حتى أشّد الإسرائيليين غلوًا في التطرّف باتوا قلقين من حكومة بنيامين نتنياهو السادسة، فوزير الأمن القادم سيكون، بحسب المصادر في تل أبيب، بتساليئيل سموتريتش، المعروف بمواقفه العنصريّة ومطالبته بتطبيق الشريعة اليهوديّة وإلغاء المحكمة العليا وضمّ الضفّة الغربيّة لسيادة كيان الاحتلال، لذا يقول المحلل الأمنيّ في (هآرتس) العبريّة عاموس هارئيل، إنّ الضفّة الغربيّة ستكون مشتعلةً حال تسلمه منصبه، والأخطر من ذلك أنّ زميله في حزب (القوّة اليهوديّة)، إيتمار بن غفير، سيُعيّن في منصب وزير الأمن الداخليّ ليكون مسؤولاً عن شرطة الاحتلال، وهو الذي شارك أمس في إحياء ذكرى الحاخام العنصريّ مئير كهانا، الذي كان يُطالِب بطرد العرب من فلسطين التاريخيّة، الأمر الذي “أقلق” واشنطن، التي ساعرت لشجب المُشاركة ووصفتها بالتصرّف المُشين.
ولكن، على الرغم من أنّ حكومة بنيامين نتنياهو ستكون الأكثر تطرّفًا وعنصريّةً وفاشيّةً في تاريخ كيان الاحتلال، إلّا أنّ الخبراء والمختصين والمحللين في تل أبيب يؤكِّدون أنّ مصر تسير مرّةً أخرى نحو أداء دور مركزي لعلاقات إسرائيل مع الوطن العربيّ.
المُستشرقة الإسرائيليّة سمدار بيري، المعروفة بعلاقاتها الوطيدة مع مراكز صناعة القرار في إسرائيل، وتربطها علاقات قويّة في كلٍّ من القاهرة والعاصمة الأردنيّة، عمّان، رأت أنّ كلاً من الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي ورئيس الوزراء الجديد – القديم نتنياهو، يعرف أحدهما الآخر جيداً: فقد التقيا منذ أنْ تولى الأول منصب رئيس المخابرات العسكرية كوزير الدفاع قبل نحو عقد، بل وروى مؤخرًا فقال إن (لي كيمياء مع نتنياهو)، فيما ردّ نظيره الإسرائيليّ المجاملة فقال: “السيسي صديق عزيز، يفهم الأمور، وفي لقاءاتي معه فوجئت بحكمته، بذكائه وبشجاعته”.
وتابعت بيري في تحليلٍ نشرته بصحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، حيث تعمل هناك محللةً للشؤون العربيّة، تابعت أنّه “من الآن، لبيد وبينيت وغانتس مشطوبون. ووصل رئيس الكيان، يتسحاق هرتسوغ إلى مؤتمر المناخ في شرم الشيخ، والتقى السيسي. هذا يعني أنّ مصر لا تعتزم تحطيم الأواني مع إسرائيل بعد الانتخابات، وهذا يعني أيضًا أنّ السيسي نقل، على ما يبدو من خلال هرتسوغ، رسالة قصيرة إلى نتنياهو في موضوع استمرار العمل المشترك”، على ما نقلته عن مصادرها.
وشدّدّت المُستشرقة في السياق على أنّه “مع خلفيتهما العسكرية- الاستخبارية، يدرك السيسي ورئيس المخابرات عبّاس كامل بأنّ فترة تحدٍّ بانتظارهما. ليس نتنياهو هو ما يقلقهما، بل بن غفير وسموتريتش والملحقين بهما، فمن الصعب أنْ نتخيل مبعوثي السيسي يجرون مباحثات معهم حول الفلسطينيين في الضفة أو ينقلون (إيضاحات) عن نوايا حماس في غزة. معقول الافتراض بأنّ الاتصالات ستتركّز في القناة المباشرة بين السيسي ونتنياهو، دون لقاءات مباشرة في الآونة القريبة القادمة، وبين رؤساء الشاباك والموساد وهيئة الأمن القومي ممن سينتخبون، وبين نظرائهم في قيادة المخابرات العسكرية في القاهرة”.
علاوة على ما جاء أعلاه، تناولت المستشرقة العلاقات الإسرائيليّة الأردنيّة وقالت “لكن الحال مع عبد الله ملك الأردن قد تزداد تعقيدًا، فمن جهة ثمة قوات إيرانية قرب الحدود الأردنية مع سوريّة، والملك غير راض عن ذلك”.
وتابعت: “الملك يعرف أنّ نتنياهو يركب على التهديد الإيراني، وسيسهل عليه إيجاد نقاط تواصل معه في هذا الموضوع. ومن جهة أخرى، منذ أنْ أوضح عبد الله بأنّ (الفترة الأصعب له كانت مع نتنياهو)، ردّت عليه محافل إسرائيلية بلغة فظة: (ستكون الملك الأخير للأردن)”.
ولفتت بيري إلى أنّ “الملك يخشى من إهمال الموضوع الفلسطينيّ في عهد نتنياهو الجديد، فيجرّه وزراء اليمين المتطرف إلى أعمال أكثر تطرفًا في مناطق الضفة الغربية، فيوسعوا الاستيطان ويصروا على إقامة مستوطنات جديدة، ويمسوا بمكانة الأردن الخاصة في المسجد الأقصى، وكذلك في وضع الحدود في غور الأردن”.
مع ذلك، استدركت المُستشرقة قائلةً إنّ “البحرين هي المملكة الوحيدة في إمارات الخليج التي أعلنت أنّ انتصار نتنياهو كان (طبيعيًا) و(متوقعًا)، وأنها ستواصل بناء الشراكة، الاقتصادية أساسًا، مع إسرائيل”.
وأوضحت: “ترى المملكة الصغيرة أنّ العلاقات تتطور في ظل رضى الملك حمد بن عيسى، فهناك سفيران، ولن يكون لنتنياهو سبب للعرقلة. في نهاية الأمر، فإنّ اتفاقات إبراهيم مع الإمارات والمغرب والسودان مسجلة على اسم نتنياهو. والآن، ستبحث هذه الدول عن سبل التصدي لوزراء اليمين المتطرف، ممن لم يظهروا في الصيغة السابقة لهذه الحكومة. قد يصبح بن غفير وسموتريتش علمًا أحمر إذا ما تلقيا منصبين يتعلقان بهذا التعاون”.
وخلُصت المُستشرقة بيري إلى القول إنّ ” التوتر الأكبر هو مع لبنان: اتفاقات الغاز وقعت، والرئيس عون اعتزل منصبه، وليس واضحًا مَنْ يدير الدولة الآن أوْ متى سينجحون في انتخاب رئيسٍ جديدٍ. حلم اللبنانيون للحظة قصيرة بالانضمام إلى اتفاقات إبراهيم، لكن نصر الله الآن يمسك بزمام القيادة، ويوضح بأنّه إذا حاولت حكومة نتنياهو المسّ بمرابض الغاز والنفط فسيعود (حزب الله) إلى الصورة وإيران من خلفه”، قالت المُستشرقة الإسرائيليّة.