى التي تخوض فيها الأحزاب العربية الانتخابات متفرقة، منذ رفع عتبة الحسم فيها من 2% إلى 3.25%، بناء على اقتراح من ليبرمان وتشجيع من نتنياهو، لمنع القوائم الفلسطينية من الوصول للكنيست.
في انتخابات الكنيست الـ 20، حصلت قائمة مشتركة للأحزاب العربية على 13 مقعداً، لتهبط في الانتخابات التي تلتها إلى عشرة مقاعد، بعد أن انقسمت على نفسها، وخاضت غمار الانتخابات بقائمتين متنافستين، واحدة ضمت الجبهة والتغيير (6 مقاعد)، والثانية ضمت التجمع والحركة الإسلامية (4 مقاعد). بعد ذلك، عادت القائمة المشتركة ثانية، وخاضت انتخابات الكنيست الـ 22، لتحصل على 13 مقعدا، وستبلغ الذروة في انتخابات الكنيست الـ 23 (15 مقعداً)، أما الكنيست الحالي، فقد غردت الحركة الإسلامية خارج سرب القائمة المشتركة، وحصلت على أربعة مقاعد، مقابل ستة للقائمة المشتركة التي ضمت الأحزاب الثلاثة الأخرى.
اليوم، يبلغ الانقسام مدى أبعد وأوسع، فالفجوة بين الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير من جهة، والحركة الإسلامية الجنوبية من جهة ثانية، تزداد اتساعاً، في ضوء توجه الأخيرة للانخراط في ائتلافات حكومية، وتحييدها «البعد القومي» في الصراع مع المؤسسة الإسرائيلية، وتغليب الحقوق المدنية عليها. كما أن الفجوة باتت أكثر حدة واتساعاً بين التجمع والحركة الإسلامية، وسبق لهما أن خاضا غمار المنافسة الانتخابية بقائمة واحدة في مقابل القائمة المشتركة، والسبب أن التجمع يرجح الحقوق القومية (الوطنية) للأقلية الفلسطينية على حقوق المواطنة المدنية، في خلاف تام مع الحركة الإسلامية.
الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير، تقفان في منتصف المسافة بين قطبي الخلاف، فهما تسعيان في استحداث التوازن ما بين حقوق المواطنة والحقوق الوطنية، لكنهما وهما تفعلان ذلك، تفشلان في كسب ود القطبين الآخرين. فالتجمع رفض الانخراط معهما لرفضه التوجه لترشيح شخصية صهيونية لرئاسة الحكومة، بدلاً عن نتنياهو، (غانتس من قبل ولابيد من بعد)، أما الحركة الإسلامية فهي تجادل بضرورة الانخراط في الائتلاف والحكومة، مقابل تحسين شروط حياة المواطنين الفلسطينيين المعيشية، حتى وإن كان ثمن ذلك إدارة الظهر للقضايا القومية والقضية الوطنية الفلسطينية.
انقسام الأحزاب العربية الأربعة، إلى قوائم ثلاث، أضعف شهية الناخب الفلسطيني في مناطق الـ 48، والتقارير تتوقع معدلات إقبال منخفضة على الاقتراع، والتجربة دللت على أن توحد الأحزاب العربية يرفع نسب التصويت العربي، وبخلاف ذلك تتدنى المشاركة ويتراجع التصويت. وتشير استطلاعات الرأي العام إلى صعوبة حقيقية تواجهها هذه القوائم في الوصول إلى عتبة الحسم، لا سيما إن جاءت معدلات الاقتراع أقل من 50 بالمئة، وهي نسبة من غير المتوقع أن يتم اجتيازها ما لم تحدث المعجزة.
ثلاثة سيناريوهات تكشف عنها استطلاعات الصوت العربي: أحسنها فوز القوائم الثلاث بأربعة أو خمسة مقاعد لكل منها (12 – 15 مقعدا)، ثانيها نجاح قائمة أو قائمتين فقط باجتياز عتبة الحسم، وبعدد مقاعد دون العشرة في أحسن الأحوال. وهنا يعتقد أن الحزب الأكثر ترجيحا للخروج من السباق هو حزب التجمع، الذي وإن كان يعزز مواقعه بين استطلاع وآخر، إلا أنه لم يبلغ عتبة الحسم بعد. أما السيناريو الثالث، المرجح في حال تفاقم حالة العزوف عن الاقتراع، فهو سيناريو «كنيست بلا نواب عرب»، وهو احتمال وإن كان غير مرجح، إلا أنه ليس مستبعداً في الوقت ذاته.
تراجع نسب اقتراع الفلسطينيين لا يُضعف التمثيل العربي في الكنيست الإسرائيلي فحسب، بل وربما يكون «طوق النجاة» الممدود لنتنياهو دون قصد، إذ ستتعزز مكاسبه، وربما يصبح بمقدوره تشكيل حكومة يمينية متطرفة، نقية ومصغرة، ودون الحاجة لماراثونات تفاوضية طويلة ومعقدة مع بقية الأحزاب.
ما رأيك؟
رائع0
لم يعجبني0
اعجبني0
غير راضي0
غير جيد0
لم افهم0
لا اهتم0