إيكونوميست تحذر من أيام صعبة في الضفة وغزة: حكومة نتنياهو قد تزيد النار اشتعالا

حذرت مجلة “إيكونوميست” من أيام صعبة في الضفة الغربية وغزة، قائلة إن حكومة بنيامين نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف قد يزيدون من مستوى الحرارة في الضفة الغربية، وفي الوقت نفسه سيزيد وزراء اليمين المتطرف من التوترات في القدس. فقبل أسبوع من ذهاب الإسرائيليين إلى صناديق الاقتراع في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، قام فريق من الجنود الإسرائيليين بمداهمة غير عادية في المدينة القديمة بنابلس. وبحلول النهار عادت قصبتها المعروفة بحلوياتها الشهيرة للحياة، إلا أنها في مداهمة قبل الفجر في 25 تشرين الأول/أكتوبر تحولت إلى ساحة حرب. وقتل خمسة فلسطينيين وجرح العشرات، وقتل فلسطيني آخر في مكان آخر ذلك المساء.

وكان الهدف هو فصيل فلسطيني جديد اسمه “عرين الأسود” الذي أعلن مسؤوليته عن سلسلة من العمليات ضد الجنود الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة التي يراها الفلسطينيون مركز دولتهم في المستقبل. وتقول الشرطة الإسرائيلية إنها أحبطت عملية لعرين الأسود في تل أبيب، بشهر أيلول/سبتمبر.

 وجاءت المداهمة بعد أسابيع من القيود على سكان نابلس بشكل ذكر بالانتفاضة الدموية قبل عقدين من الزمان. وفي السنوات الماضية كان من النادر دخول القوات الإسرائيلية إلى المدينة القديمة علاوة على إطلاق صاروخ محمول على الكتف في وسط البلدة.

وأضافت المجلة أن الضفة الغربية تغلي. وتقول الأمم المتحدة إن هذا العام ربما كان الأكثر دموية منذ عام 2005. وتقول إسرائيل إنه وجب عليها الرد على تصاعد التشدد الفلسطيني في آذار/مارس ونيسان/إبريل عندما حدثت هجمات في أربع مدن إسرائيلية مختلفة.

 وتعلق المجلة أن حكومة بزعامة بنيامين نتنياهو وبخاصة لو شملت على وزراء من اليمين المتطرف بشدة، قد تزيد التوترات أكثر. وتضيف أنه من الصعب وصف رئيس الوزراء المنتهية ولايته يائير لبيد بالحمامة، فرغم حديثه عن حل الدولتين في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر إلا أنه لم يظهر أي ميل لحل النزاع أثناء فترة حكمه التي استمرت أربعة أشهر.

وقتل الجيش الإسرائيلي في العشرة أشهر الأولى من هذا العام 109 فلسطينيين بمن فيهم 28 طفلا بالضفة الغربية، وهي زيادة بنسبة 40% عن كل العام الماضي. وتزايد عنف المستوطنين في الضفة الغربية، ومعظمه يمر بدون عقاب، وسجلت الأمم المتحدة 577 هجوما هذا العام بزيادة واضحة عن 496 هجوما في 2021. ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية الفرق بين الحكومات الإسرائيلية بأنه مثل “الفرق بين بيبسي كولا وكوكا كولا”.

ومع ذلك فالتحالف الذي سيقوده نتنياهو مع اليمين الصهيوني سيزيد النار اشتعالا في عدة مناطق. أولا، في القدس، فإيتمار بن غفير الزعيم المشارك في كتلة الصهيونية الدينية التي تأمل بالتحالف مع حزب الليكود بزعامة نتنياهو يطالب بوزارة الأمن المسؤولة عن الشرطة. ويأمل المتطرفون بأن يؤدي تعيينه لتغيرات في المسجد الأقصى (يسمونه معبد الهيكل). وربما خاب أملهم لأن نتنياهو عبر عن حذر في الماضي من تغيير الوضع القائم في الحرم حيث يمنع اليهود من الصلاة علنا وتقييد زياراتهم، لكن زيارة من بن غفير قد تشعل الشغب.

ومن جانبهم، فقد الفلسطينيون الثقة بالسلطة الوطنية وزعيمها محمود عباس البالغ من العمر 86 عاما والذي عين في المنصب عام 2005 ولم يغادره. ويشير استطلاع أجري في أيلول/سبتمبر إلى أن نسبة 74% من الفلسطينيين يريدون استقالته و47% منهم تريد حل السلطة.

وبين الشباب هناك عدم ثقة بالقيادة الفلسطينية التي أصابتها الشيخوخة، وبعض أفراد عرين الأسود هم أبناء عناصر في حزب الرئيس فتح، مثل إبراهيم النابلسي الذي قتل في نابلس بآب/أغسطس وهو ابن ضابط في الأمن الفلسطيني.

 ولم يظهر نتنياهو خلال فترة حكمه السابقة التي استمرت 12 عاما أي رغبة بالمفاوضات وعمل على إضعاف السلطة الوطنية وقطع عنها الموارد التي تجمعها إسرائيل نيابة عنها. في عام 2020 قدم خطة لضم مناطق في الضفة الغربية. ولو زادت السلطة ضعفا فقد تدخل الضفة في مرحلة الفوضى. وفي الجانب الآخر من الدولة الفلسطينية المفترضة، غزة، فرضت إسرائيل حصارا منذ عام 2006، وفعلت مصر نفس الشيء، مع أن مسؤولي أمن إسرائيليين يرون أن سياسة الحصار لم تنجح في زحزحة حماس عن السلطة بل جلبت البؤس على الفلسطينيين فقط.

وحاولت الحكومة السابقة تقديم بعض المساعدات للقطاع من خلال زيادة عدد تصاريح العمل للفلسطينيين هناك إلى 17.000 تصريح، وكان لبيد يأمل بزيادتها إلى 20.000 تصريح، لكنه رقم قليل مقارنة مع 100.000 فلسطيني كانوا يعملون في إسرائيل قبل سيطرة حماس على السلطة. ويبلغ معدل دخل الفلسطيني في غزة 33 شيكلا في اليوم أو 9 دولارات مقارنة مع 266 شيكلا يوميا للعامل في إسرائيل.

ولم تظهر الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أي اهتمام برفع الحصار، وعلى الأرجح لن يتغير هذا الوضع في عهد نتنياهو والذي قد يضرب حماس بشدة في أي نزاع مقبل. ومهما كان شكل الحكومة الإسرائيلية المقبلة، فلن تعطي راحة أو أملا للفلسطينيين في غزة المنكوبة أو الضفة التي تغلي.