عشرات السنين
أشار الأستاذ في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض الدكتور علي الحمود لـ«الوطن»، إلى أن العالمية، تتطلب انتشار الكتاب في محيطه المحلي أولًا، ثم انتقاله إلى المحيط الإقليمي، ثم العالمي، والترجمة تسهم في انتشاره، ومن المهم أن يمتلك العمل رؤية ثاقبة، تتجاوز النظرة الضيقة، بمعنى أن يكون لدى الكاتب مشروع كبير يسعى إلى تحقيقه، وهذا المشروع قد يستغرق عشرات السنين، وأن يتحلى بالصبر والقدرة على سبر أغوار المجتمع، وربطه بعمق التاريخ، إن الرؤية العميقة المصحوبة بامتلاك الأدوات الفنية المتميزة، وموهبة فذة، تكونت عبر عشرات التجارب، هو السبيل إلى العالمية، إن كنا نرى ضرورة تحققها، موضحًا أن العالمية الحقيقة تنبثق من عالمية اللغة وانتشارها. وألا يبالغ الكاتب في الحرص عليها في بداية مشروعه.
ثقافتنا عن قرب
أضاف أن رؤية المملكة 2030، شاملة تسعى إلى وضع المملكة في مكانها الطبيعي على مستوى العالم، وهي رؤية طموحة بدأت ولن تقف، إلا بعد تحقيق أهدافها، ورغم أن الرؤية حددت عام 2030 لتحقيق أهدافها، فإننا نشهد بوادر تحقيقها بصورة جلية، فمكانة المملكة الرفيعة على مستوى العالم في مختلف المجالات تزداد وتترسخ وفق وتيرة سريعة، مبينًا أن الكاتب والكتاب السعوديان، هما جزء من هذه الرؤية التي تسعى إلى إبراز الثقافة السعودية على مختلف الأصعدة؛ لذا نجد انفتاح المملكة على ثقافات الشعوب الأخرى، وفتح المجال بوسائل عدة للآخرين للتعرف على ثقافتنا عن قرب.
الواقع والخصوصية
أكد أن نكتب رواية متميزة أولًا، وهذا حاصل نسبياً في بعض التجارب الروائية المحلية، لكن لا بد أن يتحول العمل الروائي إلى مشروع يرتبط بالمجتمع، ويرسخ قيمه الحقيقية، ويحتاج إلى القراءة العميقة في تراث الفن الروائي واتجاهاته، ولا بد أن يقوم النقد بوظيفته الحقيقية، من خلال توجيه حركة الإبداع وعدم الاكتفاء بدور المتابع لما يصدر. العمل الروائي الحق الجدير بالانتشار هو ذلك العمل المعبر عن مجتمعه، بأساليب روائية تنبعث من التراث القديم والحديث، فيحدث امتزاج بين المضمون والرؤية، وهذا ما نجده في بعض الأعمال الروائية المحلية التي امتاحت من التراث، وقدمت التاريخ مستعينة بفضاءات عتيقة أصيلة، أو يتعمق في واقع المجتمع في مراحل تطوره المفصلية، فيقدمه بصورة عميقة. وتجاربنا الروائية في هذا المجال بحاجة إلى مزيد من العمل؛ ليحقق الأدب بوصفه نشاطًا اجتماعيًا الرؤية الطموحة لبلادنا، ملمحًا أن العالمية في ميدان الرواية تنبع من الواقع والخصوصية، فالوصول إلى العالمية يحتاج إلى البراعة في تقديم الواقع. هاجس ملح
شدد على أن العالمية ينبغي ألا تكون هاجسًا ملحًا، وإنما الاهتمام بالتميز والإبداع في مختلف المجالات، مستشهدًا بالأديب نجيب محفوظ عندما وصل إلى العالمية كان ذلك عند طريق مشروع واضح المعالم، إذ مر بتاريخ مصر القديمة ثم الحديثة، ثم انتقل إلى الحارة المصرية، فتحققت له العالمية من خلال شغفه الذي أنتج ذلك العمل، ومثل راوية (الحرب والسلم) لتولستوي، وفيها سجل الكاتب قصة المجتمع الروسي إبان حملات نابليون على روسيا، مبينًا أن الوصول إلى العالمية، وهذه الرواية عمرها أكثر من قرن ونصف من الزمن، وما زالت تُقرأ في شتى بقاع الأرض. قال: في مشهدنا الثقافي نحتاج إلى حضور المشاريع الحضارية في كتاباتنا الأدبية والثقافية، وأن هناك بعض الكتاب كان يمكن أن يصلوا إلى العالمية، لامتلاكهم المشروع، لكن هناك ظروف حالت دون ذلك، فهناك روايات رجاء عالم، وروايات محمد علوان، وهما كاتبان يمكن أن يصلا إلى العالمية بمفهوم من المفاهيم، لكن وصولهما سيكون عن طريق الترجمة، وهذا حاصل في بعض أعمالهما المترجمة، لافتًا إلى أن الوصول الأهم هو الذي يكون عن طريق اللغة الأم، وهذا غير متحقق حاليًا، وتبقى الترجمة الخيار المتاح حاليًا.
هل لديك سؤال؟
تابعنا على السوشيال ميديا او اتصل بنا وسوف نرد على تساؤلاتك في اقرب وقت ممكن.