جدول المحتويات
هناك موضوعات عدة ذات أهمية كبيرة داخل مجتمعنا الإسلامي، والتي يسعى الأزهر الشريف دائمًا بمؤسساته إلى إبرازها والارتكاز على أُسسها، لترسيخ مفاهيمها الدينية في عقول الأجيال الصاعدة لتنشئة جيلًا مُتمسكًا بأصوله الدينية، من هنا نشأت فكرة تناول تلك الموضوعات في خُطب الجُمعة والمُناسبات الإسلامية، ومن أمثلة ذلك خطبة عن بر الوالدين الذي يُعد من أكبر الحقوق التي كتبها الله على كل مُسلم ومُسلمة، ويوفر موقع بعضاً من الخطب التي تتحدث عن وجوب طاعة الوالدين.
خطبة عن بر الوالدين
أوجب الله عز وجل على الأبناء بر والديهم في تكليفٍ واضح بصورٍ شتى في القرآن الكريم وفي العديد من الأحاديث القدسية والروايات، فقال تعالى في “سورة النساء آية 36” “واعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا وبالوالدين إحسانًا”.
نرى في ذلك أن الله سبحانه وتعالى قد قرن عبادة بر الوالدين بالتوحيد بالله، ولم يقرن أي عبادةِ أخرى كالصلاة والزكاة وغيرها، مما يدل على مدى أهميتها ولكونها هي أسّاس كل خير في حياة الإنسان، وأن عقوقهما سبباً لكل مفسدة والعيشة الغير سوية وخسران الدنيا والآخرة.
خطبة جمعة عن بر الوالدين
- عَظَّم الله من قيمة الوالدين، فحين نعلم قول أياس بن معاوية لما ماتت أمه فبكى، فقيل له “ما يبكيك؟”
قال “كان لي بابان مفتوحتان للجنة وقد أُغلِق أحدهم”. - أرأيت كيف أحتسب رضي الله عنه بر والدته بابًا إلى الجنة؟ فكيف حالنا اليوم ونحن لا نكاد نراهم بل مشغولون بحياتنا، وتلهينا اشغالنا عنهم.
- نسينا أن طريق الفلاح تحت قدميها، وأن غضب الأب من غضب الرب، فهلا استقمنا ليتوب الله علينا ويرحمنا، هلا عُدنا إلى صوابنا وجعلنا أول اهتماماتنا آباءنا.
- نرى من توفى أبواه يندم أشد الندم وتمنى لو أن رجعوا دقيقة، التبسم في وجوههم وأعطاهم من وقته اليوم كله بل والعمر بأكمله.
- روى أبو هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم “رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف”، فقيل “من يا رسول الله”، قال “من أدرك أبويه عند كبرهم أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة” صدقت يا رسول الله.
- كيف لنا أن لا نغتنم فرصة سانحة لدخول الجنة هديةً من الله لنا، غفلنا أن بر الوالدين دَين مُستوجبًا علينا أن نوفيه ليعطيه لنا أبناءنا.
- نسمع اليوم عن زوجات يُحرضن أزواجهم على آبائهم، ويسّخطون حين يُنفق الابن جزءًا ولو صغيرًا من ماله لأبيه،
ألا تعلم تلك الزوجة أن ذلك مردودًا لها من أبنائها لا محالة؟. - استغفروا الله ثم توبوا إليه واتقوا يومًا تُرجَعون فيه إلى الله ثم توَفى كلُ نفسٍ ما كسبت، مستعدون لذلك اللقاء؟.
شاهد أيضاً: بحث كامل عن بر الوالدين
قصص عن بر الوالدين
ليس هناك مثالًا أجمل من قصة سيدنا عيسى ويحيى عليهما السلام، والذين ذكرهم الله في كتابه العزيز في آيات تعجز عن تفسير جمال معناها الكلمات.
- قال تبارك وتعالى في سورة مريم آية 14 “وبَرَاً بوالديه ولم يكُن جبَّارًا عَصيّاً”، لعله أشد ما قد يُعاقب الله به الإنسان أن يعصي والديه فيكون ذلك سببًا في شقائه.
- وصف الله سبحانه وتعالى سيدنا يحيى ونزههُ من تلك المعصية الشنيعة وجعل قلبه هينًا لينًا.
- يُطيعهما ويُحسن إليهما قولًا بطيب كلامه وصوته المنخفض، وفعلًا بقضاء حوائجهم وخدمتهم وبذل كل غالٍ ونفيس فداهم.
- نسرد قول الله تعالى في سورة مريم آية 32 “وبَرَاً بوالدتي ولم يجعلني جبارًا شقيًا”، أيُعقل أن يرتبط بر الوالدين بعدم الشقاء.
- كان يصف الله جل وعلا سيدنا عيسى عليه السلام وكيف كان بارًا بوالدته البتول مريم، إلى ذلك الحد الذي رفع عنه الشقاء والجبروت، فكم راعي مشاعرها ويجبر بخاطرها وترفق بها.
بر الوالدين في القرآن الكريم
كتب الله تبارك وتعالى على المؤمنين الإحسان والبر بالوالدين وترك العقوق بشتى أنواعه، حيث:
- أوجب مُصاحبتهم بالمعروف وإن لم يكونا مؤمنَيَّن، واستثنى سبحانه أن نطيعهم حين يأمروننا بالشرك بالله ومعصيته، أما ما عدا ذلك فليس عليك إلا الطاعة.
- بدأ في قوله تعالى في سورة لقمان “ووصينا الإنسان بوالديه حَمَلَتهُ أُمُهُ وهنًا على وهنٍ وفصالُهُ في عامين أن اشْكُر لي ولوالديك إلىَّ المصير، وإن جاهداك على أن تُشرِكَ بي ما ليس لك به علمُّ فلا تُطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا”.
- يبين الله لنا مدى تعب الأم في أبناءها، منذ أن حملت وحتى أرضعت وفطمت وكيف كبَّرت وربَّت وكم سهرت وتحملت.
- أليس كل ذلك يستحق منا برهم وطاعتهم، فكم تحمل الأب من مشقةٍ وتعب ليُلبي طلبات أبنائه، كم حرموا أنفسهم متاع الحياة لإسعادهم.
- أقل شكر منا على كل ذلك هو تحملهم حين يكبروا، ومُراعاتهم وقضاء حوائجهم والترفق بهما.
- أرأيت إذ أمروا بمعصية الله؟ أهناك ذنب أكبر من هذا؟ أهناك ما يستحق النفور من أي شخصٍ كان أكثر من هذا الأمر؟.
- حينها ترفق الله بهما وأمرك بعدم طاعتهم في المعصية، لكن إجلالًا لمكانتهم أمرك ومصاحبته بالمعروف في الدنيا وإن كانوا كافرين.
- كفرهم هذا لا يُعطيك حق معصيتهم وتركهم، بل تقضي حوائجهم وتعمل على نَيْل رضاهما لتستريح مقعدك في الجنة، جارًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
شاهد أيضاً: بحث عن عقوق الوالدين وأضراره
حق الوالدين في الكِبَر
- بالنظر إلى كِبَرهما، كيف لك أن تتعامل مع ذلك وتنال الجنة جزاءًا بحسن صنيعك.
- لم يتركنا الله دون وصية تُثقل من قدرهم، وتُشعرك بمدى وجوب الرحمة في التعامل معهما.
- حين تقرأ قوله تعالى “وقضى رَبُك ألا تعبدوا إلا إيَّاه وبالولدين إحسانًا، إما يبلُغَنَّ عِندك الكِبَر أحدهما أو كلاهما فلا تَقُل لهما أُفٍّ ولا تنهرهما وقل لهما قَوّلاً كريمًا، واخفض لهما جَنَاحَ الذُلِّ من الرحمةِ وقُل ربِّ ارحمهما كما ربَّياني صغيرًا” سورة الإسراء.
- تأمل قوله حين قال “إمَّا يبلُغَنَّ عِندك الكِبَر” فتلك إشارة إلى أنه من واجبك إن كنت متزوجًا أن لا تتركهم وحدهم بل تأخذهم “عندك”.
- تقوم على رعايتهم الرعاية الكاملة الواجبة فهذا ليس فضلًا منك، بل هو تكليف وأمر من الله سبحانه وتعالى لتنال رضاه وجنته.
- إن لم تفعل فيا أسفاه على ما فرطت من حق الله عليك وامتثالاً لأمره، فكيف تأمن غضبه وترجو جنته وأنت مفرطًا؟.
- أرأيت قوله ” لا تَقُل لهما أُفٍّ” كيف لنا أن يأمرنا الله بترك كلمة أُف، والتي هي هيِّنَةٍ إذا ما قورنت بأي سبٍ آخر.
- هناك من يستشيط غضبًا عليهم أو يتذمر من طلباتهم ويتركهم مرضى دون عون واهتمام، فكيف إذا تركتهم وحدهم لا تنظر ماذا يأكلون؟ كيف يبيتون الليل مستوحشًا؟ من يقضي حوائجهم؟.
شاهد أيضاً: بحث كامل عن بر الوالدين
وصايا النبي صلى الله عليه وسلم بالوالدين
كثيرًا ما يُخطئ الأبناء ويبخلون بأموالهم على آبائهم، ولا يعلمون أن بإنفاق ذلك المال عليهم تزداد بركته ويرزقهم الله به رزقًا واسعًا في الدنيا والآخرة.
- أتعلم كم يكتب الله لك جبالًا من الحسنات حين تُسامرهم وتتبسم في وجهه؟ فما بالك إن قَبَّلت أيديهم، وأطعمتهم بيداك وأبديت حنانك وحبك، وسهرت على راحتهم.
- الشخص الذي يفعل كل ذلك في منزلة المجاهد في سبيل الله، بل بِرك بهما مُقدمًا عن جهادك في سبيل الله.
- جاء رجل إلى رسول الله يستأذنه أن يُجاهد في سبيل الله، سأله النبي “أحيُّ والدك؟” أي هل ما زالا على قيد الحياة؟ قال الرجل “نعم”، فرد رسولنا الكريم بقوله “ففيهما فجاهد”.
- رحماك ربي ما أعظمك، ألتلك الدرجة أجر بر الوالدين؟ أتُريد رضا الله؟ فقط بر والديك وحتمًا ستناله فليس بعد رضاه سوى الجنة.
- ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في صحيحي البخاريّ ومسلم عن عبد الله بن مسعود رضيّ الله عنهما حين سأل رسول الله “أي الأعمال أحبُّ إلى الله؟ فقال الصلاة على وقتها، فقلت ثم ماذا؟ وقال بر الوالدين” فقلت ثم ماذا؟ فقال الجهاد في سبيل الله” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
- روى الإمام مسلم في صحيحه أن رجلًا أقبل إلى النبيّ فقال له “أبايعك على الهجرةِ والجِهاد ابتغاءًا لوجه الله عز وجل وأجره، فقال النبيّ “فهل من والديك أحد حيّ” قال “نعم بل كلاهما” قال “فتبتغي الأجر من الله؟” قال “نعم” فقال “فارجع إلى والديّك فأحسن صحبتهما” أخرجه مسلم.
- يعجب الناس من ذلك الأمر فحين ننظر إلى كلا الجهادين (الجهاد في سبيل الله وبر الوالدين) نجد أن الأول تطوعي والثاني أمر تكليفي من الله عز وجل.
- يجب عدم التراخي عن أدائه أبدًا ما دمت حيًا ومهما كانت الظروف قاسية من حولك، فإن السبيل إلى تيسيرها والنجاة منها هو بر الوالدين.
تُريد سعادة الدارين وصلاح الحال والفلاح المنقطع النظير، كل ما عليك هو بر والديك والإحسان إليهما والدعاء لهما، وانطلاقًا من دور المجتمع في ذلك فلابد وأن يقدم خطبة عن بر الوالدين تحمل كل الأحكام والقصص والعبر والأحاديث النبوية التي أقرها رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه، وأن يعلم كل ابن وابنه قدر الخير الذي أعده الله لهم في دنياهم وأخراهم نظيرًا لبرهم، كما نُخوِّفَهم من عذابه وغضبه لعقوقهم لكي لا يستهينوا ويبذلوا قصارى جهدهم، كي ينالوا رضاهم الذي به ينالوا رضا ربهم وجنته.
شاهد أيضاً: جدول الصلاة للاطفال .. تعلم كيفية المحافظة على الصلاة في أوقاتها