في مثل هذا اليوم، الموافق 30 نوفمبر، رحل عن عالمنا صاحب الحنجرة الذهبية الشيخ عبدالباسط عبدالصمد، الذي ما زال صوته يدوي في جميع آفاق العالم الإسلامي، وأصبح صاحب مدرسة عرفت باسم «الصمدية»، ولقب بعدة ألقاب، منها «صوت مكة»، و«صوت السماء»، وقد وصفه كثير من مشايخه بكثير من الأوصاف، وذكروا فضله وتميزه عن غيره، هذا ما نقدمه لكم خلال هذا التقرير حسب ما ذكرت موسوعة «مداد» المتخصصة في شؤون القرآن.
مولد الشيخ عبدالباسط
ولد الشيخ عبدالباسط عبدالصمد سليم، في 1 يناير عام 1927، بإحدى قرى مركز أرمنت التابع لمحافظة قنا، قبل أن ينضم المركز لمحافظة الأقصر مؤخرًا، ألحقه والده بكتاب القرية في سن صغير، وحفظ القرآن الكريم قبل أن يكمل العاشرة من عمره، ثم سافر في الـ13 إلى مدينة طنطا ليتلقى علوم القراءات على يد الشيخ محمد سليم، الذي كان كتابه من أشهر الكتاتيب، التي يقصدها أهل القرية والقرى المجاورة.
لم يكن هدف الشيخ أن يكون قارئًا لمنطقته كما كان هدف غالبية جيله بل كان أكبر من ذلك بكثير إذ كان يقول عن نفسه: «أنا أقسو على نفسي وأتعب حتى أجيد الحفظ وأدرس العلوم الشرعية حتى أصبح قارئا على مستوى القطر وليس قارئا على القرافة».
رحلته مع الشيخ البطيخي
كان الشيخ عبدالصبور البطيخي أحد المشايخ الكبار الذي تعلم وتربى الشيخ عبدالباسط القرآن على يدهم، فيقول فيه: «رغم أن الشيخ عبد الباسط كان صغيرًا، فإن صوته كان يحدث أثرًا كبيرًا في نفسي ونفس كل من سمعوه».
ويضيف: «كان مستوى حفظ الشيخ عبد الباسط للقرآن وأبيات الشاطبية متميزًا عن أقرانه، وعندما كان يتردد على دواوين القرية كان يقرأ القرآن منذ طفولته بالتجويد، وكان صوته جميلًا منذ صغره، يلتف أهل القرية حوله ليستمعوا إليه ويعجبوا به أشد الإعجاب».
وذات مرة كان الشيخ العارف بالله أحمد أبو الوفا شرقاوي، في إحدى زياراته لإحياء المجلس الشرقاوي، فطلب من الشيخ عبد الباسط القراءة بصوته فلما انتهى دمعت عيناه وقال: «إن صوت هذا الصبي يحيي فيَّ روح التصوف فمن لا يشعر بشجن صوت الشيخ عبد الباسط ليس لديه عواطف إيمانية»، وأهداه خمسين قرشًا.
من الحسين بدأت الشهرة
وعن بداية شهرة صاحب الحنجرة الذهبية يروي الشيخ البطيخي قائلًا: «في شهر رمضان كان الشيخ عبد الباسط يحيي لياليه في دواوين القرية، وكان لا يرد أحدًا يطلب منه أن يقرأ له من القرآن، ثم تنقل بين عدة محافظات، وفي إحدى مرات تنقله قرأ في مجلس المقرئين بمسجد الإمام الحسين، وعندما جاء دوره في القراءة كان من حظه أنه قرا ربعًا من سورة النحل، فأعجب به الناس، حتى كان الناس يستوقفونه من حين لآخر ليعيد لهم ما قرأه من شدة الإعجاب، ثم تهافتت الطلبات عليه حتى طلبته سوريا ليحيي فيها شهر رمضان فلم يوافق إلا بعد أن يأذن له شيخه.